بقلم / محمـــد الدكـــروري
عندما أسكن الله عز وجل آدم وحواء الجنة فقد نهاهما عن الأكل من شجرة معينه، بل تأملوا الدرس البليغ في قوله تعالي ” ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين” فهذا دليل على الأخذ بسد الذرائع فنهاهما عن مجرد القرب منها، خشية المقصود وهو الأكل منها، ولذا لما وسوس لهما الشيطان اقتربا منها وأكلا فعلا وخدعهما الشيطان بغرور وأيمان ولذا قد يُخدع المؤمن إذا حُلف له بالله وأوهمه الحالف أنه ناصح له، فالشيطان ما زال بهما يزخرف القول ويغريهما ويقسم الأيمان المغلظة حتى أوقعهما، وقيل أبَى آدم أن يأكل منها، فتقدمت حواء فأكلت، ثم قالت يا آدم كل، فإني قد أكلت فلم يضرّني، فلما أكل آدم بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة، فزينت حواء لآدم الأكل من الشجرة.
وقيل أن آدم هو الذى أكل قبل حواء، وقالوا وكان آدم وحواء في جوار الله، وفي داره ليس لهما رب غيره، ولا رقيب دونه، يأكلان منها رغدا، ويسكنان منها حيث شاءا وأحبا ، فأتاهما الشيطان في صورة غير صورته، فقام عند باب الجنة فنادى حواء يا حواء، فأجابته هي وآدم فقال ما أمركما به ربكما، وما نهاكما عنه؟ قالا أمرنا أن نأكل من شجر الفردوس كله غير هذه الشجرة التي في وسط الفردوس كيلا نموت، وقال إبليس فإن الله قد علم أنكما لستما تموتان، ولكن علم أنكما حين تأكلان من هذه الشجرة فتكونان ملكين يعلمان الخير والشر فحسدكما على ذلك، وإني أقسم لكما، يا آدم وحواء، إني لكما لمن الناصحين، إنها شجرة الخلد، من أكل منها لم يمت، وأيكما أكل قبل صاحبه، كان هو المسلط على صاحبه.
ولما أراد إبليس أن يستزلهما، دخل في جوف الحية، وكانت لها أربع قوائم كأنها بختية من أحسن دابة خلقها الله، فلما دخلت الحية الجنة خرج من جوفها إبليس، فأخذ من الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته، فجاء بها إلى حواء، فقال انظري إلى هذه الشجرة ما أطيب ريحها، وأطيب طعمها، وأحسن لونها، فأخذتها حواء فأكلت منها، ثم ذهبت بها إلى آدم، فقالت انظر إلى هذه الشجرة، ما أطيب طعمها، وما أحسن لونها، فأكل منها آدم، فبدت لهما سوءاتهما، فدخل آدم في جوف الشجرة، فناداه ربه يا آدم أين أنت؟ قال أنا هذا يا رب، قال ألا تخرج؟ قال أستحي منك يا رب، قال ملعونة الأرض التي منها خلقت، لعنة تتحول ثمارها شوكا، قال ولم يكن في الجنة ولا في الأرض شجرة كان أفضل من الطلح والسدر.
ثم قال يا حواء، أنت التي غررت عبدي، فإنك لا تحملين حملا إلا حملته كرها، فإذا أردت أن تضعي ما في بطنك أشرفت على الموت، وقال للحية أنت التي دخل الملعون في جوفك حتى غر عبدي، ملعونة أنت لعنة تتحول قوائمك في بطنك فلا يكون لك رزق إلا التراب، وأنت عدوة بني آدم وهم أعداؤك حيثما لقيت أحدا منهم أخذت بعقبه، وحيث لقيك شدخ رأسك.