بقلم الدكتور / محمود محمد علي
هل أكتشف المصريون القدماء الولايات المتحدة الأمريكية؟
قد يقول قائل: لماذا كل هذا التدقيق والتفصيل حول هذا الموضوع وخاصة أنه لم يخرج عن نطاق النظريات التى لا يوجد عليها دليل مادى ملموس.. ونقول رداً على ذلك:
“أن التاريخ ملئ بالأحداث الهامة التى لا يوجد دليل عليها سوى أقوال الرواة والمؤرخين القدامى الذين عاصروها. ومع ذلك فما تزال تروى فى التاريخ من جيل إلى جيل. وطالما جاءت هذه الحقائق فى مخطوطاتنا القديمة وعلى لسان مؤرخينا وعلماء الجغرافيا المسلمين الثقاة. فلا يجوز أن نغفلها أو نتنكر لها بل الواجب علينا نحو ماضينا وحضارتنا أن نقوم فى هذا المجال بالمزيد من الأبحاث والدراسات سواء منها النظرية أو العملية. وأن لا نبخل بالأموال فى سبيل هذا الهدف العظيم.. وأمامنا الأمثلة على ذلك.
فالعالم النرويجى هيردال قد أعلن نظرية تقول أن قدماء المصريين كانوا أول من اكتشف أمريكا وكان أول خيط استدل به على ذلك هو الشبه الكبير بين حضارة الفراعنة وحضارة قبائل (الانكا) فى أمريكا الجنوبية وخاصة فى أهراماتهم وملابسهم وعاداتهم.. ولكنه لم يكتف بهذا الدليل النظرى وحده.. بل صنع من ماله الخاص مركباً شبيهاً بمراكب الفراعنة من ورق البردى وابتدأ رحلته المثيرة من أهرامات الجيزة.. ونزل بالمركب فى البحر الأبيض المتوسط ثم المحيط الأطلسى.. ولولا العواصف لحقق هدفه ووصل إلى أمريكا وتحولت نظريته إلى حقيقة علمية.
ونفس النظرية ظهرت فى شمال أوربا.. وتقول أن الفايكنج قد اكتشفوا أمريكا قبل كولمبوس أثناء مغامراتهم فى المحيط الأطلسى.. وقد تبنى فريق كبير من علماء تلك البلاد هذه النظرية وأخذت جامعات السويد والنرويج تروج لها وتعمل على إثباتها. وعندما علموا أن إحدى مراكب الفايكنج غارقة فى المحيط وقاموا بانتشالها أخذوا يبحثون فيها بكل حماس عن أى أثر أو دليل على أنها كانت قادمة من أمريكا.
هذا هو ما تفعله الشعوب الحية العريقة من الحرص على ماضيها وحضارتها. فما بالنا نحن المسلمين نستحى من ذكر هذه الاكتشافات والانجازات. بدعوى أن الأدلة عليها غير ملموسة بشكل لا يقبل الجدل. بل أن الغالبية العظمى منا يحاولون الإقلال(30) من شأنها.. وقليلاً ما نجد مؤرخاً أو جغرافياً مسلماً فى عصرنا الحاضر يشير إليها فى كتبه.
