بقلم / ا.د. محمود محمد علي
ما هذا الي يجري ؟.. ما كل هذه التوترات ؟ .. ولماذا كل هذه التصريحات ؟ .. فنلندا والسويد في فوهة المدفع ؟.. فهل تدركان ذلك قبل فوات الأوان ؟.. يتساءل الروس .. أمريكا ترحب وتشجع .. أوربا ترغب وتسهل.. وتركيا تقول لا.. هذا ليس أمرا منطقيا وبوتن يتوعد ويهدد .. الأجواء مكهربة في أوربا .. والحرب تندلع في أي لحظة .. ولكنها ليست حربا أوروبية فقط، بل حرب عالمية ستجتاح الأخضر واليابس .. العالم واقف يترقب بقلق ولا يدري كيف سيكون المصير .. لكن مهلا لماذا كل هذا يا هؤلاء .. ترد موسكو الناتو يريد أن يتوسع في حدودنا فيتساءل الناس في العالم: ماذا لو انضمت فنلندا والسويد إلي حلف الناتو حقا؟.. اقترب الناتو من حدود روسيا ينبئ باقتراب الحرب العالمية الثالثة .. فما الذي سيحدث عندها يا تري؟..
الرئيس الروسي بوتن يكرر مرارا أن توسع حلف الناتو شرقا صوب الحدود الروسية من أسباب العملية الخاصة على أوكرانيا بعد أن اشتدت المعارك وخسرت أمريكا والغرب الكثير من الدعم .. فلا العقوبات نفعت ولا الدعم العسكري حسم .. ليفكر الغرب بضربة موجعة قد تثير جنون الدب الروسي .. وهنا يأتي قرار السويد بالانضمام للناتو .. وهو ذات القرار الذي وقعت عليه فنلندا الذي تشترك مع روسيا بحدود طولها 1300 كيلومتر بانعطافة تاريخية لهذين البلدين الذين لم ينضما أبدا إلى الحلف حتى في ذروة الحرب الباردة نتيجة للغزو الروسي لأوكرانيا .. فقد ظلت الدولتان على الحياد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية .. وكان الأوربيون يضربون المثل بحياد فنلندا الذي لا تشوبه شائبة .. لكنها اليوم قررت كسر حيادها والانضمام إلى حلف عسكري ولحقت بها السويد .
وهنا خرج الرئيس الفرنسي ” ايمانويل ماكرون” وقال أنه يدعم بشكل تام قرار فنلندا والسويد بينما تعهدت أمريكا بتسريع انضمام فنلندا والسويد للناتو وأكد البنتاجون أن القدرات العسكرية لفنلندا والسويد سترفع من قدرات الغرب في وجه موسكو إلى ما يسعي هؤلاء .. ألا يدركون العواقب الوخيمة لهذا القرار؟ .. وهنا خرج الأمين العام لحلف الناتو يؤكد أن فنلندا والسويد مؤهلتان للانضمام لكسب عضوية الحلف .. هل اقتربت الحرب أكثر؟.. إن تركيا وبلسان رئيسها رجب طيب أردوغان رفضت الأمر وحذرت من هذا الانضمام.. لكن لأنقرة شروط إن تمت تلبيتها فقد توافق أيضا على انضمام الدولتين للحلف .. وبينما يتوقع أن يستغرق الانضمام أكثر من عام مع المصادقة اللازمة قبل الأعضاء الثلاثين في الحلف .. فقد يتم الأمر بتدخل أمريكا ويتم قبول الدولتين في الحلف .. فماذا لو تم هذا القرار ؟..
وفيما يخص السيناريوهات المتوقعة فإنه ردا على قرار فنلندا والسويد ظهر الرئيس الروسي بوتن وأكد أن انضمام فنلندا والسويد إلى شمال الأطلسي الناتو لن يشكل تهديدا في حد ذاته لكن موسكو سترد على عمليات الانتشار العسكري في شمال أوربا .. وبما أن انضمام الدولتين خوفا من امتداد عمليات روسيا إليهم ، فإن الناتو سنشر جنوده وأسلحته هناك وهو التهديد الخطير الذي تحذر منه موسكو دائما .. فما الذي يعنيه نشر الأسلحة والجنود بالقرب من روسيا ؟..
ويأتي الرد من الكرملين هذه المرة الذي يهدد أن توسع الناتو بالقرب من روسيا لن يعزز الأمن في أوربا وسيتغير الوضع جذريا في أوربا وربما العالم .. فإن اصبحت هذه الدولتان في حلف الناتو ، فذلك يعني وببساطة اندلاع الحرب التى يخشاها العالم .. حرب شعواء خلال حرب أوكرانيا وقبل أن تقرر فنلندا والسويد الانضمام إلى الناتو .. قال بوتن لقد سمح كبار المسؤولين في دول الناتو القيادية لأنفسهم بالإدلاء بتعليقات عدوانية حول بلدنا .. لذلك أمر بوتن وزير الدفاع ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة بوضع قوة الردع التابعة للجيش الروسي في حالة تأهب .. فما بالنا بعد أن يتوسع الناتو روسيا لا بد أن يبدأ بوتن هجومه على كل أوربا .. وتمتلك روسيا أسلحة دمار شامل مرعبة .. فهناك الصواريخ العابرة للقارات والشيطان الأكثر ” سارمات” الذي يرعب العالم .. وهناك أسلحة الشمس الحارقة .. وما هو أهم واقوي من ذلك كله أكثر من تة آلاف رأس نووية .. فإلي أين ستهرب أوربا حينها .. صاروخ يسقط على فرنسا يدمر باريس معالم الجمال فيها ويحولها من مدينة الحب إلى مدينة الدم والدمار .. وقنابل تسقط في ألمانيا مدمرة المصانع وصواريخ تحمل رؤوس نووية ستحط في بريطانيا أشد أعداء روسيا في أوربا وتنهي مظاهر الحياة هناك ..
ولكن بالمقابل الناتو لن يقف مكتوف الأيدي .. وهناك ستشرك أمريكا بأسلحتها المدمرة أيضا وسيعم الدمار وخراب روسيا وأوربا وسيصل حتى أمريكا .. وبما أن الحرب قد اندلعت والعالم مشغول .. فالصين ستقف مع حليفتها روسيا .. وفي الوقت ذاته ستجتاح ” تايوان” في دقائق ، وتستعيد الجزيرة إلى أراضيها ، ومجنون كوريا الشمالية لن يترك روسيا أيضا ، وسيتسغل ذلك بتحقيق حلمه وسيشارك في ضرب أمريكا ، ولكن قبل ذلك لن ينسي نصيب جيرانه في كوريا الجنوبية واليابان .
هذه هي الحرب العالمية يا سادة ، فهل يدركها الناتو قبل فوات الأوان ؟.. وليس هذا كل شئ دول العالم ستنبش عدوات الماضي .. فقد نري إيران في حرب ضد إسرائيل ؟.. وقد يأخذ العرب بانتقامهم لفلسطين من المحتل الإسرائيلي .. قالها سيرجي رياكوف – نائب وزير الخارجية الروسي : يجب أن يكون لديهم أي أوهام عن أننا نغض الطرف عن ذلك ببساطة ولا يجب أن تفعل ذلك لا بروكسيل ولا واشنطن ولا باقي عواصم دول حلف شمال الأطلسي .. وأوضح أن الغرب لن يتوقع ما الذي يمكن أن يحدث للعالم حينها .. نتائج الحرب العالمية لا يمكن لأحد توقعها .. تمضي فنلندا والسويد فيما تريانه مصلحة لهما ، لكنهما لا تدركان مغبة قرارهما .. الناتو الحلف الذي يجمع 30 دولة .. هل يتجاهل كل تهديدات روسيا ويقبل جيران موسكو في الحلف مع معرفة الجميع أن روسيا لن تقبل أي تهديد وجودي لها .. وهناك يقول الروس : علينا وعلي أعدائنا .. فهل من رجل رشيد في الناتو يمنع الذي سيحدث في للعالم؟ .. العالم يترقب بصمت .. وكيف سيؤثر الموقف التركي الحالي على انضمام ستوكهولم وهلسنكي إلى الناتو؟
وعلى الرغم من أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن رسمياً رفض بلاده انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو، وتعهّد بعدم تكرار خطأ أنقرة السابق عندما وافقت قبل عقود على عضوية اليونان في حلف شمال الأطلسي، إلا أن المتحدّث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن قال لاحقاً إن تركيا لن تغلق الباب أمام عضوية ستوكهولم، وإنها ستثير هذه المسألة من منطلق “الأمن القومي” لأنقرة.
ومع أن الرئيس التركي اتّهم ستوكهولم وهلسنكي بدعم حزب “العمال الكردستاني” الذي يخوض تمرّداً مسلّحاً ضد أنقرة منذ العام 1984، وجماعة فتح الله غولن الذي يتّهمه أردوغان بالوقوف خلف المحاولة الانقلابية الفاشلة على حكمه والتي حصلت في منتصف شهر يوليو من العام 2016، إلا أن خبراء في الشؤون التركية نفوا أن يكون سبب الرفض التركي لانضمام كلتا الدولتين إلى الناتو متعلّقاً بالعمال الكردستاني وغولن.
وثمة نقطة أخرى طرح السياسى الفنلندى المُخضرم توماس مينى تساؤلاً حول جدوى انضمام كل من فنلندا والسويد لحلف شمال الأطلسى وما إذا كانت هذه الخطوة سوف تضمن لكلا البلدين تحقيق قدر أكبر من الأمن أم لا ؟
وأشار وزير الصناعة والتجارة الفنلندي الأسبق -في مقال نشرته صحيفة “الجارديان” البريطانية- إلى أن السويد ظلت لقرون طويلة تتبنى سياسة الحياد بينما ظلت فنلندا مشهورة بتبنيها سياسة إعلاء المصالح الوطنية العليا مستفيدين في ذلك بموقعهما الجغرافي الذي يربطهما بحدود مشتركة مع روسيا تصل إلى حوالى 830 ميلًا.
ولكن تقدم الدولتين بطلب رسمي للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي يعنى، كما يعتقد الكاتب، خروجًا على التقليد الأوروبي المعروف عنهما منذ قرون، موضحًا أن على فنلندا في هذه الحالة أن تتبنى سياسات تتفق مع التوجهات الأوروبية، ويقول الكاتب إن النخبة السياسية في فنلندا اعتمدت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية استراتيجية حكيمة حافظت من خلالها على علاقات متوازنة مع كل من روسيا ودول أوروبا الغربية وتمكنت من خلال تلك السياسة تحقيق نتائج جيدة حيث تحولت فنلندا من أفقر دولة أوروبية عام 1945 إلى دولة تتمتع بمستوى اقتصادي على قدم المساواة مع باقي الدول الأوروبية، إلا أنها عليها الآن التخلي عن هذه السياسة التي حققت من خلالها توازنًا في علاقاتها بين روسيا والغرب من أجل الانضمام إلى المعسكر الغربي بالكامل عن طريق عضويتها في حلف شمال الأطلسي.
ويتطرق الكاتب إلى رد فعل الكرملين تجاه طلب كل من فنلندا والسويد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي حيث يشير إلى أن الكرملين حذر من أي حشود عسكرية في كلا البلدين، موضحًا أن روسيا بقيادة فلاديمير بوتين لم تشر من قريب أو بعيد إلى القيام بأي أعمال عدوانية تجاه البلدين والتي ظلت لفترة طويلة من الزمن تحافظ على علاقات وطيدة معهما.
ويرى الكاتب أن المواجهات العسكرية التي وقعت في الماضي بين روسيا وفنلندا لا تعني على أي حال من الأحوال احتمال تكرارها، موضحًا أن من يتبنى مثل هذا الاقتراح عليه أن يفكر في العلاج النفسي لأن فنلندا الآن أصبحت من ضمن الدول المصنعة للسلاح إلى جانب أن نظام المخابئ المتطور لديها يجعل استخدام السلاح النووي ضدها عديم الجدوى.
ويعرب الكاتب عن اعتقاده أن انضمام فنلندا لحلف شمال الأطلسي يثير الكثير من الشكوك حول قدرتها على الحفاظ على سياسة إعلاء المصالح الوطنية العليا والتي استطاعت من خلالها تحقيق مكاسب واسعة عن طريق علاقاتها الجيدة مع موسكو ودول أوروبا الغربية، ولكن وبعد أن أصبحت فنلندا على وشك الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، يقول الكاتب، أنها أصبحت معرضة لخطر التخلي عن سياساتها المتوازنة السابقة والتي ثبت نجاحها على مدار عقود طويلة.
ويضيف الكاتب أن النخبة السياسية الحالية في فنلندا ترى أنها سوف تحقق معدلات أمان أعلى من خلال انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي دون أن يلتفتوا إلى الفقرة الخامسة من لوائح الحلف التي تنص على أن دفاع الحلف عن الدول الأعضاء يخضع لسلسلة طويلة من المباحثات.
ويختتم السياسي الفنلندي مقاله مستشهدًا بمقولة المفكر الفنلندي مارتي كوشكينيمي أن انضمام فنلندا لحلف شمال الأطلسي لا يعنى أنها سوف تصبح أكثر أمنًا غدًا بعد أن كانت تفتقده بالأمس.
المراجع :
1- السويد وفنلندا ” يقعان في الفخ الروسي ” وهذا ما سيحدث .!!.. يوتيوب
2-جوان سوز: لماذا تعارض تركيا عضوية فنلندا والسويد في الناتو؟، العربية نت، نشر في: 16 مايو ,2022: 03:42 م GST
3-لندن (أ ش أ): سياسى فنلندى يشكك فى جدوى انضمام السويد وفنلندا لحلف الناتو، اليوم السابع ،الأربعاء، 18 مايو 2022 09:37 ص