يوم مصرعك وانتقالك


بقلم / محمـــد الدكـــروري

يا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، فإن البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان، فإن العبد الصالح إذا حضرته الوفاة ورأى البشرى بالنجاة أحب لقاء الله فيحب الله لقاءه، فهذا خير البرية صلوات ربي وسلامه عليه في سكرات موته كان يقول بل الرفيق الأعلى بل الرفيق الأعلى وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها فعلمت أنه لا يختارنا وهذا بلال رضي الله عنه بينما كان يعتبر بعض أهله أن موته مصيبة وحزن كان يرد عليهم في سكرة موته بل وافرحتاه غدا نلقى الأحبة محمدا وصحبه، فهل تفكرت في يوم مصرعك وانتقالك.

من سعة إلى ضيق وقد فارقت الصاحب والرفيق وهجرك الأخ والصديق وأخذت من فراشك وغطائك ولين لحافك، وغطوك بالتراب؟ فروي عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال”أول ما يبشر به المؤمن روح وريحان وجنة نعيم، وأول ما يبشر به المؤمن أن يقال له أبشر ولي الله برضاه والجنة قدمت خير مقدم، قد غفر الله لمن شيعك، واستجاب لمن استغفر لك وقبل ممن شهد لك، وما من ميت يوضع على سريرة فيخطى به ثلاث خطى إلا نادي بصوت يسمعه من يشاء الله، يا أخوتاه، ويا حملة نعشاه، لا تغرنكم الدنيا كما غرتني ولا يلعبن بكم الزمان كما لعب بي، أترك ما تركت لذريتي، ولا يحملون عني خطيئتي.

وأنتم تشيعوني ثم تتركوني، والجبار يخاصمني” فأنتم شهداء الله في أرضه من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرا و جبت له النار، وإنما تثنون على المرء حقا بعد موته وانقطاع أملكم منه فلا ترجونه ولا تخافونه فتجاملونه، والثناء بحسب البينة لا بالأمنية فمن أثنيتم عليه بكثرة ذكر الله وطاعته، وحسن معاملته لعباده وإحسانه إلى مستحقه، وكف الأذى عن ليس أهلا له فتلكم الشهادة بالجنة، ومن ذكرتموه بالغفلة عن الذكر وهجران المساجد، والعقوق وقطيعة الرحم والإساءة إلى الجيران وظلم الخلق والجشع وبذاءة اللسان فتلك شهادة له بالنار وثبت في مسند الإمام أحمد وغيره قول النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

” ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة أهل أبيات من جيرانه الأدنين أنهم لا يعلمون منه إلا خيرا إلا قال الله تعالى قد قبلت علمكم فيه وغفرت له ما لا تعلمون” فالمؤمن المشهود له بالخير يستريح بالموت من عناء الدنيا وتعبها إلى الجنة وما أعد الله تبارك وتعالى له فيها من كريم المثوبة والرضوان، فإنما يستريح من غفر له وتقبل عمله، وأما الفاجر فإنه إذا مات يفضي إلى السخط والعذاب، ويستريح منه العباد والشجر والدواب فاعتبروا يا أولي الألباب، واستعدوا ليوم الحساب ولا تغفلوا فإنه ليس بمغفول عنكم ولا بد لكم من الإياب فقال تعالى ” إن إلينا إيابهم، ثم إن علينا حسابهم “

فهذه أسواق الدنيا وما أدارك ما أسواق الدنيا الشيطان يرفع رايته وينصبها فيها انتصارا وإعلانا منه على أنه لم يخسر معركة الأسواق ففيها تجد الكذب، والغش والاختلاط، والسرقة، إلا من رحم ربك راجت فيها بضاعته، وذلك يدل على كراهة دخول الأسواق، ومحل هذه الكراهة لمن لم يكن له حاجة في السوق من بيع وشراء أو حسبة أو زيارة ونحو ذلك من المقاصد، ولقد كانت الرسل الكرام يبتغون من فضل الله فيها بالتجارة والشراء ونحو ذلك، وكان الصحابة يتاجرون ويحترفون في الأسواق، وكان ابن عمر وأبو هريرة يدخلان إلى السوق أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.