يا غلام هل لك في الإسلام

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الثلاثاء الموافق 17 سبتمبر 2024

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على رسوله الصادق الأمين، وأصحابه الغر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد هذا هو الصحابي الجليل بلال بن رباح الحبشي أبو عبد الله، الشديد السمرة النحيف الناحل المفرط الطول الكث الشعر، لم يكن يسمع كلمات المدح والثناء توجه اليه، الا ويحني رأسه ويغض طرفه ويقول وعبراته على وجنتيه تسيل، انما أنا حبشي كنت بالأمس عبدا، وذهب يوما رضي الله عنه يخطب لنفسه ولأخيه زوجتين فقال لأبيهما أنا بلال وهذا أخي، عبدان من الحبشة، كنا ضالين فهدانا الله، وكنا عبدين فأعتقنا الله، إن تزوجونا فالحمد لله، وان تمنعونا فالله أكبر، فإنه حبشي من أمة سوداء، وكان عبدا لأناس من بني جمح بمكة، حيث كانت أمه إحدى إمائهم وجواريهم.

ولقد بدأت أنباء محمد تنادي سمعه، حين أخذ الناس في مكة يتناقلوها، وكان يصغي الى أحاديث سادته وأضيافهم، ويوم إسلامه كان الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر معتزلين في غار، إذ مرّ بهما بلال وهو في غنم عبد الله بن جدعان، فأطلع الرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم رأسه من الغار وقال ” يا راعي هل من لبن؟” فقال بلال ما لي إلا شاة منها قوتي، فإن شئتما آثرتكما بلبنها اليوم” فقال رسول الله إيتي بها” فجاء بلال بها، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقعبه، فاعتقلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلب في القعب حتى ملأه، فشرب حتى روي، ثم حلب حتى ملأه فسقى أبا بكر، ثم احتلب حتى ملأه فسقى بلالا حتى روي، ثم أرسلها وهي أحفل ما كانت، ثم قال “يا غلام هل لك في الإسلام؟

فإني رسول الله” فأسلم، وقال له صلى الله عليه وسلم اكتم إسلامك، ففعل وإنصرف بغنمه، وبات بها وقد أضعف لبنها، فقال له أهله “لقد رعيت مرعى طيبا فعليك به” فعاد إليه ثلاثة أيام يسقيهما، ويتعلم الإسلام، حتى إذا كان اليوم الرابع، فمر أبو جهل بأهل عبد الله بن جدعان فقال ” إني أرى غنمك قد نمت وكثر لبنها؟ فقالوا قد كثر لبنها منذ ثلاثة أيام، وما نعرف ذلك منها؟ فقال عبدكم ورب الكعبة يعرف مكان ابن أبي كبشة، فامنعوه أن يرعى المرعى، فمنعوه من ذلك المرعى، ودخل بلال بن رباح ذات يوما الكعبة وقريش في ظهرها لا يعلم، فالتفت فلم يري أحدا، أتى الأصنام وجعل يبصق عليها ويقول “خاب وخسر من عبدكن” فطلبته قريش فهرب حتى دخل دار سيده عبد الله بن جدعان فإختفى فيها.

ونادوا عبد الله بن جدعان فخرج فقالوا له أصبوت؟ قال ومثلي يقال له هذا؟ فعليّ نحر مئة ناقة للات والعزي، فقالوا فإن أسودك صنع كذا وكذا، فدعا به فالتمسوه فوجدوه، فأتوه به فلم يعرفه، فدعا راعي ماله وغنمه فقال من هذا؟ ألم آمرك أن لا يبقى بها أحد من مولديها إلا أخرجته؟ فقال كان يرعى غنمك، ولم يكن أحد يعرفها غيره، فقال لأبي جهل وأمية بن خلف، شأنكما به فهو لكما، اصنعا به ما أحببتما، وتجثم شياطين الأرض فوق صدر أمية بن خلف الذي رأى في اسلام عبد من عبدانهم لطمة جللتهم بالخزي والعار، ويقول أمية لنفسه إن شمس هذا اليوم لن تغرب الا ويغرب معها اسلام هذا العبد الآبق، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.