ورفعناه مكانا عليا


بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد مر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بإدريس ليلة الإسراء والمعراج، وهو في السماء الرابعة، فسلم عليه فقال صلى الله عليه وسلم “فأتيت على إدريس فسلمت، فقال مرحبا بك من أخ ونبي” رواه البخاري، وقد اختلف العلماء في مسقط رأس النبي إدريس عليه السلام، فمنهم من قال بأنه ولد في فلسطين، وغيرهم قالوا في مصر وبابل، وكانت نشأته في فلسطين حيث إنه تعلم علم أجداده، وأدرك من حياة آدم عليه السلام ثلاثمائة وثمانية سنين، لأن البشر قديما كانوا من أصحاب العمر المديد جدا، وعندما بلغ واشتد عوده اختاره الله تعالي بأن يكون من أولي العزم ونزلت عليه الرسالة، وقيل سمي نبي الله إدريس بهذا الاسم لأنه مشتق من الدراسة، وذلك لكثرة درسه الصحف.

التي أنزلت على أبو البشر آدم وابنه شيث عليهم الصلاة والسلام، وقيل إن نبي الله إدريس هو أول من خط بعد آدم عليه السلام وقطع الثياب وخاطها، وينسب إلى هذا النبي الكريم أشياء كثيرة مما هي كذب وافتراء، ونبي الله إدريس عليه الصلاة والسلام وهو ثالث الأنبياء بعد أبونا آدم وشيث عليهم السلام، وروي أن نبي الله إدريس عليه الصلاة والسلام جاءه ذات مرة إبليس في صورة إنسان وكان نبي الله إدريس يخيط وفي كل دخلة وخرجة يقول سبحان الله والحمد لله، فجاءه إبليس اللعين بقشرة، وقال له الله تعالى يقدر أن يجعل الدنيا في هذه القشرة؟ فقال له إدريس عليه السلام، الله تعالى قادر أن يجعل الدنيا في سمّ هذه الإبرة أي ثقبها، ونخس بالإبرة في إحدى عينيه وجعله أعور.

وهذا ليس ثابتا من حيث الاسناد، وأما قول نبي الله إدريس عليه السلام، الله تعالى قادر أن يجعل الدنيا في سم هذه الإبرة، أراد به أن الله تبارك وتعالى قادر أن يصور الدنيا أصغر من سم الأبرة ويجعلها فيه، أو يجعل سم الأبرة أكبر من الدنيا فيجعلها أي الدنيا في سم الإبرة، لأن الله تبارك وتعالى على كل شىء قدير، وإنما لم يفصل له إدريس عليه الصلاة والسلام الجواب لأنه معاند، ولهذا عاقبه على هذا السؤال بنخس العين، وقد أخذ إدريس عليه السلام في أول عمره، بعلم شيث بن آدم عليهما السلام، ولما كبر آتاه الله النبوة والرسالة وأنزل الله عليه ثلاثين صحيفة كما جاء في حديث أبي ذر رضي الله عنه الذي رواه ابن حبان، فصار عليه السلام يدعو إلى تطبيق شريعة الله تعالي.

المبنية على دين الإسلام الذي أساسه إفراد الله تعالى بالعبادة، واعتقاد أنه لا أحد يستحق العبادة إلاّ الله، وأن الله خالق كل شىء ومالك كل شىء وقادر على كل شىء، وأن كل شىء في هذا العالم يحصل بمشيئة الله وإرادته وأن الله تبارك وتعالى لا يشبه شيئا من مخلوقاته، ولا يشبهه شىء من خلقه، ولقد دعا إدريس عليه السلام قومه إلى الإيمان بالله تعالى وحده، وذلك لما أصابهم من بعد آدم وشيث من ضياع وسوء ونزاعات وظلم وعدم اتباع شريعة الله عز وجل التي أنزلها، ولكن فئة صغيرة منهم رجعوا عما كانوا فيه، وفئة كبيرة حاربته ومن معه، فخرج فيهم إلى مصر، فتوقف عند النيل وأخذ يسبح اسم الله ويمجده ويدعو الناس إلى مكارم الأخلاق وطاعة الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.