ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله القائل في محكم التنزيل “أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء” وأشهد أن لا إله إلا الله وفق من شاء لاتباع الملة والسنة، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله وخيرته من خلقه وهو القائل “ما تركت شيئا يقربكم إلى الله إلا وقد أمرتكم به، وما تركت شيئا يبعدكم عن الله إلا وقد نهيتكم عنه” اللهم صلي وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد لقد تفضل الله تعالي علينا بالنعم ولكن أيها الإخوة المؤمنون كيف نشكر هذه النعم ومن أبرزها نعمة الأمن والطمأنينة، فإذا رجعنا إلى المرحلة الأولى من الدعوة الإسلامية من خلال القرآن الكريم فنجد أن الله تعالى يذكر المؤمنين من الرعيل الأول.

بعد هجرتهم إلى المدينة المنورة ” واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيّدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون” حيث كانوا قليلين فكثرهم، ومستضعفين خائفين فقواهم ونصرهم وفقراء عالة فرزقهم من الطيبات وإستشكرهم فأطاعوه وإمتثلوا جميع ما أمرهم به هذا هو حال المؤمنين بمكة مع إسقاط ذلك على أحوال المؤمنين، ومما لا شك فيه أن المؤمن يشكر الله تعالي على هذه النعم المختلفة ومنها نعمة الأمن ونعمة الطمأنينة والصحة والعافية وغيرها ولكن ما هو الشكر؟ هو ظهور أثر نعمة الله على لسان عبده شهودا ومحبة، وعلى جوارحه إنقيادا وطاعة.

والشكر بني على خمسة قواعد أساسية وهم خضوع الشاكر للمشكور، وحبه له وإعترافه بنعمته وثناؤه عليه بها وأن لا يستعملها فيما يكره، والله تعالى أثنى في القرآن الكريم على أول رسول إلى أهل الأرض وهو سيدنا نوح عليه السلام فقال “ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا” والناس صنفان شاكر وكفور قال تعالى “إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا” واعلموا يرحمكم الله أن الله سبحانه وتعالى فرض علينا فرائض وأوجب علينا واجبات بعضها بدني، وبعضها مالي، وبعضها مالي وبدني في آن واحد، والحكمة من كل ذلك إختبار إيماننا ويقيننا، فمن الناس من هو مستعد بجهده ووقته، لكنه غير مستعد للتضحية بماله.

ومنهم من هو على العكس من ذلك تماما والعبادة الحقيقية تعني أن نعبد الله بما شرع وبما أوجب علينا لا بما نهوى ونشتهي، فإذا أمرنا بالجهد العضلي، بذلنا الجهد العضلي، وإذا أمرنا بإنفاق المال، أنفقتا المال وإذا أمرنا بهما جميعا فعلنا ذلك طائعين لله منقادين وقد ذكر الله عز وجل أولئك المعترضين على أمر الله وفريضته في إنفاق المال وشنع عليهم، ورد حججهم السخيفة، فقال جل شأنه ” وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه إن أنتم إلا في ضلال مبين” فنسي هؤلاء أن المال لله، وأنه تعالى مستخلفهم فيه وما هم إلا وكلاء عنه، يجب أن يأتمروا بأمره وينتهوا عن نهيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.