بقلم / محمـــد الدكـــروري
إنه ينبغي على الانسان أن يتخذ الطرق الوقائية دائما والأخذ بالأسباب وقد جاءت الشريعة شريعة الله جل وعلا إلينا بالتأكيد على مثل ذلك، فالأخذ بالأسباب واتباع تعليمات وتوجيهات جهات الاختصاص واولي الأمر، وعدم المبالغة في التوهم فبعض الناس يتوهم المرض وهو لم ينزل به وقد يؤدي ذلك في بعض الاحيان الى الموت، فمن الذي يفزع إليه المكروب، ويستغيث به المنكوب، وتصمد إليه الكائنات، وتسأله المخلوقات، وتلهج بذكره الألسُن، وتؤلهه القلوب؟ إنه الله لا إله إلا هو، وإن من الأمور المتقررة لدى جميع المسلمين، أن هذه الحياة الدنيا دار ابتلاء وامتحان واختبار، ولقد خلق الله عز وجل العباد فيها ليبلوهم أيهم أحسن عملا، فليست هي بدار الخلود والبقاء والاستقرار، وإنما هي دار رحيل وانتقال يُمتحن العباد فيها ويختبرون.
ليميز الله تبارك وتعالى الطيب من الخبيث والحسن من الرديء والصالح من الفاسد، وتأملوا معاشر المؤمنين تأملوا في هذا قول الله تبارك وتعالى فى سورة الكهف” إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا، وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا” وهذه الآيات هي من الآيات العشر التي افتتحت بها سورة الكهف، وعن أبى الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال” من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف، عُصم من الدجال ” رواه مسلم، وعن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة، أضاء له من النور ما بين الجمعتين” فهذا من فضائل هذه الآيات، ومن فضائلها ومناقبها الحميدة وآثارها المباركة على من يحفظها ويقرؤها ويتأمل في دلالاتها، وكم هو جميل بنا أن نتأمل هذه الآيات.
فكل ما على الأرض من طعام وشراب ولباس ومسكن وأنهار وأشجار وأودية وجبال، وغير ذلك مما على وجه الأرض كل ذلك أوجده الله سبحانه وتعالى زينة لهذه الأرض، ولما جعله زينة؟ قال تبارك وتعالى ” لنبلوهم أيهم أحسن عملا” فالحياة الدنيا بمباهجها ومفرحاتها وأنواع ملذاتها هي دار امتحان وابتلاء واختبار ليعلم المسيء من المفسد والصالح من الفاسد والحسن من القبيح، فقال تعالى فى سورة الأنفال ” ليميز الخبيث من الطيب” فلنتأمل ذلك ثم ماذا إن جميع ما على وجه الأرض من مباهج وزينة ونعم وعطايا كل ذلك مآله إلى الزوال ومصيره إلى الفَناء ولهذا قال الله تبارك وتعالى ” وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا” فكل ما على وجه الأرض من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ومنظر وغير ذلك كل ذلك صائر إلى الزوال والفناء.
ولهذا فإن العبد يلقى الله يوم القيامة فردا ليس معه مما كان يملكه في حياته الدنيا أي شيء إلا أعماله سواء كانت صالحة أو فاسدة، فإنها هي التي يلقى الله بها عز وجل، فإن زبدة هذه الحياة والغنيمة المباركة فيها من يحصل في هذه الحياة الأعمال الحسنة، والطاعات الصالحة التي يسرة أن يلقى الله تبارك وتعالى بها، وقد سُئل أحد السلف وهو الفضيل بن عياض رحمه الله عن معنى قوله تعالى ” لنلونهم أيهم أحسن عملا” فقال أخلصه وأصوبه، قيل يا أبى علي وما أخلصه وأصوبه، قال إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصا صوابا والخالص ما كان لله والصواب ما كان على السنة، وإن مما ينبغي أن نعلمه في هذا المقام، وأن نستيقنه في هذا الباب أن ابتلاء الله تبارك وتعالى لعباده في هذه الحياة على نوعين اثنين.
ابتلاء بالنعماء والسراء وابتلاء بالبلواء والضراء كما قال الله تبارك وتعالى فى سورة الأنبياء ” ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون” وإن المسلمين الأوائل قد طبقوا المواساة بمعناها الشامل، فتغلبوا بفضل الله تعالى على ما قابلهم من أزمات، وحل الرخاء محل الجدب، وأصبح كل مسلم آمنا على نفسه ومأكله ومسكنه وأولاده وأمواله، وإن للمواساة والتكافل بين الناس في الإسلام وسائل كثيرة، منها الزكاة المفروضة، والزكاة هي الركن الاجتماعي البارز من أركان الإسلام، وهي الحق المعروف في أموال الأغنياء، وتعتبر الزكاة وقاية اجتماعية وضمانة للعاجز الذي يبذل جهده ثم لا يجد ما يسد حاجته الضرورية من المسكن والمأكل والملبس وما شابه ذلك، وقد حدد الله تعالى ثمانية أصناف من الناس تصرف لهم زكاة الأموال.
وقد قال الله تعالى فى سورة التوبة” إنما الصداقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم”