بقلم / محمـــد الدكـــروري
إنه يأتي المؤمنون، كل مؤمن من كل أمة، يسجلهم الله سبحانه وتعالى في الشاهدين، أما قرأتم القرآن وربنا سبحانه وتعالى يقول عنهم في سورة المائدة ” يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين” أي اكتبنا يا الله مع الشاهدين يوم الدين، فكم أصبح عدد الشهود عليك، وقد جاء الرسول، وجاءت أمة محمد، وجئ من كل أمة شهيد، وجاء الملائكة، وجاء العلماء، وجاء المؤمنون، بالله عليكم، هل من نجاة بعدها ؟ وهؤلاء كلهم مقرّبون عند الله، هم عند الله مقربون، وعلينا سيشهدون، ثم تشهد الأرض، حتى الجمادات تشهد يوم القيامة، إيه تشهد الأرض، فيقول تعالي في سورة الزلزلة ” إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان ما لها يومئذ تحدث أخبارها”
فإنظر إلي قول ما لها ؟ ستعرف ما لها يوم القيامة إذا تزلزلت، ستعرف ما لها يوم القيامة إذا أثقالها أخرجت، ستعرف ما لها يوم القيامة إذا بين يدي الله تحدثت، وقد قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية التي نقرأها كثيرا، يومئذ تحدث أخبارها، فوقف صلى الله عليه وسلم، وقال “أتدرون ما أخبارها ؟ أخبارها أن تشهد يوم القيامة على كل نفس بما عملت عليها من خير وشر، تقول الأرض يوم القيامة فعلت عليّ كذا يوم كذا وكذا فهذه أخبارها، والحديث حسنه بعض أهل العلم، وضعفه بعضهم، فاتقي الله إذا جاء المكان يشهد، وإذا جاء الزمان يشهد، فيقول تعالي في سورة التكوير ” فأين تذهبون، إن هو إلا ذكر للعالمين، لمن شاء منكم أن يستقيم، وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين”
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يمر بالبائع فيقول “اتق الله، وأوف الكيل والوزن بالقسط، فإن المطففين يوم القيامة يوقفون حتى إن العرق ليلجمهم إلى أنصاف آذانهم” وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “خمس بخمس، قيل يا رسول الله وما خمس بخمس؟ قال ما نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوّهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الموت، ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر، ولا طففوا المكيال إلا حبس عنهم النبات، وأخذوا بالسّنين” رواه الطبراني، وقيل عن أحوال المطففين عند الموت قال بعضهم دخلت على مريض وقد نزل به الموت، فجعلت ألقه الشهادة ولسانه لا ينطق بها فلما أفاق قلت له يا أخي، ما لي ألقنك الشهادة ولسانك لا ينطق بها؟
قال يا أخي لسان الميزان على لساني يمنعني من النطق بها فقلت له بالله أكنت تزن ناقصا؟ قال لا والله، ولكن ما كنت أقف مدة لأختبر صحة ميزاني” وعن مالك بن دينار قال دخلت على جار لي، وقد نزل به الموت، وهو يقول جبلين من نار، جبلين من نار، قلت ما تقول؟ قال يا أبا يحيى، كان لي مكيالان أكيل بأحدهما وأكتال بالآخر، فقال مالك فقمت، فجعلت أضرب أحدهما بالآخر، فقال يا أبا يحيى، كلما ضربت أحدهما بالآخر ازداد الأمر عظما وشدة، فمات في مرضه، ولقد حكى ابن ظفر في كتاب النصائح له قال كان يونس بن عبيد، بزازا وكان لا يبيع في طرفي النهار ولا في يوم غيم، فأخذ يوما ميزانه فرضه بين حجرين فقيل له هلا أعطيته الصانع فأصلح فساده؟ فقال لو علمت فيه فسادا لما أبقيت من مالي قوت ليلة قيل له فلم كسرته؟
قال حضرت الساعة رجلا احتضر فقلت له قل لا إله إلا الله فامتعض فألححت عليه فقال ادع الله لي فقال هذا لسان الميزان على لساني يمنعني من قولها قلت أفما يمنعك إلا من قولها؟ فقال نعم قلت وما كان عملك به؟ قال ما أخذت ولا أعطيت به إلا حقا في علمي غير أني كنت أقيم المدة لا أفتقده ولا أختبره فكان يونس بعد ذلك يشترط على من يبايعه أن يأتي بميزان ويزن بيده وإلا لم يبايعه.