بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 19 ديسمبر 2024
الحمد لك يا رب العالمين، أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيران ثم أما بعد إن تربية الأولاد من الواجبات المطلوبة من الأبوين، وقد أمر الله تعالى بها في القرآن وأمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى “يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ” ويقول الإمام الطبري في تفسير هذه الآية، يقول تعالى ذكره يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله “قوا أنفسكم” يقول علموا بعضكم بعضا ما تقون به من تعلمونه النار وتدفعونها عنه إذا عمل به من طاعة الله واعملوا بطاعة الله، وقوله “وأهليكم نارا”
يقول وعلموا أهليكم من العمل بطاعة الله ما يقون به أنفسهم من النار، وقال الإمام القرطبي، قال مقاتل ذلك حق عليه في نفسه وولده وأهله وعبيده وإمائه، فعلينا تعليم أولادنا وأهلينا الدين والخير وما لا يستغني عنه من الأدب وهو قوله تعالى “وأْمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها” ونحو قوله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم “وأنذر عشيرتك الأقربين” وفي الحديث ” مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع ” والمسلم داعية إلى الله تعالى، فليكن أولى الناس بدعوته أولاده وأهله من الذين يلونه، فالله تعالى عندما كلف الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة قال له “وأنذر عشيرتك الأقربين ” لأنهم أولى الناس بخيره ورحمته وبره، وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم مسؤولية رعاية الأولاد على الوالدين وطالبهم بذلك.
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته الإمام راع ومسئول عن رعيته والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته قال وحسبت أن قد قال والرجل راع في مال أبيه ومسئول عن رعيته وكلكم راع ومسئول عن رعيته ” رواه البخاري ومسلم، ومن واجبك أن تنشئهم من الصغر على حب الله تعالي ورسوله وحب تعاليم الإسلام وتخبرهم أن لله نارا وجنة، وأن ناره حامية وقودها الناس والحجارة، وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله كان ملك كثير المال وكانت له ابنة لم يكن له ولد غيرها وكان يحبها حبّا شديدا وكان يلهيها بصنوف اللهو.
فمكث كذلك زمانا وكان إلى جانب الملك عابد، فبينا هو ذات ليلة يقرأ إذ رفع صوته وهو يقول “يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ” فسمعت الجارية قراءته فقالت لجواريها كفوا، فلم يكفوا وجعل العابد يردد الآية والجارية تقول لهم كفوا، فلم يكفوا، فوضعت يدها في جيبها فشقت ثيابها فانطلقوا إلى أبيها فأخبروه بالقصة، فأقبل إليها فقال يا حبيبتي ما حالك منذ الليلة ؟ ما يبكيكي ؟ وضمها إليه، فقالت أسألك بالله يا أبت، لله عز وجل دار فيها نار وقودها الناس والحجارة ؟ قال نعم، قالت وما يمنعك يا أبتي أن تخبرني، والله لا أكلت طيّبا، ولا نمت على ليّن حتى أعلم أين منزلي في الجنة أو النار “