بقلم / عبير سعيد
في الفترة الأخيرة ثارت حالة كبيرة من الجدل في المجتمع المصري وخصوصاً على مواقع التواصل الإجتماعي .. بعد نشر شروط الزواج التي يتضمنها مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية يجري إعداده حاليا .. فالبعض رأى أن الشروط الجديدة تقيد الحق في الزواج وتزيد من أعباء المقلبين عليه .. إن الجدل سببه معلومات مغلوطة وأن القانون الجديد في مصلحة الأسرة والمجتمع ..
إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أجتمع يوم الخميس الماضي مع رئيس الحكومة ووزير العدل للإطلاع على ما أنجزته لجنة إعداد مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية .. ووجه الرئيس بأن يتضمن القانون الجديد إنشاء صندوق لرعاية الأسرة .. وفي اليوم التالي تحدث السيسي خلال إفتتاح مشروعات تنموية كاشفاً أن هذا الصندوق سيساهم فيه المقبلون على الزواج بمبلغ مالي .. ولم يحدده كشرط من شروط الزواج .. وأن الدولة ستدعم هذا الصندوق من موازنتها في ذات الوقت .. ومنذ هذا الإعلان إجتاحت مواقع التواصل الإجتماعي في مصر حالة كبيرة من الجدل بين ما ينتقدونها ويعتبرون أن الدولة ستعرقل الزواج وتجعله بتصريح منها مما سيدفع الناس للزواج الغير رسمي وتزيد المشكلات الناتجة عن ذلك .. وبين من يؤيدونها ويرونها تصب في صالح المجتمع والأسرة وتحد من حالات الطلاق .. إن المجتمعات تتعلم من تجاربها ومن أخطائها .. وبالتجربة فإن أغلب مشاكل الزواج والتي نتج عنها حالات طلاق كثيرة هي عدم الشفافية وغياب المعلومات .. وإن أهم شيء في مشروع القانون الجديد للأحوال الشخصية هو أنه يوفر المعلومات والشفافية التامة التي تقوم عليها مؤسسة زواج ثابتة وناجحة .. وإن الفحوصات الطبية التي ستتم بشكل إلزامي قبل الزواج مهمة جداً ليكون كل طرف من أطراف الزواج على علم ودراية كاملة بحالة الطرف الآخر .. فمثلاً من مشكلات الزواج التي تؤدي لحالات طلاق كثيرة هي إكتشاف طرف أن الطرف الآخر غير قادر على الإنجاب .. ولكن الفحص الإلزامي سيجعل هذه المعلومة واضحة قبل الزواج ومن ثم في حالة قبول الزواج في وجودها فهذا إختيار الشخص وعليه تحمل نتائجه .. كما إن موافقة اللجنة المختصة على الزواج بعد التأكد من سلامة الفحوصات الطبية اللازمة ليس معناها أنها ستمنع من يرغب في الزواج من طرف آخر من حقه .. لأن هذا حق قانوني ودستوري .. بل هي فقط ستعطي الموافقة بناء على المعلومات السليمة والمكاشفة للطرفين لمنع أي تضليل .. وفي حال قبول الطرفين للزواج رغم وجود مشكلات في التحاليل مثلاً فهما يتحملان نتيجة إختيارهما وهي تعطي الإذن للمأذون بتوثيق الزواج وتدوين كافة المعلومات في وثيقة الزواج كشرط من شروط العقد .. وبالتالي تحفظ حقوق الطرفين في حالة حدوث أي نزاع مستقبلا .. إن الجدل الثائر حول القانون الجديد سببه نشر شائعات ومعلومات مغلوطة كثيرة تصور الأمر وكأن الدولة ستتحكم في إرادة المتزوجين .. ولكن الحقيقة هي ستنظمها فقط ..
إن هناك من يروج مثلاً أن المقبلين على الزواج عليهم دفع مبلغ 30 ألف جنية في صندوق رعاية الأسرة الذي تحدث الرئيس السيسي عن إنشائه .. كشرط قبل إتمام الزواج .. وهذه شائعة لأن المبلغ لم يتحدد بعد وفي كل الأحوال سيكون مبلغاً رمزيآ قد لا يتخطى ألف جنية .. إن هناك ممارسات إجتماعية ممن يرغبون في إستمرار الأوضاع المغلوطة وخاصة في المناطق التي يسيطر عليها الجهل .. ويرغبون في تزويج بناتهم وأولادهم على طريقتهم الخاصة بعيداً عن تنظيم الدولة .. وهم أول من يشتكون حينما يقع الطلاق لأن الزواج تم على أسس غير سليمة من البداية ..
عزيزي القارئ : إن تعديل القانون الجديد يمثل توجه جيد نحو صيانة الأسرة وحفظ حقوق الجميع وعلى عكس ما يتردد فهو سيقضي على الزواج غير الرسمي أو العرفي. .. لأن الناس بالممارسة ستكتشف أن الشروط الجديدة تحفظ حقوقهم ولا تعوقها .. إن الشهادات الصحية التي كانت في السابق ربما تستخرج بدون كشف ولا إجراء فحوصات للزوجين .. وكان ينتج عن هذا وجود خلل عن أحد العروسين .. فربما كان الزوج لا ينجب أو كانت الزوجة عقيمآ ولكن وفق القانون الجديد ستكون هناك لجنة مختصة لضمان إجراء تلك الفحوصات بشكل جاد وصحيح كشرط من شروط إتمام الزواج .. وكل هذا يحد من الطلاق ويجعل الحياة الزوجية مستقرة ..
لقد نفى وزير العدل المصري عمر مروان .. صحة ما أشيع عن فرض رسم قدره 20 ألف جنية يدفعها الراغب في الزواج لصندوق الأسرة .. وقال إن قيمة هذا الرسم لم تتحدد بعد .. وصرح بأن صندوق الأسرة سيكون له مصادر تمويل متعددة .. حيث أن أحكام القانون لا يمكن أن تتناقض مع أحكام الشريعة ..
وأكد أن القانون الجديد ينظم الزواج والطلاق ولا يمنعهما ..
وأوضح مروان أن صندوق الأسرة يستهدف حماية الأبناء واستقرار الأسرة .. مؤكداً أن هناك شائعات لا أساس لها من الصحة عن دفع من 20 إلى 30 ألفا .. ومن أكد ذلك تم تحويله للنيابة العامة .. أما بالنسبة لإجراء التحاليل قبل الزواج في القانون الحالي .. أوضح مروان أنه أمر إجباري .. لكننا سنحوله من الوضع الصوري إلى الحقيقي .. مع التشديد على سرية نتائج التحاليل .. وأضاف وزير العدل أنه في حالة وجود نتائج سلبية للتحاليل الطبية كالعقم على سبيل المثال .. لا يوجد إجبار على عدم إتمام الزواج .. لكن الأمر يكون اختياريا وفقا لرغبة الزوجين .. مشيرا إلى أن قيمة التحاليل الطبية ستكون مبالغ زهيدة للغاية ..
ولفت إلى أن مشروع القانون الخاص بالأحوال الشخصية بشكله الكامل لم يتم .. أما بالنسبة لتوثيق الطلاق فلا يوجد أي شيء مناقض للشريعة .. حيث قال : “نحن ننظم الطلاق كي يتم بطريقة رسمية كالزواج”.