نقطة …. ومن أول السطر

بقلم / عبير سعيد

{إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}

ترددت في الفترة الأخيرة عبارات كثيرة …. نلوم فيها الدنيا والزمن
وكلآ منا يرمي أخطائه علي شماعة الدنيا والزمن
كلنا نردد نفس العبارات … وجميعنا نخطئ ونعيب زماننا
الناس يتغيرون ويتلونون … بل يتعمدون التغيير لأنهم لم يستطيعوا إخفاء حقيقتهم أكثر من ذلك … ولم يستطيعوا مواجهة الواقع الذي يعيشونه

أصبح البشر يختلفون في كل شئ …. ماعدا شئ واحد وهو أن ” الزمن تغير ” أو ” الدنيا تغيرت “

عزيزي القارئ الدنيا لم تتغير … لأنها ليست بعاقل حتى تتغير وتدرك … ولكن القلوب والنفوس والأخلاق والمبادئ والقيم والعادات والتقاليد هي التي تغيرت !
كفانا نفاق وكذب علي أنفسنا …. وآن الأوان أن نفوق من غيبوبتنا … وأن نعترف بأخطائنا .. ونحاول تصليحها إن أمكن … وأن نترك شماعة ” الدنيا تغيرت “
ولا تنكر أن الدنيا ما زالت بخير … وأن هناك أناس قلوبهم ناصعة البياض .. ونتوسم فيهم الخير

عزيزي القارئ هل مازلت متأكد أن الدنيا تغيرت ؟
أم أن النفوس هي التي تغيرت ؟
أم نحن الذي تغيرنا ؟!

لماذا نردد عبارة ” الزمن تغير ” ؟
مع أن السنة مازالت 365 يوم …… ومازالت السنة عبارة عن 12 شهر ….. والشهر مازال 30 أو 31 يومآ .. واليوم مازال 24 ساعة .. .والساعة 60 دقيقة … والدقيقة 60 ثانية

لا ياعزيزي الزمن لم يتغير ولا الدنيا تغيرت … بل نحن الذي تغيرنا ونفوسنا تغيرت …. ولكن نحمل أخطائنا لشئ غير عاقل … حتي لا يرد ولا يدافع عن نفسه …. أترك شماعتك وأعترف بخطأك … وأنظر حولك لقد شهد العالم صراعات / وحروب / وجوع / وفقر / وتنمر / وقتل / وفقد / وإنتحار / وشربوا أوجاع أكبر من أعمارهم

ما ذنب الزمن عندما يؤذي الجار جاره … وعندما لا يفرح لفرحه .. وعندما لا يعلم بوجوده أو رحيله

وما ذنب الزمن عندما يقسو الإبن على والديه … ويطردهم إلي بيوت العجزة والمسنين ؟

وما ذنب الزمن إن لم يعد لكبار السن كلمة علينا …. ووقار بيننا .. وننظر لهم بمنظار تطورنا وتخلفهم

وما ذنب الزمن عندما وصل بنا الحال للتقليد الأعمى للغرب في العادات السيئة

وما ذنب الزمن عندما ندعي العلم والأخلاق والثقافة …. ونرفع الشعارات الرنانة للحصول على منصب مرموق

وما ذنب الزمن عندما يسخر الشباب والفتيات في مجتمعنا من الدين … ومن العادات الأصيلة … ولا يحترمون أصحاب الرأي السليم

وما ذنب الزمن في مستوى الإنحطاط الخلقي حتي وصل بهم أن لا يحترموا أهلهم الذين قدموا لهم جميع متطلبات الحياة

وما ذنب الزمن في أن أسمي علاقة على وجه الارض وهي الأخوة أصبحت مبنية على المصلحة …. لقد أصبحنا نمتلك أنانية منقطعة النظير …. لقد قتلنا روح التملك فنسينا الحب والتصافي والمحبة

فالأخ أصبح لا يحن على أخيه …. بل يصل الحال لدرجة قتله من أجل مال زائل …. أو من أجل لحظة غضب وإنتقام

ما ذنب الزمن في أن نرمي القاذورات من شبابيك سيارتنا وبيوتنا

بالله عليك بأي عين أصبحنا نعيب الدنيا والعيب فينا !
هل الدنيا هي التي طرأت علي عالمنا وعيشتنا غصب عنا … أم أن التطور والتكنولوجيا هما الذي حلوا علينا وأثروا علينا

عزيزي القارئ الدنيا كما هي … لم تتغير … تحتوي علي أربعة فصول .. والشمس تشرق صباحآ … وتغرب مساءآ .. والقمر يطلع ليلآ … والجبال لم تتزحزح من مكانها … والبحر كاتم الأسرار
كل شئ يمشي في هذه الدنيا كما هو … ولكن التغيير مننا نحن !!!

عزيزي القارئ أترك شماعتك … وواجه أخطائك فالناس ليست بحاجة للنصائح .. فأحيانا كل ما يحتاجونه هو يد تمسك بهم …. وأذن تستمع لهم …. وقلب يستوعبهم … وكلمة طيبة تحن عليهم

فنحن شعب صاحب حضارة …. فلابد من تجاوز السلبيات … ونبني على الإيجابيات … ونأخذ من الحياة ما يناسبنا … ويتوافق مع عاداتنا … وتقاليدنا … وآمالنا … وأهدافنا .. وأحلامنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.