نزلت في جذر قلوب الرجال

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد الله رب العالمين معز الموحدين ومذل المشركين ناصر دينه نهى عن عبادة الأوثان وأمر بتوحيده ووعد من حققه أجزل الثواب وأتم الرضوان وتوعد بمن أشرك به بالهوان وأشد العذاب وأعظم العقاب أرسل رسوله بالهدى وتهديم الأصنام والأوثان وتحقيق التوحيد فلم يدع باب للشرك إلا سده ولا طريق إلى النار إلا بينه وحذر منه طاعة لربه وإمتثالا لأمره فنصح الأمة وبلغ الرسالة وأدا الأمانة صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أما بعد إن الأمانة خلق من أخلاق الأنبياء والمرسلين، وفضيلة من فضائل المؤمنين، عظم الله أمرها ورفع شأنها وأعلى قدرها، وعُرف النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم بالأمانة ولقبوه بالأمين قبل البعثة، وقصة وضع الحجر الأسود مشهورة حيث فرح القوم بمقدمه صلى الله عليه وسلم وقالوا هذا الأمين.

وأمانته صلى الله عليه وسلم كانت سببا في زواجه من أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها بل إن الله جل وعلا وصف بها جبريل عليه السلام ” نزل به الروح الأمين ” والأمانة أمر الله بحفظها ورعايتها، وفرض أداءها والقيام بحقها وعن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كيف بكم، وبزمان يوشك أن يأتي يغربل الناس فيه غربلة، ثم تبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم، فاختلفوا هكذا وشبّك بين أصابعه قالوا كيف بنا يا رسول الله إذا كان ذلك؟ قال تأخذون بما تعرفون، وتدعون ما تنكرون، وتقبلون على خاصتكم، وتذرون أمر عوامكم” رواه ابن ماجه، وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده،

والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم” رواه الترمذي، وعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه كان يقول للرجل إذا أراد سفرا ادنو منّي أودّعك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يودّعنا “أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك” رواه الترمذي، وفي قصة هرقل مع أبي سفيان رضي الله عنه قال هرقل سألتك عن ماذا يأمركم أي النبي صلى الله عليه وسلم فزعمت أنه يأمر بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة، وهذه صفة نبي” متفق عليه، وإن من الأمور المهمة التي شرعها الله تعالي بين الخلق وجعلها من الصفات المحمودة بينهم وعليها ترتكز حياة الأمة هو أداء الأمانة إذ إن الأمانة هي الرابطة بين الناس في أداء الحقوق والواجبات، ولا فرق بين حاكم وموظف وصانع وتاجر وزارع، ولا بين غني وفقير وكبير وصغير،

فهي شرف الغني وفخر الفقير وواجب الموظف ورأس مال التاجر وسبب شهرة الصانع وسر نجاح العامل والزارع ومفتاح كل تقدم بإذن الله تعالي ومصدر كل سعادة ونجاح بفضل الله عز وجل، وإن مجتمعا يفقد هذه الصفة الشريفة لهو من أفسد المجتمعات، ويكون ذلك في آخر الزمان إذ إن الأمانة موجودة في الناس عن طريق الفطرة والوحي، ثم تقبض منهم لسوء أفعالهم، فتزول الأمانة من القلوب شيئا فشيئا، فإذا زال أول جزء منها زال نوره وخلفه ظلمة، ثم إذا زال الجزء الثاني خلفه ظلمة أشد من الظلمة التي قبلها، ويصبح الأمين بعد ذلك غريبا في الناس، حتى يمدح من لا خير فيه ولا إيمان، أسأل الله العلي القدير أن يصلح أحوال المسلمين وأن يأخذ بنواصيهم إلى الحق والهدى وأن يعجل النصر لأمتنا إنه سميع قريب مجيب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.