من النقد ما قتل “إمرأة مسروقة”

 

كتب / فرج أحمد فرج

 

تم دعوتي من قبل دار النشر التي نشرت لي رواية امرأة مسروقة لمناقشة الرواية لثلاثة نقاد اسأتذة كبار في النقد لم يتركوا لي شيء .. وبرغم الاراء اللاذعة الا انني كنت سعيد لانهم رأوا في الرواية ما بين السطور والقصد وكنت في مرحلة الاستشفاء عقب جراحة القلب المفتوج واسترداد عافيتي المزاجية والانسانية .
وباديء ذي بدء .. كان التعجب من اسم الرواية .. كيف تسرق المرأة ؟ ولماذل هذا العنوان الغريب .. رغم انها مجموعة قصصية وهذا العنوان واحدا ضمن اسماء لعنواين اخري . واسهبوا في الاخطاء الاملائية والاعراب وانواع الهمزة .. ولكن اسعدني ثنائهم واطرائهم علي الافكار وحسن البلاغة والصور الجمالية وتنوع الافكار وتناول المواضيع .. رغم النقد اللاذع من بداية اللقاء .
وقال احدهم انني اعدت الصورة والمشاهد وكانني ارسم بفرشاة فنان .. ربما هذا الوصف لعلمهم انني دارس فنون واستحسن الصورة الابداعية ولانني لست كاميرا تنقل الواقع فقط .. بل لوحاتي الابداعية في الكتابة هي لقطة تصورية بليلها ونهارها والوانها في كل مرحلة ومعها الغناء والحفيف لاوالتعيق وزقزقة العصافير والبلابل .. اضافة للبعد الانساني في المشهد او ما يسمي بالعمق الفني في المشاهد او الحوار مع المؤثرات الصوتية والتداخلات الابداعية يحكمها الاحساس بالمشهد ونحن نرسم .
يمكنك ان تري الابداع الفني شاخصا ولكن لا تري العمق الفني في اللوحة .. فانت تري البعد الحسي ولا تري البعد النفسي والروحي للوحة ..ولهذا نقول هذا العمل بلا عمق .
وهذا ما حدث معي في مناقشة امرأة مسروقة ن فقد راي كل ناقد من وجهة نظره .. ما بين السطور والالقاء النفسي والسياسي والاجتماعي والثقافي والفني للرواية .
ولكن صدمني اخر المتحدثين بعبارة جعلتني استفيق من غفوة قد اخذتني من شدة تعبي ومعانتي ان لجلس علي منصة لساعتين بلا جراك ولكن للانصات فقط والمناقشة حين اريد التوضيح .
قال استاذنا الكريم نحن بين ايدينا عمل ادبي فريد التناول جرئ في العرض وتنوع في الافكار .. اعاد اينا بعض القضايا ولمس بعض لبمسكوت عنه .. ولكن هذا الاديب اعقب هذا العمل فنهال عليه بالتراب .. اري عمل قيم غطاه التراب علي ارفف الكتب ومنذوي لا يكاد يراه احد لانه لم يراعي اخوات كان وان والمنصوب وجمع المذكر والمثني .. مع اني اكتب مقالاتي الصحفية والثقافية والاجتماعية من 50 عاما ونشرت في صحافة الخليج وكبري المجلات واصدارات الدور الصحفية .
لم اجزع من كلمات ونقد هذ الاستاذ للرواية ، وكم كنت سعيدا انه اثني علي القصة القصيرة شجرة الشيطان .
فحري بي بعد هذا النقد اللاذع ان اكتئب وانزوي واكره الورق والقلم وطرح الافكار .ولكنني وقولي الحق ان شكرت الجميع فيما رأوه من بين سطوري وما لم يعجبهم واعجبهم .. شكرتهم فمن مدارسهم النقدية ومناقشتهم العلمية المبنية علي اسس سليمة لنقد العمل الفني ,, تعلمت واستفدت لاني رايت ما هم رأوه ولم اره حين الكتابة .

 

من النقد ما قتل "إمرأة مسروقة"

 

ونصحوني ان أصصح في الطبعة الثانية بعد مراجعتها وتصحيحها من قبل لجنة متخصصة امثالهم لانها تستحق ان تظهر بثوب الاجادة التامة في طبعة ثانية وعدد اكبر .
ذكرتني هذه الجلسة النقدية اساتذتي وهم علي المنصة يناقشوني في بحثي لنيل درجة علمية .وتذكرت بعد هذا النقد .. ما قاله يوما ناقدا عن لوحات فنانة شابة في مقتبل العمر في معرضها الاول للوحاتها .. فكتب ملاحظته عن هذه الاعمال الفنية بمقولة انها بارعة واخاذه وممتعة للرؤية.
ولكن ليس بها عمق !
وحينما قرات هذه العبارة في دفتر الحضور والمهنئين .. عادت لتنظر للوحاتها مرارا وتبحث عن العمق .
وعادت تبحث عن العمق .. وقرات العديد من الكتب والبحوث عن العمق في الاعمال الفنية ، وعادت ثانية لاعمالها تبحث من جديد عن العمق ، ولكنها لم تصل لهداها ما كنه العمق وما هو المقصود به في العمل الفني الذي اخرجته .
الناقد يري من خلال دراسته لاسس النقد الي اي مدرسة ينتمي هذا العمل .. وهل اتبع المبدع هذه الاسس لتلك المدسة .
السؤال .. لو كان جميع المبدعين تتبع ذلك حين الكتابة او الاخراج للعمل الفني .. لما خرجت لنا المدارس الفنية الكثيرة من وحشية ودادائية وسيرالية وغيرها التي لم تتبع الكلاسيكية والانطباعية وغيرها وهي السائدة .
للفنان المبدع الذي لديه قدرات فنية وهبها الله له .. ان يبدع كيف يشاء .. ويرسم ويكتب وينحت ويخرج ويؤلف وعلي الاخرين تبني تلك الاعمال ووضعها في القوالب التي تنتمي اليها .. ولا ضير ان يكون ذلك بمقابل.. وهذا ما لمسته في امرأة مسروقة تلك الرواية التي مغطاة بالتراب وهي تحوي بداخلها خزائن من الذهب واللؤلؤ والماس .
فلابد من الشخص الموهوب ان يجد القوة ليؤكد ذاته علي مسرح الحياة ، لا يكفي ان لديه القبول العام او المبادرة عندما يكون معنيا بمصاهرة العالم الانساني وما لايصاحب ذلك من فهم لعالم الفن ، ولابد ان تدرك مبكرا ذلك التنافر المخيف في تناولك واستخدام ادواتك الفنية المختلفة ، ذلك الاعتلال العقلي المركز علي فكرة واحدة والموجه نحو الذات ، ذلك التمرد الباطني المتأجج بالعاطفة والذي يحفر بداخلك نحو حلذوني دون فائدة ترجي ، تمرد الانسان علي وجوده في اعماله التي تبدوا احيانا ساذجة ؟ هوس عمق الفكرة ، تلك الرغبة الطائشة ؟
التي اودت في النهاية بالفنانة بعد ان جابت البقاع تبحث عن العمق ولم تجده في اعمالها بينما خلدت الموناليزا وراء سر الابتسامة الخفية ما دفع تلك الفتاة للانتحار .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.