بقلم / حسين عبد اللطيف
تحقيق الإمام الدكتور عبد الحليم محمود
” كتاب الكبر “
قلت: و ما الكبر؟ و مم يكون؟
قال: إن الكبر عظيم الآفات، عنه تشعب أكثر البليات، يستوجب به من الله عز و جل سرعة العقوبة و الغضب، لأن الكبر لا يحق الا لله عز و جل، و لا يليق و لا يصلح لمن دونه. كل من سواه عبد مملوك، و هو المليك الإله القادر، فعظم عند الله عز و جل الكبر ذنبا، إذ كان لا يليق بغيره، فإذا فعل العبد ما لا يليق إلا بالمولى عز و جل و أشتد غضب المولى تعالى عليه، ألا ترى ما يروي أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” أن الله عز و جل يقول:” الكبرياء ردائي و العظمة إزاري، فمن نازعني فيهما أدخلته ناري “. فيستحق المتكبر أن يقصمه الله عز و جل و يحقره و يصغره، إذ جاز قدره و تعاطى ما لا يصلح لمخلوق ، و كما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم و عن عمر رضي الله عنه أنه قال:” من تواضع لله عز و جل رفعه الله هكذا، و من تكبر هكذا وضعه الله هكذا “. و عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” ما من بني آدم أحد إلا و في رأسه حكمةبيد ملك، فإن تواضع لله رفعه الله إلي السماء السابعة، و إن أراد أن يرفع نفسه وضعه الله في الأرض السابعة “.
و عن عبد الله بن سلام قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:” لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر “. ألا ترى أن الله عز و جل يقول لأهل النار:” أدخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين “. ثم أخبر عز و جل أن أشد أهل النار عذابا أشدهم عتيا على الله عز وجل و أنهم المتكبرون، و تحمل عليهم أوزارهم و أوزار الضعفاء الذين أتبعوهم. قال الله عز و جل : ” ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا “. قيل في التفسير بدأ بالأكابر فالأكابر جرما. و قال الله عز و جل:” فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة و هم مستكبرون “. ثم قال عز من قائل:” ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة و من أوزار الذين يضلونهم بغير علم “. و قال عز و جل:” و قال الذين أستضعفوا للذين استكبروا: لولا أنتم لكنا مؤمنين “.
أخبر الله سبحانه و تعالى أن المستكبرين هم أهل الجحد لله تعالى و الخلاف عليه، و أهل الصد عن سبيله للضعفاء، و أهل الخلاف على الرسل و الانبياء، قال الله عز و جل: ” إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين “. يعني صاغرين و كذلك يحشرون. و قال عز و جل:” تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض و لا فسادا “.
و يستأهل المتكبر أن يزيل الله عنه النعمة التي تكبر بها لانه لا يتكبر إلا بنعمة الله عز و جل، و ألا يفهمه العلم و لا يفقهه في الدين و من ذلك قوله عز و جل:” سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق “.
الكبر هو العجب بالنفس، و هو الحقد، و هو الحسد، و هو الرياء و أصل ذلك كله من جهل العبد معرفة قدر نفسه، فإذا جهل العبد قدره تكبر.
إلا أن الكبر أوله في القلب استعظام القدر..قال عز و جل: ” كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار “. صدق الله العظيم دائما ما كانت امي الله يرحمها و يرحم موتانا و موتى المسلمين اجمعين. تردد بلهجتها الصعيدية المحببة : ” ربنا يعلي مجامنا و يوطي نفوسنا ” …” التواضع حلو “.