بقلم / محمـــد الدكـــروري
الأربعاء الموافق 23 أكتوبر 2024
الحمد لله رفع السماء بلا عماد، وبسط الأرض فكانت نعم المهاد، أحمده جل شأنه وأشكره أتم نعمته على العباد، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له إليه المرجع والمعاد وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى الآل والصحب الأمجاد، وعلى من سار على درب الهدى يبتغي الرشاد أما بعد، قيل أنه حمل مرة إلى الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه مال عظيم من الخمس فقال إن قوما أدوا الأمانة في هذا لأمناء، فقال له بعض الحاضرين إنك أديت الأمانة إلى الله تعالى، فأدوا إليك الأمانة، ولو رتعت لرتعوا، وفي يوم شديد الحرارة كان عثمان بن عفان رضي الله عنه يجلس في الظل مع خادم له خارج المدينة، فشاهد رجلا يأتي من بعيد ويسوق أمامه جملين فقال ما الذي أخرج هذا الرجل في هذا الحر الشديد؟
لماذا لا ينتظر حتى يبرد الجو؟ وعندما إقترب الرجل عرف أنه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فخرج ليستقبله، لكنه أحس بشدة الحر، فعاد إلى الظل، حتى صار أمامه، فقال ما أخرجك في هذه الساعة؟ فقال جملان من إبل الصدقة تخلفا، فخشيت أن يضيعا، فيسألني الله عنهما يوم القيامة، فبحثت عنهما حتى وجدتهما، وأردت أن أردهما إلى الحمى، وهو المكان الذي ترعى فيه إبل الصدقة، فقال عثمان يا أمير المؤمنين تعال ونرسل غيرك ليقوم بهذا العمل، ولكن أمير المؤمنين رفض، وساق الجملين أمامه حتى أدخلهما الحمى، فقال عثمان من أحب أن ينظر إلى القوي الأمين فلينظر إلى هذا، وأشار إلى أمير المؤمنين عمر بن خطاب رضي الله عنه، واعلموا يرحمكم الله أن من الكذب المحرّم هو ما يفعله البعض بقصد حسن، حينما يرى أحدا موغلا في المعصية.
يقول رأيت فيك في المنام كذا وكذا رجاء أن يردعه هذا عن غيّه، وهذا التحلم محرّم، بل هو كذب على الله فعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” من تحلم بحلم لم يره، كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل، ومن استمع إلي حديث قوم وهم له كارهون أو يفرون منه صب في أذنه الآنك يوم القيامة، ومن صور صورة، عذب وكلف أن ينفخ فيها وليس بنافخ ” رواه البخاري، ومعني الآنك هو الرصاص المذاب، وإن الأصل في الكذب التحريم، ولا يشرع إلا لمصلحة راجحة، ومن صفات النفاق نقض العهد، فإذا عقد عهد مع أحد، مسلم أو كافر يجب الوفاء بالعهد ويحرم نقضه، وناقض العهد مفضوح يوم القيامة في الموقف فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إن الغادر يرفع له لواء يوم القيامة، يقال هذه غدرة فلان بن فلان” رواه البخاري ومسلم.
ويوصف بالنفاق من عُرف بصفة من هذه الصفات وأكثر منها، فغلبت عليه، أما من بدرت منه هذه الصفة في حال ضعف ثم تاب منها، فلا يوصف بالنفاق، فقال قتادة رحمه الله من كانت الدنيا همه وطلبه ونيته، جازاه الله بحسناته في الدنيا، ثم يفضي إلى الآخرة وليس له حسنة يعطى بها جزاء، وأما المؤمن فيجازى بحسناته في الدنيا، ويثاب عليها في الآخرة، فاللهم ارزقنا أيمانا صادقا وعملا صالحا متقبلا، واللهم إنا نعوذ بك من النفاق كبيره وصغيره، ونعوذ بك شر ومكر وكيد المنافقين.