تحقيق / عبير سعيد
نتناول اليوم أحد أهم الملفات الخطيرة والتى تحتاج لوقفة من كل الجهات المسئولة للسيطرة على حالة الفوضى التى ضربت الشارع المصرى وأصبحت مصدر قلق دائم ليلاا و نهارا حيث أنتشرت في الأونة الأخيرة ظاهرة “مكبرات الصوت” التى أصبحت فى أيدى كل من هب وكل من دب والصالح والطالح بدون مراعاة لمشاعر الناس والمرضى والطلاب الذين يذاكرون دروسهم والنائم لنيل قسط من الراحة بعد معاناة يومه الشاق ..
لقد أصبحت مكبرات الصوت فى كل المناطق الشعبية والأرياف والمدن واحدة من أهم مصادر الضجيج تحديداً تلك المناطق التى يوجد بالقرب منها صالات الأفراح والإحتفالات والملاهى فضلا عن المحلات والمطاعم التي تروج لبضاعتها بهذه الوسائل المزعجة
و في البداية أشير إلي أن وزارة الأوقاف قد اتخذت خطوات فعلية لترشيد إستخدام مكبرات الصوت فى المساجد وصلاة التراويح .علما أنه من باب أولى كان يجب السيطرة على مواكب مكبرات الصوت التى تجوب الشوارع فى مناسبات الزواج أو الخطوبة أو الحنة أو الأفراح وعلى هامش التحقيق فقد أنتشرت مكبرات الصوت بطريقة فجة ومبتذله وأصبحت الشوارع عبارة عن ملحمة متناغمة من الضجيج والصخب.. من مكبر صوت عربة الأنابيب، والمفتاح الذي الذى يستخدمه بائع الانابيب و يدق به علي الأنابيب وكأنه يدق فوق رأس المواطن .بخلاف مكبر صوت عربة الروبابكيا.. او مكبر صوت بائع الخضروات والفاكهة وهو ينادى على البطاطس و الطماطم والخيار والباذنجان وكل أصناف الخضروات بالإضافة إلى مكبر صوت بائع الفاكهه والذى ينادى على المانجو والعنب والتفاح والخوخ والرومان والجوافة والبلح وغيرها من السلع وهو يتغنى بخفض أسعاره ويتغنى بالاشادة فى الفواكه التى يعرضها للبيع علاوة على ذلك ياتى .. مكبر صوت مشترى الخردة ومكبر صوت جامع الزيت المستعمل وصوت ماكينة سن السكاكين كل ما يخطر على بالك من مكبرات الصوت تجوب الشوارع وتقلق مضاجع الناس وتتسبب فى أصابتهم بالأمراض العصبية والنفسية نتيجة لحالة الصخب والضجيج المتواصلة والجديد في الموضوع .. مكبر صوت التوكتوك الذى يتضرع طلبا للمساعدة بإستخدام المتسولين .. ومكبر صوت التروسكيل الذي يحمل أطفالا صغارا يطلب لهم مساعدة و.. ومكبر صوت العربية النصف نقل التي تحمل إمرأة منقبة وتطلب إعانة للإنفاق علي والدها وأخواتها وأولادها ..

نحن نحتاج الى وقفة .. لأن الموضوع زاد عن حده جدآ جدآ .. ولو لم نجد الراحة في بيوتنا .. فأين سنحصل عليها ؟؟

وكما يقول باسم سعيد «محاسب» : هذه الظاهرة وصلت إلى معظم المناطق نتيجة للزحام .. فعلى سبيل المثال هناك بعض الشوارع بههيا أصبحت لا تطاق خاصة ما يفعلونه عند إفتتاح المحال التجارية أو تجديدها أو تغيير نشاطها، كل ذلك تصحبه مكبرات صوت معروفة فى الشارع بالـ «D.J» والتى ظهرت منذ سنوات قليلة ولم يكن معروفا آنذاك سوى ميكروفونات المساجد وسرادقات العزاء … وكان إستخدامها فى المساجد يقتصر على قراءة القرآن أو الدروس الدينية .. وأمتد الآن إلى أنشطة جانبية فى دور المناسبات الملحقة بالمساجد لكن كل ذلك لا يساوى شيئا .. كما يضيف باسم إذا قارناه بالإزعاج فى حالات المناسبات الإجتماعية أو التجارية، فالأمر خارج عن المعقول من أغاني هابطة وأصوات صاخبة تمتد وقت أذان العصر إلى ما بعد منتصف الليل، وقد تستمر لعدة أيام. و هذا العبث هو الأولى بالمنع وعقاب من يفعله لأنه بلا حدود .. ويجب تفعيل شروط إستخدام مكبرات الصوت من أى نوع ومطالبة أى مواطن باستصدار إذن من جهة الاختصاص وموافقة جيرانه وتشديد محاسبة كل متجاوز متهاون فى رصد هذه المخالفات وتحرير محاضر بها خاصة أنها ليست سرية بل تعلن عن نفسها بكل صفاقة وفى مدينة الزقازيق نستكمل الرصد على لسان المواطنين الذين يصرخون ..

كما تقول الحاجة سناء مصطفى والأستاذة زينب إبراهيم والأستاذة لطيفة إبراهيم والأنسة دنيا محمد : نحن نقيم بمدينة الزقازيق حيث توجد منطقة شعبية يقام بها كل يوم تقريبا سرادقات لمناسبات بمكبرات صوت وضجيج دون مراعاة لأى أصول حتى إنك تجد عرسا فى منزل ومن بعده بأمتار قليلة تجد عزاء ولا أحد يستطيع الكلام وعندما شكونا أكثر من مرة يأتى أحد أفراد الشرطة من القسم وينصرفون وأقصى ما يفعله هو مطالبتهم بخفض الصوت قليلا. كما لو كانوا محقين فى سوء تصرفهم .. وقد أصبحنا نستجديهم كمواطنين لكى يخفضوا الصوت.
وعندما تنتقل من الزقازيق إلى القاهرة يقول احد المواطنين إن حاسة السمع رغم أنها من نعم الله العظيمة علينا لكنها باتت وسائل عذاب ممتدة طوال ساعات الليل والنهار .. وحتى أن الباعة الجائلين طوروا أداءهم وباتوا يستخدمون تلك المكبرات وفى القاهرة التى نقيم بها باتت مواكب الأفراح تسبقها بأيام إحتفالات نقل جهاز العروس بموكب من عربات النقل تحمل الأثاث الجديد ومعها سيارة تحمل مكبرات صوت متنقلة تطوف الشوارع المحيطة بمنزل العروس وينتقل الأمر نفسه إلى منزل العريس .. ويستمر عدة أيام حتى الفرح، ونحن لا نعترض على الفرح ولكن على هذا الإسراف الضوضائى فى 3 أو 4 أماكن للمناسبة الواحدة دون أدنى إلتفات لحقوق الآخرين مع ما قد يصاحبه من غلق للشارع أو تضييق مسارات المرور فى أحسن تقدير.
كما يشيرون إلى أن افتتاحات المحال التجارية التى لا تتوقف يوميا ولعدة أيام وهذا يحدث فى شوارع العشرين والطالبية وعثمان محرم والشهيد أحمد حمدى ومنطقة كفر طهرمس وغيرها.
ويعلق على هذه الظاهرة الأستاذ محمد عبد الفتاح ويقول : إن فوضي الإزعاج فى الشارع تحتاج الى وقفة ولايجوز السكوت عليها فإذا كانت وزارة الأوقاف قررت الحد من إستخدام مكبرات الصوت فى صلاة القيام والدروس الدينية وهى التى لها ما لها من رصيد فى قلوب وعقيدة المصريين يجعلها تأتى فى نهاية سلم الإزعاج .. إن جاز التعبير فإن هذا السلم مليء بدرجات كثيرة أولي بالمنع والالتفات إليها لأنها دائمة طوال العام ولا تقتصر على شهر رمضان ولا أيام العيد .. كما أنها تخترق خصوصية المواطن فى بيته .. وأينما وجد بطريقة ليست فقط مزعجة ومستفزة وإنما تهبط بالذوق العام وتعطل حياة ومصالح المواطنين بما يصاحبها من غلق شوارع وتضييقها .. وكمبدأ عام المغالاة فى الشيء تهينه وإن كان ثمينا .. والحد منه يزينه ولو كان بسيطا أما سلوي مصطفي فترى أن مخالفات مكبرات الصوت الثابتة أكثر خطورة وتسبب تحرشات عديدة بين الجيران والمحيط القريب من المناسبة هو الأكثر تضررا بنسبة 90% .. ورغم ذلك فهو لا يتحرك إيجابيا للشكوى إلا فى إطار ضيق جدا ويقيده الحرج الإجتماعى وعدم الرغبة فى معاداة الجيران بالذهاب إلى قسم الشرطة وتحرير محضر إزعاج أو الإتصال بها وهنا ستكون الإستجابة من الشرطة بطيئة ليس تخاذلا وإنما لأن مسئولياتهم هائلة ومثل هذه الشكاوى تأتى فى ترتيب متأخر وسط التحديات والمخاطر الأخرى التى لاتعد ولاتحصى لكن حتى فى هذه الحالة يبقى الخطأ خطأ ويجب وقفه .. وعن رؤيتها لحل هذه الإشكالية قالت : لابد من مباشرة أجهزة المحليات عملها فى ضبط تلك المخالفات وإشراكها مع الشرطة فى تحرير محاضر للمخالفين فى حالة رصدها أى تجاوزات من هذا النوع فى الشوارع خاصة أن أجهزة المحليات تطوف الشوارع فعلا لرصد مخالفات المبانى وغيرها .. لذا فهى الأقدر على متابعة هذا النوع من التجاوزات وغيره ولن يشكل عبئا إضافياً عليها فهى فى رأيى حجر الزاوية فى الحل .. بما يخفف العبء عن الشرطة ويزيد من انضباط الشارع بدرجة كبيرة ولن يكلف الدولة شيئا لكنه يزيل أكبر معوقات التنفيذ. ويضيف مؤكدا بان التلوث السمعى هذا يدخل ضمن عمل 3 جهات هى : البيئة والشرطة والمحليات .. وتأتى المحليات فى مقدمة الترتيب ثم البيئة ومن بعدهما الشرطة، والموظف الذى سيحرر المخالفة إذا أصر على مصادرة مكبرات الصوت سبب الإزعاج مرة أو اثنتين فى منطقة ما فسيتوقف فيها الازعاج أو يكاد ينعدم .. نحن في أمس الحاجة لتشديد العقوبة فى القانون لتكون رادعة وتؤدى لنتائج سريعة وفعالة .. إن التعاون بين الجهات الثلاث المذكورة هو سر الحل فلو حرر الموظف المختص محضرا .. وصادرت الشرطة المكبرات فى الوقت ذاته ستتوقف المخالفات وسيفكر المخالف ألف مرة قبل التجرؤ على المخالفة.
وفى محاولة لفهم كيف يفكر المخالف أو القائم بهذا الإزعاج فإن السبب الحقيقى لتلك التجاوزات يكمن فى غياب تنفيذ وتطبيق القواعد القانونية لأن التراخى يوجد إحساسا لدى العامة بعدم تطبيق القانون عليهم حتى أنتشرت المخالفات وألفها المجتمع ليس إلى حد المخالفة وإنما تجاوزناها بكثير ودخلنا فى مرحلة جديدة تسمى ثقافة التباهى بخرقه .. وعدم الإلتزام بقواعده وليس لغياب القواعد القانونية بل على العكس فلدينا ترسانة قانونية مكثفة لا تفعل إلا على استحياء وإنما بسبب التهاون والتراخى فى التنفيذ. ونضرب مثالا لذلك بدور المناسبات الملحقة بدور العبادة والتى كانت فى الأساس لتقديم التعازي فى حالات الوفاة .. ثم تطور الأمر إلى إحتفالات عقد القران وبدلا من قراءة القرآن أنتشرت أصوات الموسيقى الصاخبة وصيحات المدعوين .. وليس ما أحكيه فى منطقة شعبية مثلا وإنما يحدث فى منطقة عريقة من المفترض رقيها وهى مصر الجديدة .. مما حول المكان إلى مصدر إزعاج لا يحتمل وبعد عدة محاولات من المواطنين بالشكوى لم يجدوا نفعا .. واضطروا إلى الإنتقال إلى سكن آخر هربا من هذا الإزعاج الذى يبدأ يوميا عقب صلاة العصر ويمتد إلى ما بعد منتصف الليل. ونحن نهيب بالسادة رؤساء الأحياء مراعاة ذلك بالتنسيق المستمر مع شرطة المرافق للعمل على راحة المواطنين وضبط الشارع وتحرير المخالفات اللازمة لأى إزعاج .. فإن جزءًا كبيراً من تلك المخالفات ينطوى تحت سلطة مسئولى المحليات لأن القانون يعطى الحق لمسئولى الإدارة المحلية بمكافحة وملاحقة السلوكيات المخالفة للقانون أيا كان نوعها .. فمثلا من حقهم تحرير محاضر سرقة تيار ومحضر إزعاج لأى منشأة سواء كانت كافيتريا أو ناديا أو باعة جائلين أو إشغالات الباعة لكن تبقى نقطة مهمة للغاية وهى أن كل ذلك هدفه المواطن لذا نهيب بالمواطنين التعاون بإيجابية والإبلاغ عن أى مخالفات
