بقلم / محمـــد الدكـــروري
اتقوا الله أيها الناس واتقوا الله تعالي وراقبوه في السر والعلانية والغيب والشهادة، واعلموا أنه سبحانه لا تخفى عليه منكم خافية، واعلموا أنه سبحانه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، والسر عنده شهادة، والغيب عنده علانية، فلا تخفى عليه خافية، ولقد أصبح الشعار السائد اليوم إلا ما رحم ربى هو مصلحتي الشخصية فوق كل اعتبار، ولكن كم هو من مبدأ قاصر النظر، عديم الإحساس، أناني، هل المصلحة الشخصية تهدم كل القيم الإنسانية النبيلة والتربية الحسنة فهذا هو الواقع وهذا هو التوجه، وإن تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة هو منهج الرسل الكرام، فقد كان هذا لسان حالهم ومقالهم، هو قول الحق سبحانه وتعالى فى سورة هود ” يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذى فطرني أفلا تعقلون”
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء فى سورة الشوري ” قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة فى القربي” وإن بعض المجتمعات الإسلامية للأسف الشديد اليوم تعاني من تقديم المصالح الخاصة على المصالح العامة في الكثير من شؤون الحياة، وقد أشتهر تسمية ذلك بين الناس بالفساد الإداري، وأي فساد، وضرر أعظم من التعدي على المال العام، والحقوق العامة، والتساهل في ذلك دون خوف من الله تعالى، أومن خلقه، فإن التعدي على المصالح العامة تعدي على حقوق المجتمع بأكمله، وضرر يلحق بالجميع، بل هو في الحقيقة جريمة في حق المجتمع لما له من آثار سلبية خطيرة، ولا نبالغ في القول أن ذلك أصبح مشكلة متلازمة مع المجتمعات النامية ومنها بعض المجتمعات في العالم الإسلامي.
ولكن هل سيأتي اليوم الذي تعود به العلاقات الشخصية كما كانت منذ أربعة عقود أم تسوء؟ ومن المسئول عن هذا التوجه في المجتمع؟ وكيف نصحح هذا المفهوم الخاطئ؟ هل المدرسة أوالجامعة أوالمسجد أوالأندية الرياضية أوالحي أومكان العمل جميعا والمزيد لهم أدوار كبيرة في التثقيف والتلطيف، في محاولة القضاء على العلاقة تنتهي بعد انتهاء المصلحة، فالحب والبغض من طبيعة الإنسان، ومن صفاته المتأصلة، ولن يخلو إنسان من حب أو بغض، وفي الغالب يُسير الحب والبغض النفس، فتصدر الأعمال والأقوال تبعا لهما، فالحب يورث الائتلاف والمودة، والتعاون والرحمة، فتسعد الجماعات والأمم والأفراد، وأما البغض، فيورث القطيعة والهجر، والفرقة والاختلاف والقسوة.
فتفترق الجماعات والأفراد، وتفسد علاقات الأمم، ولما للحب والبغض من أثر على الأمة وضع الإسلام لهما ميزانا، وحد لهما حدودا، حتى لا يشقى الناس بين حب أعمى وبغض عقيم، فالميزان الحق أن يكون حبك وبغضك لله، تحب المؤمنين ولو خالفوا رأيك، وتبغض الكافرين المفسدين ولو وافقوك أحيانا، والحب في المجتمع الإسلامي دافعه الإخلاص لله وحده لا شريك له، لا المجاملة الكاذبة والرياء، ولا المصالح الدنيوية، ولكن هل انتهت الصداقة الحقيقية بين الناس وتحوّلت إلى صداقة مصالح؟ وهل مبدأ صداقتي هي مصلحتي هو السواد الأعم في مجتمعنا؟ للأسف وبحزن كبير أقول نعم هذا هو التوجه العام.