مجرمون ومحرومون ومغرمون بالمخدرات

بقلم / د. عثمان بن عبدالعزيز آل عثمان

يسعى المخربون والمجرمون بكامل طاقتهم إلى محاربة كل خير وبركة وسعادة، وأمن وأمان هذا الوطن، واستهداف شبابه وبناته، من خلال ترويج المخدرات الخبيثة بشكلٍ واسعٍ ومؤثر ،وما تابعناه ورأيناه بأنفسنا من قيام حملة ضدهم في وطننا المبارك، وتعاون وإخلاص الجميع يثلج الصدر ويريح البال.

ولا يخفى على عاقل أن المخدرات -بكلِّ أنواعها- من أشدِّ الأخطار التي تدمر عقول وصحة ونفسية أجيال المستقبل ؛ فلها آثار كارثية، بحيث تؤثر على ضروريات مهمة أوصى الدين الإسلامي بحفظها وحمايتها،وقد فهم علماء المسلمين من نصوص الشريعة الإسلامية ومقاصدها تحريم المخدرات بناءً على أدلة من القرآن الكريم والسنة، منها/ قول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) وقوله أيضًا: (ويُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)، ومن السنة كثير كقول أم سلمة رضي الله عنها: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومُفَتِّر)، والمخدرات خبيثة ضارة مسكرة،ولها آثار خطيرة على الناس ؛ لذا يحب على الجميع العمل بروح الفريق الواحد، بشكل متكامل ومتجانس وفعال، والإسهام في توعية الناس وتحذيرهم من هذه الآفات الخطيرة و بيان مخاطرها الجسيمة، وحكومتنا -سدَّد الله خطاها- تقوم بحملة مكافحة السموم، وتعمل على اتخاذ كافة التدابير التي من شأنها أن تمنع وتقضي على انتشار وبلاء خطير يهدد الأمن والأمان والاستقرار والتقدُّم لحياة سعيدة بلا مشاكل ؛لذلك يجب علينا بذل كافة الجهود في كل المجالات والأصعدة، بالتعاون والتكاتف والتعاضد مع جميع الجهات ذات العلاقة؛ للحدِّ من المرض العضال آفة العصر التي تقضي على العقل البشري، والعيش فى نكد دائمًا؛ وقد علم أعداء الإسلام أنَّ أعز وأغلى ما تملك الأمة شبابها؛ فحرصوا على ترويجها بينهم، فهم دعاة هدم ودمار .
ولاشك بأن متعاطي المخدرات إذا مات بسببها فإنه يُعدُّ قاتلاً نفسه بتلك المواد السامة فيها ، وإن كان القتل بطيئًا ،أو سريعُا فإنه يأثم بذلك ،ويعتبر من المبذرين، قال الله تعالى:( إنَّ المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا) (سورة الإسراء: ٢٧).
وإنَّ إقبال الفرد على المخدرات يعتبر جريمةً كبرى يقترفها فى حق دينه ووطنه وأهله.
وكلما انتشر الوعي بهذه الأخطار . ساهم ذلك في الابتعاد عن الإدمان، وحافظ الإنسان على حياته، وسلم من العقاب في الآخرة.
وللمخدرات أخطار على المجتمع ،حيث لا تقتصر أضرار المخدرات على المدمن، أو المحيطين به، بل تطول المجتمع ككل، الذي يفقد تماسكه الأخلاقي وتنتشر فيه الجريمة والعنف، ويعيش أفراده في خوف وانعدام الأمن و الأمان والاستقرار، ولذلك مظاهر عدة منها .
يؤدي تعاطي المخدرات إلى تفشي جرائم العنف من اغتصاب، وسرقة، وقتل؛ مما يشيع الخوف والشعور بانعدام الأمن بين أفراده.
وكذلك تؤثر المخدرات على مراكز الذاكرة والانتباه؛ الأمر الذي يؤدي إلى ارتكاب الحوادث أثناء القيادة، والتسبب في الإصابات الجسدية، وأحيانا الوفاة للمدمن أو المارة في الطريق.
وقد خصَّصت الدولة نفقات كبيرة من مقدراتها لمكافحة المخدرات، وبناء مراكز لعلاج الإدمان يؤدي إلى زيادة التكلفة على الدولة والمجتمع، وبالتالي سوء الحالة الصحية إلى جانب تضرر باقي القطاعات الأخرى التي تقتطع من ميزانيتها النفقات المالية لصرفها على مكافحة الإدمان، إلى جانب الخسارة الكبيرة في عوامل الإنتاج من معدات وآلات في المصانع.

و كذلك تؤدي المخدرات إلى حدوث انهيار أخلاقي في المجتمع ككل؛ بسبب انتشار السلوكيات الإجرامية وغياب الرقابة الداخلية والسلوك الإنساني على التصرفات الفردية.
ومن أضرار المخدرات على المجتمع حدوث انتشار واسع للأمراض المعدية، مثل: الإيدز، فيروس سيء بسبب الممارسة الجنسية ، وتبادل الحقن مع أشخاص يحملون تلك الأمراض.
وكذلك تؤدي المخدرات إلى تدمير تام للقدرات العقلية للشخص المتعاطي؛ مما يخرجه من دائرة العمل، وبالتالي فقدان المجتمع للكوادر العمالية الماهرة التي تلعب دورًا أساسيًا في زيادة إنتاجيته.
ومن أهم أخطار المخدرات على الفرد هو ما ينتج عنها من غياب للعقل، واضطراب الإدراك الحسي، وانخفاض المستوى الذهني والكفاءة العقلية، حيث يؤدي إدمان المخدرات إلى :
حدوث التهابات في خلايا المخ وتآكلها، مما يؤدي إلى فقدان الذاكرة، والهلوسة السمعية والبصرية والعقلية في أحيان كثيرة.
وكذلك حدوث اضطرابات شديدة في القلب ينتج عنها تعرض المدمن لذبحة صدرية وانفجار في شرايين القلب.
و يؤدي تعاطي المخدرات أيضًا إلى حدوث اضطرابات في الجهاز الهضمي وتليف في الكبد.
و يسبب تعاطي المخدرات حدوث التهاب المعدة المزمن، كما يسبب التهابًا في غدة البنكرياس وتوقفها عن عملها.
ومن أخطار المخدرات كذلك أن يتحول المدمن لشخص عدواني، لديه رغبة شديدة في الحصول على جرعة المخدر، أو المال اللازم لشرائها مهما تكلف الأمر.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المخدرات تحول متعاطيها لشخص انطوائي يحب العزلة، ويفضل تجنب الآخرين.
من آثار الإدمان النفسية أن يُصاب المدمن بالاكتئاب، أو ما يعرف بسوداوية الفكر، كما أنه يكون دائم القلق والتوتر والخوف من أبسط الأشياء.
ومن أخطر آثار المخدرات هو ما تؤدي إليه من تفكك أسري، حيث تكثر الخلافات الأسرية؛ بسبب كثرة المتطلبات المالية للمدمن كي يحصل على كفايته من المواد المخدرة؛ مما يؤثر على الحالة الاقتصادية للأسرة، وقد رُصد في العديد من الحالات تحول أسر ميسورة الحال إلى أسر فقيرة تطلب العون من الآخرين، بسبب وجود فرد مدمن بداخلها.

بالإضافة إلى ذلك، قد يقوم مدمن المخدرات بالإقدام على أفعال مشينة، كالاعتداءات الجنسية على أفراد أسرته بسبب غياب عقله ، ومن الآثار المدمرة أسريًا التي تنتج عن الإدمان أيضًا، هو وقوع الطلاق بين الزوجين بسبب إدمان أحدهما للمخدرات، أو بسبب الخلافات التي تحدث بينهما حال اكتشاف وقوع أحد أبنائهما في فخ الإدمان،
وهناك عيادات متخصصة لمعالجة مدمن المخدرات، ويقوم عليها متخصصون ومتخصصات أفاضل، والحمد لله رب العالمين نفع الله بها وترك الكثير من الناس المخدرات، بعد توفيق الله تعالى ، وأخذ العلاج اللازم.
رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية لصعوبات التعلم
مخترع
عضو هيئة الصحفيين السعوديين.

OZO123@hotmail
@DRALOTHMAN

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.