متواليات .. ثائر العزاري


كتب / فرج أحمد فرج
باحث اثروبولوجيا


العراق، هو: «سُرَّة الدنيا»، وأن أرضه: «صفوة الأرض» فيها: «محاسن جميع أهل الأقطار» وشدّد بنحو جليّ جاهر على أن من لم يرَ بغداد ويختلط بأهل العراق، فكأنه لم يرَ الدنيا، ولا رأى الناس
الدموع تميت الوطن، والدماء من تحييه، لذلك يمُكنك أن تختار القرار المناسب لك، وطننا العراق خلق لكي يحيا دائماً على الرغم من الظروف والمصاعب التي مرت به.
ولولا كثرةُ الواشينَ حولي” أثرتُ بشعريَ الداءَ الدخيلا ” ” الجوهري

نظمت اللجنة الثقافية والفنية وصالون السبت الثقافى ندوة استضاف فيها
” د. ثائر العزاري ” الاديب العراقي استاذ الادب الحديث بجامعة واسط بالعراق
وذلك فى تمام الساعة الواحدة ظهرا يوم السبت الموافق 19اغسطس 2023 الجارى بنقابة الصحفيين المصرية ، وادارها الكاتب الصحفى والفنان الكبيرالأستاذ محمود الشيخ مدير الصالون
وادار الندوة كل من الاستاذ الكاتب الصحفي محمود الشيخ والكاتب الروائي والصحفي القدير عادل سعد الذي اثري بعبقريتة ادارة الحوار.
غاص مباشرة د. ثائر العزاري في الحديث عن العراق بعد المقدمة الرائعة التي قدمه بها الاستاذ محمود الشيخ .
في البداية أود القول أن الكتابة والنشر مسؤولية وأمانة، فنحن مسؤولون عن كل كلمة نكتبها، وحين يبدو لنا أننا كنا مخطئين في تصور ما كنا قد كتبناه فلا مناص من الاعتراف للقراء بالخطأ والاعتذار، أما العزة بالإثم فهي قصيرة العمر
ليس المشير التجنيسي الذي يوضع على أغلفة الكتب (شعر، رواية، قصص، مسرحية، ….) محض طريقة للتصنيف، بل هو بمثابة أمر لجهاز التلقي عند القارئ لتشغيل نظام توقع لأشكال خاصة من البنى اللغوية تتعلق بالجنس الأدبي الذي تحدد سلفا. وحين يكون المشير التجنيسي (متوالية قصصية) فإن القارئ سيتهيء للبحث عن الوحدة التي تجعل القصص المتعددة مشروعا أدبيا واحدا، ما يكسبها دلالة جديدة غير الدلالات الناتجة من قراءة القصص منفردة.
ثم دلف بعد هذا السرد السريع بتلك الاحداث التي مرت بالعراق وحتي الاحتلال الامريكي وتصدير همجيات داعش .وتحدث عن الثقافة في العراق وما مرت به من تقلبات .
يضيء الدكتور ثائر العذاري، أستاذ النقد الحديث والاستاذ الزائر في جامعة الاسكندرية وتعرفه علي القاص ” منير عتابه ” والذي اعتبر كتاباته ما هي الا متوالية قصصية
في كتابه الجديد “المتواليّة القصصية “- الأصول والتجنيس والتمثلات» الصادر عام 2020، واحداً من المصطلحات الإشكالية الحديثة التي أثارت خلافاً كبيراً بين النقاد والباحثين ومع البحث اكتشف هذا النوع من الكتابة بدأ في امريكا.
يقول عن المتوالية القصصية انها جنس ادبي يتوسط بين المجموعة القصصية والرواية ، فيجمع بين سحر القصة القصيرة ومرواغتها وتماسك الرواية ووحدتها ، عرفه العالم منذ اوائل القرن العشرين علي يد جيمس جويس وشيروود اندرسون ومنذ اواسط ذلك القرن حظي بأهتمام النقاد فكتبوا مئات الدراسات وعشرات الكتب عنه ى، لكنه لم يحظ بعناية الناقد العربي.علي الرغم من اقتحام ادباء السرد العربي له ونشرهم عددا من الاعمال التي يمكن ان تعد بواكير ظاهرة سردية جديدة


الا انه يري ان ملحمة جلجامش هي البداية مع المقامات وذكر ايضا كليلة ودمنة والف ليلة وليلة
الدكتور ثائر العذاري قرر أن يخوض المواجهة حتى النهاية من خلال المباشرة بكتابة كتابه الجديد هذا. ويعترف الناقد بأنه اصطدم بهذا المصطلح عام 2011 عندما كان أستاذاً زائراً بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية؛ فراح يتقصى أصوله ومصادره وتمثلاته. ولم يقتصر جهد الناقد على الاطلاع المضني على المراجع الأساسية، بل عمد إلى إجراء عملي يحسب له، وذلك من خلال إقامة حوار مباشر حول المصطلح مع أحد أبرز النقاد المهتمين به هو روبرت لوشر،
حاول الناقد التمييز بين المجموعة القصصية التقليدية التي تكتب في أوقات متباعدة، وبين المتوالية القصصية التي تشترك أقاصيصها في مقومات كثيرة منها البنية المكانية الموحدة، كما هو الحال في «أهل دبلن» لجميس جويس. كما يذهب الناقد إلى الاعتقاد أن مجموعة نجيب محفوظ «أولاد حارتنا» هي واحدة من أقدم المتواليات في الأدب القصصي العربي الحديث، والتي تدور أحداثها داخل مكان محدد، وقد تبنى المتوالية القصصية، كما يرى الناقد من خلال التركيز على «شيء» واحد مثلما فعل الكاتب الكويتي طالب الرفاعي في متوالية «الكرسي» التي تمحورت حول الكرسي وتنويعاته الوظيفية المتنوعة. وقد تتشكل المتوالية القصصية على زاوية النظر التي يتعامل بها القاص مع التجربة القصصية أو على وحدة الشخصية القصصية،
وعن اهم ملامح القصة القصيرة في العراق .. قال اول مجموعة قصصية ظهرت ونشرت عام 1922 لمحمود احمد السيد وتعتبر اول مجموعة قصصية وكانت ناضجة جدا لقرب القاص من الادب الانجليزي . ومن عام 1920 الي 14 تموز 1958 كانت تصدر بالنجف فقط في حدود 50 صحيفة وفيها ظهر عدد كبير من القصاصين لاتها هي بيت تفريخ المبدعين وكان ابرزهم ” فؤاد التكرلي” كتب مجموعته والتي تعتبر دراسة للمجتمع العراقي في ذلك الوقت حيث كان يعمل قاضيا فتعرف عن قرب الكثير من القضايا .
وتذكر الاستاذة سهير القلماوي عندما زارت العراق وفي احد اسواقها سمعت بائعي الفاكهة والخضار ينادون عن مبيعاتهم بالشعر والذي مازال هو لغة الناس .
يؤدي الحيز المتاح للقاص في القصة القصيرة جدا الى أن تتخذ اللغة أشكالا جديدة وغير معتادة،فالبداية تحتاج الكثير من المدارسة ، قد تكون سهلة تقنيا ” لان لديه حبكة ” وعليه ان يختار نقطة ويبدأ منها في القصة القصيرة
اصعب امر فيها متمثلة في عنوانها قد يكون كلمة واحدة او اثنين . وعليه ان يدخل فضاء القصة بأسرع وقت ممكن وان يعلق القارئ بهذه الجملة ويجبره علي اتمام قراءة النص وهنا قد يستغل البعض بموسيقي او نغمة خفية يجبرك ان تكمل تلك النغمة .
التسؤل كيف تبني البداية ؟
اكد انه علي جملة البداية ان تقدم اكبر عدد ممكن من المعلومات بأقل عدد من الكلمات مع وجود نقص في تلك المعلومات .. تغري القارئ علي ان يكمل بنفسه النص لاتمام هذا النقص .
ثم عرض تقنيات القصة القصيرة بدا بتقنيات البداية واجل الكلام عن النهاية معبرا ان الكتابات فيها كثيرة وذهب الي سوزان لاهفر التي تقول ان القصة القصيرة ” هي نص يكتب من اجل النهاية “
فالقاص عندما يشرع في في كتابة قصة اول ما يخطر بذهنه ” النهاية” كيف ستكون .. ثم يكتب نصا لهذه النهاية اما البداية تحتاج الكثير من الدراسة وقد تكون من اسهل التقنيات لان لديه حبكة وعليه ان يختار نقطة يبأ منها اما في القصة القصيرة هناك صعوبة في وضع العنوان وبداية نصه في كلمة او اثنين او ثلاث وعليه ان يدخل في فضاء القصة بأسرع وقت ممكن .
وهنا يستغل كتاب القصة امرا قد يكون واضحا في فنون اخري مثل الموسيقي مثلا لانها تتعلق بالاذن فيتلق بها المقام من غير ان يحدد لها هذا المقام .
ببساطة علي جملة البداية يجب ان تقدم ويتتم بطرائق كثيرة منها : يقول هنري جيمس .. يجب ان تقدم البداية صورة لاخبرا علي القاص ان يرينا الشخصية لا .. ان يخبرنا عنها
فمثلا لو بدات رواية وقيل كان احمد طالبا في الهندسة قسم الدوائر الكهربية .. اكيد ستكون رواية من بدايتها فاشلة .. ولكن قال كا كل ثلاثاء يحمل كتاب الدوائر المنطقية واستقل الباص وهو يفكر بالاشهر الثلاث التي تفصله عن التخرج .. هنا نري ان كا كل ثلاثاء عبرت عن فعل يحدث باستمرا ويحمل كتاب الدوائر .. استنتجنا انه طالب بكلية الهندسة وثانيا ذكر الثلاثاء اوحي لنا ان هذا الثلاثاء مختلفا وهذا هو النقص المقصود في المعلومات التي تغري القارئ ان يكمل القراءة وان هناك مسافة في المعلومات رسمت لنا صورة فيها معلومات ان الوصول للجامعة يحتاج الباص .. كل تلك المعلومات تحتاج لتكملة .
واحيانا يحذف جملة البداية ويبأ بحرف عطف مثل ولما صعد فلان بالمصعد ” فعل حاضر نراه يدخل القارئ فضاء القصة بسرعة جدا وتشعره انه كان موجودا سابقا الان طيه الواقع اي نسلخه من واقعه من البداية للنهاية ومن الاشياء الشائعة ان تكون اول كلمة فعل مضارع تدل علي الحاضر سلبته من واقعه ووضعته في حوار القصة وترحه في فضاءها وكانه يراها الان
كانت سوزان لا هفر تعبر عنها بتعبير جميل وتدخله في حلقة هذه النقطة من البداية للنهاية والتي ستعود به الي واقعه مرة اخري والبداية وظيفتها تحدد الجو الشعوري ” التون” وزاوية النظر اي من الذي ينظر ومن اي نقطة .
وبذلك راينا للبداية وظائف منها: تحدد الجو الشعوري للقصة هل هي حزينةاو ساخرة وجادة او عاطفية ومن كلماتها الاولي نحدد الجو الشعوري الذ سندخل فيه . اضافة لزاوية النظر ” من الي سينظر للاحداث ومن اين ينظر .
أكد في كتابه أن المتوالية القصصية هي جنس سردي مستقل، منفصل عن الرواية، وعن القصة القصيرة نفسها، لكن حدودها سائلة؛ ما يجعلها تشتبك مع مجموعة من الأشكال المتنوعة. ومن الجانب الآخر، يتفق الباحث مع رأي الناقد رالف لندن في تقسيم المتواليات القصصية إلى أربعة ضروب أساسية، هي المتوالية القصصية العنقودية والمتوالية القصصية المتسلسلة والمتوالية القصصية الحلقية والنوفيلا، ويفرد الباحث صفحات عديدة للتعريف بهذه الضروب وتمثلاتها في الأدبين العالمي والعربي.
ويختتم الباحث كتابه بالحديث عن بنية التماسك في المتوالية القصصية، حيث يذهب إلى أن هذا الجنس الأدبي ينهض على ثنائية، هي التوتر والتعدد الناتجين من كون كل قصة في المتوالية لا بد أن تكون مكتفية بذاتها. وخلص إلى القول، إن كتاب المتواليات القصصية اكتشفوا بمرور الزمن أنها ميدان واسع للإبداع وابتكار أساليب لا يحدها سوى خيال الكاتب لبناء “التماسك”
في عصر التنوير الأوروبي كان الروائي الإسباني الشهير ميخائيل دي سرفانتس يفكر في صياغة شخصيته التي بدأت ملامحها تتكشف الآن، هذه الشخصية التي ستجسد في اندفاعاتها العاطفية وتخييلاتها وتوهماتها غير العقلانية وهوسها بأدب الفروسية وأخلاقه البائدة، وستجسد القطيعة المعرفية مع التصورات الغيبية القديمة للعالم التي أنجزها التنوير الأوروبي؛ حيث كانت تلك الشخصية لا تزال تتمثل العالم بصورته السحرية غير العقلانية.
إنها شخصية “دون كيشوت” التي سيولد بولادتها فن الرواية الحديثة، والتي ستصبح بعد ذلك علامة فارقة في تاريخ تطور السرد الروائي من جهة، وعلامة على النقلة المعرفية التي حدثت في تلك الحقبة والقطيعة بين الزمن التقليدي بكل منجزاته الثقافية والفكرية والأدبية، والولوج إلى الزمن الحديث، “زمن العقل والحسابات الكمية التي لا ترتهن إلى استيهامات الخيال وخلجات الوجدان”
رولان بارت «ممَّن أحيَوا العقل الأدبي بلا منازعٍ»، وظل منشغلًا طيلة حياته «بالطريقة التي يجعل بها الناس عالَمَهم مفهومًا ومعقولًا». يحظى بارت بالشُّهرة لجوانب متعددة؛ ففي نظر البعض هو ذلك البنيوي الذي رسم حدود «علم الأدب»، والمناصر الأبرز للسيميوطيقا، وفي نظر البعض الآخر لا يرمز بارت للعلم وإنما للمتعة؛ إذ اعتنق رؤيةً للأدب تمنح القارئ دورًا إبداعيًّا.
والسؤال اين يتجه الادب في العراق ؟
من ليلك الصيفي طلاّ فيه عطرك يا عراق بين القرى المتهيّبات خطاي والمدن الغريبة غنيت تربتك الحبيبة “السياب “
لكَ الحـَمدُ مهما إستطالَ البـــلاء
ومهمــا استبدَّ الألـم
لكَ الحمدُ إن ٌ الرزايـا عطـــاء
وإنٌ المَصيبــات بعض الكـَـــرَم
ألم تُعطني أنت هذا الظلام
وأعطيتني أنت هذا السّحر؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.