ما أطيبك من بلد


بقلم / هاجر الرفاعي

بسم الله والصلاة والسلام رسول رسول الإنسانية ورسول هداية البشرية محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم، ” ما أطيبك من بلد، وما أحبّك إليّ ولولا أن قومي أخرجوني منك، ما سكنت غيرك ” كلمات قالها المصطفي صلي الله عليه وسلم وهو علي حدود مكة خارجا منها، فما أروعك من كلمات، فهي كلمات قالها الحبيب صلى الله عليه وسلم وهو يودّع وطنه، إنها تكشف عن حبّ عميق، وتعلق كبير بالوطن، بمكة المكرمة، بحلها وحرمها، بجبالها ووديانها، برملها وصخورها، بمائها وهوائها، هواؤها عليل ولو كان محمّلا بالغبار، وماؤها زلال ولو خالطه الأكدار.

قالها النبي صلي الله عليه وسلم بلهجة حزينة مليئة أسفا وحنينا وحسرة وشوقا مخاطبا إياه: “ما أطيبك من بلد” ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مُعلم البشرية يحب وطنه لما قال هذا القول الذي لو أدرك كل إنسان مسلم معناه لرأينا حب الوطن يتجلى في أجمل صوره وأصدق معانيه، ولأصبح الوطن لفظا تحبه القلوب، وتهواه الأفئدة، وتتحرك لذكره المشاعر، إنها الأرض التي ولد فيها، ونشأ فيها، وشبّ فيها، وتزوّج فيها، فيها ذكريات لا تنسى، فالوطن ذاكرة الإنسان، فيها الأحباب والأصحاب، فيها الآباء والأجداد، إنه صلي الله عليه وسلم يحب مكةَ، ويكره الخروجَ منها، والرسول صلى الله عليه وسلم ما خرج من بلده مكة المكرمة.

إلا بعد أن لاقى من المشركين أصناف العذاب والأذى، ولكن عندما حانت ساعة الرحيل، فاض القلب بكلمات الوداع، وسَكبتِ العين دموعَ الحب، وعبّر اللسان عن الحزن، ومع كل ذلك لا يمكن أن يكرهها، وإن أصابه فيها ما أصابه، أخرجوه وطردوه وآذوه وشتموه ولكنها وطنه، وقد أخرج الأزرقي في أخبار مكة عن ابن شهاب قال: ” قدم أصيل الغفاري قبل أن يضرب الحجاب على أزواج النبي فدخل على السيدة عائشة رضي الله عنها فقالت له: يا أصيل، كيف عهدت مكة؟ قال: عهدتها قد أخصب جنابها، وابيضت بطحاؤها، قالت: أقم حتى يأتيك النبي فلم يلبث أن دخل النبي صلي الله عليه وسلم، فقال له: “يا أصيل كيف عهدت مكة؟”

قال: والله عهدتها قد أخصب جنابها، وابيضت بطحاؤها، وأغدق أذخرها، وأسلت ثمامها، فقال صلي الله عليه وسلم: ” حسبك يا أصيل لا تحزنا يا أصيل، دع القلوب تقر قرارها” أرأيت كيف عبر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عن حبه وهيامه وحنينه إلى وطنه بقوله: “يا أصيل دع القلوب تقر” .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.