لماذا يصر ترامب على تهجير الفلسطينيين إلى سيناء؟

 

د. محمود محمد علي

 

في هذا المقال أود أن أتساءل : إلى أي درجة بحيث تكون مواجهة تصريحات ترامب تؤدي إلى توتر في العلاقات المصرية – الأمريكية؟

عزيزي القارئ دعني أعود بك إلى التاريخ إلى ما قبل قيام دولة إسرائيل ، وذلك حين استنكرت مصر والأردن كل الردود الدعوة الخبيثة والمتكررة منذ أيام النكبة من جانب دول الغرب الموجهة للدول العربية لاستقبال المهاجرين الفلسطينيين، حيث ذهبت كما يقول جميل مطر ردود إلى سرد معلومات تؤكد أن الضغوط على العرب في هذا الشأن تعود إلى ما قبل قيام إسرائيل ونشوب الحرب العربية الإسرائيلية الأولى، وجاء في رد من الردود أن مشروعًا أحيل وقتها إلى مصر ودول أخرى يقضى بطلب الموافقة على الانضمام إلى صندوق كذلك الذى طرحته أمريكا لإنعاش أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.

وقد أطلق علي هذا المشروع كما يقول جميل مطر ” مشروع مارشال، بشرط أن توافق الدول العربية وممثلو الفلسطينيين على تهجير الشعب الفلسطينى إلى مواقع فى دول عربية، منها مصر والأردن، حددها المشروع. رفضته الدول العربية وقتها وترفضه الآن. وفى كل مرة يتقرر تأجيل تنفيذه فى انتظار ظروف أفضل. يسود الظن الآن بأن الظروف الأفضل تحققت خاصة، وقد صار المتحكم فى أمريكا مجموعة مقاولى إنشاءات ومغامرى استثمارات فى مشروعات ترفيه ودعارة وفنادق للقمار، وصارت غزة ركامًا والإبادة فيها وفى بقية فلسطين لا تتوقف.

والسؤال : لماذا يصر ترامب على تهجير الفلسطينيين إلى سيناء؟

والإجابة أن ترامب جيدا أنه لو استمر وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وتحول إلى اتفاق دائم، فسوف يكون ذلك انتصارا كبيرا للفلسطينيين وهزيمة استراتيجية لإسرائيل بكل ما تعنيه الكلمة كما يقول [عماد الدين حسين] ، وستكون له تداعيات حقيقية يمكن أن تصل إلى إمكانية هزيمة المشروع الاستيطانى الصهيونى بشرط جوهرى هو توحد الفلسطينيين مع وجود إسناد عربى حقيقى، أو على الأقل كف الأذى عنهم.

وبسبب ذلك أو خوفا من ذلك فإن إسرائيل ومعها الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية وربما الإقليمية سوف تسعى بكل الطرق إلى عدم الوصول لهذه النتيجة الكارثية بالنسبة لإسرائيل.

وانطلاقا من هذه الرؤية يمكن فهم واستيعاب تصريحات وغضب قادة اليمين المتطرف فى إسرائيل، من الاتفاق، ويمكن أيضا فهم خلفية تصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الداعية إلى نقل الفلسطينيين إلى خارج فلسطين لكى يحقق لإسرائيل بالسياسة والتهديد ما عجزت عن تحقيقه بالسلاح والتدمير.

ولذلك ليس مطلوبا منا كعرب أن نصرخ وندخل فى معركة مفتوحة مع ترامب، يكفى صراعنا مع اليمين الإسرائيلى المتشدد. ولكن فى نفس الوقت ليس مطلوبا بالمرة أن ننحنى أمام تصريحات وتلميحات وأفكار وتهديدات ترامب، فإذا كانت كولومبيا قد عارضته، وإذا كانت بنما قد تحدته، وإذا كانت كندا قد سخرت منه ومن أفكاره بانضمامها إلى الولايات المتحدة، وإذا كانت الدنمارك قد رفضت فكرة منحه جزيرة جرينلاند، فيمكن بسهولة لمصر والأردن والدول العربية المؤثرة أن ترفض هذا المقترح، إضافة بالطبع إلى تشبث الفلسطينيين بأرضهم وأرض أجداد أجدادهم.

صحيح ترامب جمّد المساعدات للجميع واستثنى مصر، لأن الإدارات الأمريكية المختلفة، خصوصا وزارات الخارجية والدفاع والأجهزة الأمنية المختلفة تدرك الأهمية الكبرى لمصر.
وبالتالى علينا أن نعيد اكتشاف مواطن قوتنا وعلينا أن ننسق مع كل القوى والدول العربية والإقليمية والدولية من أجل إفشال هذا المخطط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.