بقلم / محمـــد الدكـــروري
الاثنين الموافق 28 أكتوبر 2024
الحمد لله أحاط بكل شيء خبرا، وجعل لكل شيء قدرا، وأسبغ على الخلائق من حفظه سترا، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، أرسله إلى الناس كافة عذرا ونذرا صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، أخلد الله لهم ذكرا وأعظم لهم أجرا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين ثم أما بعد يقول الله تعالي كما جاء في سورة البقرة ” للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم ” ومعني قوله تعالى ” للذين يؤلون ” يؤلون معناه يحلفون والمصدر إيلاء وألية وألوة وإلوة وقرأ أبيّ بن كعب وابن عباس للذين يقسمون ومعلوم أن يقسمون تفسير يؤلون وقرئ للذين آلوا يقال آلى يؤلي إيلاء وتألى تأليا.
وائتلى ائتلاء أي حلف ومنه قوله تعالى “ولا يأتل أولو الفضل منكم” وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كان إيلاء الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك يقصدون بذلك إيذاء المرأة عند المساءة، فوقت الإسلام لهم أربعة أشهر، فمن آلى بأقل من ذلك فليس بإيلاء حكمي ويلزم الإيلاء كل من يلزمه الطلاق، فالحر والعبد والسكران يلزمه الإيلاء، وكذلك السفيه والمولى عليه إذا كان بالغا غير مجنون وكذلك الخصي إذا لم يكن مجبوبا والشيخ إذا كان فيه بقية رمق ونشاط وفي قول يصح إيلاؤه فإن الفيء هو الذي يسقط اليمين والفيء بالقول لا يسقطها، فإذا بقيت اليمين المانعة من الحنث بقي حكم الإيلاء، وإيلاء الأخرس بما يفهم عنه من كتابة أو إشارة مفهومة لازم له وكذلك الأعجمي إذا آلى من نسائه.
وإختلف العلماء فيما يقع به الإيلاء من اليمين فقال قوم لا يقع الإيلاء إلا باليمين بالله تعالى وحده لقوله عليه السلام “من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت” وبه قال الشافعي في الجديد، وقال ابن عباس رضي الله عنهما كل يمين منعن جماعا فهي إيلاء وبه قال الشعبي والنخعي ومالك وأهل الحجاز وسفيان الثوري وأهل العراق والشافعي في القول الآخر، وأبو ثور وأبو عبيد وابن المنذر والقاضي أبو بكر بن العربي، قال ابن عبد البر وكل يمين لا يقدر صاحبها على جماع إمرأته من أجلها إلا بأن يحنث فهو بها مول، إذا كانت يمينه على أكثر من أربعة أشهر، فكل من حلف بالله أو بصفة من صفاته أو قال أقسم بالله أو أشهد بالله أو علي عهد الله وكفالته وميثاقه وذمته فإنه يلزمه الإيلاء، فإن قال أقسم لزمه الإيلاء.
وروي عن حمزة بن أبي أسيد عن أبي أسيد رضي الله عنه قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى إنطلقنا إلى حائط يقال له الشوط حتى إنتهينا إلى حائطين فجلسنا بينهما فقال النبي صلى الله عليه وسلم إجلسوا ها هنا ودخل وقد أتي بالجونية فأنزلت في بيت في نخل في بيت أميمة بنت النعمان بن شراحيل ومعها دايتها حاضنة لها فلما دخل عليها النبي صلى لله عليه وسلم قال هبي نفسك لي قالت وهل تهب الملكة نفسها للسوقة قال فأهوى بيده يضع يده عليها لتسكن فقالت أعوذ بالله منك فقال قد عذت بمعاذ ثم خرج علينا فقال يا أبا أسيد إكسها رازقيتين وألحقها بأهلها” رواه البخاري.