لا تُفسدوا القهوة

متابعة/ عبير سعيد

اعتاد أستاذ جامعي بعد أن أُحيل إلى التقاعد أن يدعو كل فترة دفعة من طلابه الخريجين وبعد أن التقى الخريجون في منزل أستاذهم العجوز بعد سنوات طويلة من مغادرة مقاعد الدراسة وبعد أن حققوا نجاحات كبيرة في حياتهم العملية ونالوا أرفع المناصب وحققوا الاستقرار المادي والاجتماعي ، وبعد عبارات التحية والمجاملة طفق كل منهم يتأفف من ضغوط العمل والحياة التي تسبب لهم الكثير من التوتر..
غاب الأستاذ عنهم قليلاً ثم عاد يحمل أبريقا كبيراً من القهوة
ومعه فناجين من كل شكل ولون :فناجين صينية فاخرة فناجين ميلامين فناجين زجاجية عادية فناجين بلاستيك
فناجين كريستال بعض الأكواب كانت في منتهى الجمال
تصميماً ولوناً وبالتالي كانت باهظة الثمن
بينما كانت هناك أكواب من النوع الذي تجده في أفقر البيوت
قال الأستاذ لطلابه :
تفضلوا، وليسكبْ كل واحد منكم لنفسه القهوة
وعندما بات كل واحد من الخريجين ممسكاً بكوب تكلم الأستاذ مجدداً :
هل لاحظتم أن الأكواب الجميلة فقط هي التي وقع عليها اختياركم وأنكم تجنبتم الأكواب العادية ؟
من الطبيعي أن يتطلع الواحد منكم إلى ما هو أفضل وهذا بالضبط ما يسبب لكم القلق والتوتر ما كنتم بحاجة إليه فعلا هو القهوة وليس الكوب ولكنكم تهافتم على الأكواب الجميلة الثمينة و بعد ذلك لاحظت أن كل واحد منكم كان
مراقباً للأكواب التي في أيدي الآخرين فلو كانت الحياة هي : القهوة
فإن الوظيفة والمال والمكانة الاجتماعية هي : الأكواب
وهي بالتالي مجرد أدوات ومواعين تحوي الحياة
ونوعية الحياة (القهوة) تبقى نفسها لا تتغير
و عندما نركز فقط على الكوب فإننا نضيع فرصة الاستمتاع بالقهوة
وبالتالي أنصحكم بعدم الاهتمام بالأكواب والفناجين
وبدل ذلك أنصحكم :
استمتعوا بالقهوة

أما بعد ..

النظر إلى ما في أيدي الآخرين يفسد علينا متعة الاستمتاع بما في أيدينا.
إذا رأيتَ في يد شخص شيئاً أجمل مما في يدك
فلعله تعويض عن شيء حُرم منه. البيوت أسرار
والناس صناديق مُغلقة.


أعجبتني فقررت نشرها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.