لا تدعوا على الأقارب إلا بالهداية والتوفيق

بقلم الدكتور / عثمان بن عبدالعزيز آل عثمان

عالم يعجّ بالتحديات والمشكلات، لا يخلو فيه أي إنسان من خلافات أو صراعات مع الآخرين، وقد يكون الأقارب أكثر من نواجه معهم بعض هذه التحديات. في لحظات الغضب، يلجأ البعض إلى الدعاء على أقاربهم، متناسين أن الدعاء سلاح ذو حدين، وأنه قد يُستجاب بطرق لا يتوقعونها، فيندمون حين لا ينفع الندم.

الدعاء عبادة عظيمة، ينبغي أن يُستخدم في الخير لا في الشر، فبدلًا من الدعاء على الأقارب، من الأجدر أن نسأل الله لهم الهداية والصلاح والتوفيق، لأن تغيير القلوب بيد الله وحده، ولأن الدعاء بالخير قد يكون سببًا في إزالة الخلافات وتقوية الروابط، بدلًا من تعميق الفجوات وزيادة القطيعة.

كان هناك شاب يُدعى عبدالعزيز، نشأ في عائلة مترابطة، لكنه كان دائم الشجار مع ابن عمه عبدالله. كان بينهما تنافس شديد، وغالبًا ما كانا يختلفان على أمور صغيرة، حتى تحولت العلاقة بينهما إلى خصومة دائمة.

في أحد الأيام، حدثت بينهما مشادة كلامية حادة، انفعل فيها عبدالعزيز بشدة، ورفع يديه إلى السماء قائلاً: “اللهم انتقم منه، ولا تريني له خيرًا أبداً!” نطقها وهو في قمة الغضب، ولم يكن يعلم أن كلماته ستغير مجرى حياته.

مرت الأيام، وذات مساء جاءه خبر مفاجئ: عبدالله تعرّض لحادث سيارة خطير، وهو بين الحياة والموت. صُدم عبدالعزيز، وسارع إلى المستشفى، وهناك رأى ابن عمه ممددًا على سرير المرض، فاقدًا للوعي. تذكر حينها دعاءه، وامتلأ قلبه بالندم والخوف، شعر أن دعاءه قد استُجيب، وأنه كان سببًا فيما حدث لعبدالله.

بقي بجواره طوال الأيام التي قضاها في المستشفى، يدعو له هذه المرة بالشفاء، ويبكي نادمًا على ما بدر منه. وبعد فترة، أفاق عبدالله من غيبوبته، ونظر إلى عبدالعزيز بعينين مرهقتين، لكنه ابتسم وقال: “كنت أشعر أنك بجانبي طوال الوقت.”

أدرك عبدالعزيز حينها أن الخصومة لا تستحق أن يدعو الإنسان على أقاربه، بل الأولى أن يسأل لهم الهداية، ويجتهد في إصلاح العلاقة بدلاً من تعميق الفجوة. تعلم درسًا عظيمًا بأن الكلمات التي تخرج من القلب قد تكون سيفًا يعود على صاحبه، وبأن الدعاء يجب أن يكون دائمًا بالخير، فالله سبحانه وتعالى هو القادر على إصلاح النفوس وتغيير القلوب.

النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قدوتنا في كل شيء، لم يكن يدعو على أحد من أقاربه أو قومه، بل كان يسأل الله لهم الهداية، حتى لمن آذوه وأساءوا إليه، وهذا ما ينبغي أن يكون نهج كل مسلم، فالدعاء بالخير مفتاح للرحمة والمغفرة، وقد يكون سببًا في إصلاح النفوس وإزالة الخلافات.

علينا أن نتذكر دائمًا أن كل كلمة تخرج من أفواهنا تُسجَّل، وكل دعاء يرتفع قد يُستجاب، فليكن دعاؤنا لمن حولنا، وخاصة أقاربنا، دعاء خير وهداية وبركة، لعل الله يجعل فيه مخرجًا لنا ولهم، ويكتب لنا به الأجر والثواب.
#صلة_الرحم
#الدعاء_بالهداية
#الدعاء_بالخير
#احفظ_لسانك
#الكلمة_مسؤولية
#لا_تدعو_على_أقاربك
#ادعوا_لهم_لا_عليهم
#التسامح_والعفو
#الإحسان_إلى_الأقارب
#الإصلاح_بين_الناس
#أثر_الكلمة
#الندم_بعد_الدعاء
#الدعاء_سلاح
#ادعوا_بخير
#هدى_وتسامح
#حياة_بلا_ندم
#خير_الكلام
#الرفق_والرحمة
#بركة_الدعاء
#أدب_الدعاء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.