بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد، يقول عثمان بن عبد الحميد “وقع عند جيران غزوان حريق، فذهب يطفئه، فوقع شرارة على أصبع من أصابعه، فقال ألا أراني قد أوجعتني نار الدنيا، والله لا يراني ضاحكا حتى أعرف أينجيني من نار جهنم أم لا؟” وقد كان جماعة من السلف عاهدوا الله أن لا يضحكوا أبدا، حتى يعلموا أين مصيرهم، إلى الجنة؟ أم إلى النار؟ منهم جمعة الدوسي، والربيع بن خراش، وأخوه ربعي، وأسلم العجلي، ووهيب بن الورد، وغيرهم، ويروى في بعض الآثار أن صحف نبي الله موسى عليه السلام كانت عبرا كلها، ومما يروى فيها “عجبت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح، عجبت لمن أيقن بالنار ثم هو يضحك،
وعجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصب، عجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم اطمأن إليها، وعجبت لمن أيقن بالحساب غدا ثم لا يعمل” ومن السلف من أحدث له خوفه من النار مرضا، ومنهم من مات من ذلك، وكان الحسن يقول في وصف الخائفين ” قد براهم الخوف، فهم أمثال القداح، ينظر إليهم الناظر فيقول مرضى وما هم مرضى، ويقول قد خولطوا، أي أصابهم شيء في عقلهم وقد خالط القوم من ذكر الآخرة أمر عظيم، وفى سرعة الاستجابة لأوامر الله تعالى ورسوله الكريم تجد أن الرعيل الأول من صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام قد ضربوا أروع الأمثلة في الاستسلام للوحي والتسليم لأوامر الشريعة الغراء، فقد كانوا يتقبلونها بكمال إذعان وإنقياد دون إعتراض أو تلكؤ أو نكوص فحين نمعن النظر نجد أن الأمر لم يكن يتوقف مع الصحابة الكرام عند حدود التصديق وفقط.
ولكن كان يتبع التصديق إنصياع وإستجابة وعمل فوري، فكان تلقي الخبر أو الأمر أو النهي يترجم من فوره مباشرة ودون أدنى تأخر إلى واقع ملموس وفعل محسوس، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر وصاياه في مرضه الذي توفي فيه عن قتادة عن سفينة مولى أم سلمة عن أم سلمة قالت “كان من آخر وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم حتى جعل نبي الله صلى الله عليه وسلم يلجلجها في صدره وما يفيض بها لسانه” رواه أحمد، وفي حجة الوداع بعد أن حمد اللهَ وأثنى عليه وذكّر ووعظ ثم قال صلى الله عليه وسلم “استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوان ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن بأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرّح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا، إن لكم من نسائكم حقا،
ولنسائكم عليكم حقا، فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذنّ في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن” رواه ابن ماجة، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال إن النبي صلى الله عليه وسلم كان في المسير وكان حاد يحدو أو سائق فكان نساؤه يتقدمن بين يديه فقال له “يا أنجشة ويحك إرفق بالقوارير” رواه أحمد، وكما قال صلى الله عليه وسلم “كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالأمير الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسئولة عنهم وعبد الرجل راع على بيت سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته” رواه البخاري ومسلم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت” رواه أبو داود، أي من يعول أو من وليّ رعايته.
وقال صلى الله عليه وسلم “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره، وإستوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا” رواه البخاري، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن المرأة خلقت من ضلع، لن تستقيم لك على طريقة فإن إستمتعت بها إستمعت بها وبها عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها” رواه مسلم، وفي رواية ” وإذا إستمعت بها إستمتعت بها وبها عوج ولن تستقيم لك على طريقة أبدا”.