كانوا قليلا من الليل ما يهجعون

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله حمدا كثيرا كما أم

ر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرغاما لمن جحد وكفر، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، سيد الخلائق والبشر، الشفيع المشفع في المحشر، صلى الله عليه وعلى أصحابه ما اتصلت عين بنظر، وسمعت أذن بخبر أما بعد إن بعد إنتهاء شهر رمضان، فإن هناك مواسم تتكرر، فالصلوات الخمس من أجلّ الأعمال وأول ما يحاسب عليه العبد، ولئن إنتهى صيام رمضان فهناك صيام النوافل كالست من شوال، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال كان كمن صام الدهر” وهناك صيام الاثنين والخميس والأيام البيض ويوم عاشوراء ويوم عرفة وغيرها، ولئن إنتهى قيام شهر رمضان فهناك قيام الليل، فقال الله تعالى واصفا عباده المؤمنين ” كانوا قليلا من الليل ما يهجعون”

وعندما سئل النبى المصطفي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الصلاة بعد الفريضة قال ” قيام الليل” ومن أراد أن يعرف هل قبل الله صومه أم لا فلينظر فى حاله، ويقارن بين وضعه فى شهر رمضان، وحاله بعد شهر رمضان، فهل ملأت التقوى قلبه؟ وهل صلحت أعماله وتحسنت أخلاقه؟ وهل إستقام سلوكه؟ وهل إجتمعت كلمتنا؟ وهل زالت الضغائن والأحقاد من نفوسنا؟ فإذا كان ذلك قد تحقق فهى البشرى بالقبول، وإلا فليراجع كل منا نفسه، وأن المؤمنين الصادقين بعد رمضان على حالين، حال الوجل والخوف والشفقة من أن تدفع أعمالهم الصالحة فلا تقبل، فهم يرجون الله ويدعونه ويسألونه أن يتقبل منهم، وأما الحال الثانية فهى الإستمرار فى الطاعة والمداومة على الخيرات وتلاوة القرآن، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” سددوا وقاربوا، واعلموا أنه لن يدخل أحدكم عمله الجنة.

وأن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل” وإن الله عز وجل لا يريد من سائر عباداتنا الحركات والجهد والمشقة، بل يطلب سبحانه ما وراء ذلك من التقوى والخشية له، فشهر رمضان يغرس فى النفوس خيرا عظيما، ومن إستفاد من رمضان فإن حاله بعد رمضان خير له من حاله قبله، ومن علامات قبول الحسنة الحسنة بعدها، ومن علامات بطلان العمل ورده العودة إلى المعاصى بعد الطاعات، فلنجعل من نسمات رمضان المشرقة مفتاح خير سائر العام، ومنهج حياة فى كل الأحوال، وبعد إنقضاء الشهر لنا وقفات نقفها حتى نحاسب أنفسنا، فمن الذي استفاد من رمضان؟ فيقول النبى صلى الله عليه وسلم ” من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” وقال صلى الله عليه وسلم” من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه “

فمغفرة الذنوب لهذه الأسباب الثلاثة كل واحد منها مكفر لما سلف من الذنوب، وهي صيام رمضان وقيامه وقيام ليلة القدر، فمتى يحصل المغفرة والتكفير؟ قيام ليلة القدر بمجرده يكفر الذنوب لمن وقعت له وأصابها سواء شعر بها أم لم يشعر، أما صيام رمضان وقيامه فيتوقف التكفير بهما على تمام الشهر، فإذا تم الشهر فقد كمل للمؤمن صيام رمضان وقيامه، فيترتب على ذلك مغفرة ما تقدم من ذنبه، ومن نقص من العمل الذي عليه نقص له من الأجر بحسب نقصه فلا يلومن إلا نفسه، وإن الصلاة مكيال، والصيام مكيال، فمن وفاها وفى الله له، ومن خفف فيهما فويل للمطففين، أما يستحي من يستوفي مكيال شهواته ويطفف في مكيال صيامه وصلاته؟ فإذا كان الويل لمن طفف فى مكيال الدنيا، فكيف حال الذي فرط بالكلية؟ وكيف حال الذى لم يقم ولم يصم؟

وهم أعداد ممن ينتسبون إلى الإسلام، ألم يقل النبى المصطفي صلى الله عليه وسلم ” من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله، وقالها جبريل عليه السلام للنبى صلى الله عليه وسلم ثم قال له قل آمين، فقلت آمين من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله دعاء عليه بالإبعاد عن رحمة الله والطرد عنها لأن ذلك الشهر قد مر ولم يستفد منه، لأن ذلك الموسم العظيم قد حصل ولم ينهل منه، لم ينتهز الفرصة فتبا له إذا كان لم ينتهز الفرصة العظيمة، فهو لإهمال ما هو أدنى منها من باب أولى، إذا فرط في رمضان فتفريطه فى غير رمضان من باب أولى ولذلك أبعده الله لأنه لا يستحق أجره ولا يستحق الرحمة ولا المغفرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.