بقلم / أحمد فاروق الوليلي
جاء أبٌ كبير في العمر إلى قاضٍ بالمحكمة يشكو من ابنه وقال للقاضي. سيدي القاضي إني أتقدم بشكوى إليكم.
فقال القاضي له ضد من؟.
قال ضد ابني.
فنظر القاضي إلى زملائه من القضاة مستغربا. وأجابه القاضي ما فحوى الشكوى؟ وما هي شكواك؟.
فقال الوالد. أريد أن آخذ مصروفاً من ابني شهريا.
فقال القاضي للأب هذا حقك.
فقال له الأب رغم أني غني جدا وأريد أن آخذ مصروف شهري من ابني.
فاستغرب القاضي أيضا كثيراً. وأخذ بيانات ابنه واسمه وأمر باحضار الابن واجتمع الابن أمام ابيه.
وقال القاضي للإبن. هل هذا أبوك؟
الإبن قال : نعم.
فقال القاضي. هل تعلم أن أباك تقدم بشكوى يطالبك فيها بمصروف شهري. ومبلغ زهيد جداً جداً جداً وقدره عشرة دنانير فقط.
الإبن قال :
كيف يطلب أبي مني وهو يملك عقارات وأراضي وغني جدآ جدآ. وكيف يطلب هذا المبلغ. علما بأن أبي لو رأى هذا المبلغ علي الأرض لن يأخذه أبداً.
فقال القاضي للإبن. هكذا طلب أبيك.
فقال الأب سيادة القاضي. لو حكمتم لي بهذا المبلغ سأقبضه شهريا ولن أتركه أبداً.
فدعى القاضي الأب وأصدر حكمه على الأبن. قائلاً :
حكمت المحكمة على فلان إبن فلان ويقصد الإبن بإعطاء مبلغ عشرة دنانير مصروفاً شهرياً للأب. وهذا المبلغ حسب طلب الوالد ودون أنقطاع مدى الحياة.
وقبل أن يخرج الوالد وإبنُه من قاعة المحكمة
صاح القاضي للأب وأمام إبنه. وقال له هل تسمح لي أن أسألك سؤالاً؟.
فقال الأب للقاضي تفضل.
قال القاضي لماذا فعلت ذلك؟. وطلبت هذا المبلغ القليل. رغم إنك رجل غني وصاحب عقارات. وانت لست بحاجه لهذا المبلغ القليل.؟
فقال الأب وهو يبكي بكاءاً شديداً. إني أشتاق لإبني ولم أره. وأنا متعلق به. ولا يجلس معي أو يسأل عني. ولايعيرني أيّ إهتمام ولا يكلمني. فتقدمت بهذه الشكوى. وهذا هو السبب لا اكثر ولا اقل. مكتفيا أني أراه كل شهر.
فبكى القاضي أيضا. وقال للوالد والله والله لو قلت لي هذا في البدايه لأمرت بسجنه.
والتفت القاضي للولد. وقال له (والله لن تنعم ولن تفلح بدون إرضاء الوالدين حتى لو ملكت كل أموال الدنيا ولن تشم رائحة الجنة دون رضاهما).
يامن لديه أبوين مازال على قيد الحياة أفق واستفد فوالله إنك ستتمنى كل كلمة وكل دعوة ولمسة. البركة والرحمة والحنان منهما عندما يكونا تحت التراب.
رحم الله الأحياء والمتوفين من أبائنا وأمهاتنا وإخواننا الذين سبقونا بالإيمان.