قاعدة الانتفاع بالشيء


بقلم / محمــــد الدكـــروري

لو أن عدوا لك نصحك بشيء واضح لك، عليك أن تترك هذا الشيء، وكلما ضعفت الحكمة وغابت عنك الحكمة ارتفع مستوى الأمر تعبديا، فلذلك النقطة الضرورية جدا أن الانتفاع بالشيء ليس أحد فروع العلم به، أنت لمجرد أن تنفذ الأمر قبضت كل ثماره، فإن غض بصرك دون أن تعلم ما حكمة غض البصر، وماذا يحصل بالنفس حين يغض البصر؟ ولماذا يسعد الرجل بزوجته إذا غض بصره؟ لو لم تعرف كل هذه الحكم، وكل هذه التفصيلات، وكل هذه التحليلات، لمجرد أن تغض البصر تسعد ببيتك، ولو أن معنا تكييف وسألت شخص وقلت له ماذا يحصل في داخله فقد لا يعرف، فهل عدم معرفته بما يجري داخل المكيف هل يمنعه من أن يستفيد منه؟ لا.

فهذه هي قاعدة الانتفاع بالشيء ليس أحد فروع العلم به، فإذا كنت صدوق سيرفع الله شأنك، كيف؟ لا أعرف، فكن أمينا يكثر مالك، فالأمانة غنى، كيف؟ لا أعرف، وطبعا الدعاة يجب أن يعرفوا أما آحاد المسلمين فعرفوا أم لم يعرفوا لمجرد أن يطبقوا يقطفون الثمار، وهنا أنا لا أدعو إلى عدم معرفة الحكمة، لا، بل لا تعلق تطبيق الأمر على معرفة الحكمة، ولكن طبق ولا تخف، وهذا أمر الله عز وجل، وهذه تعليمات الصانع العظيم، فقيل أنه مرة حدث شخص عن نقطة دقيقة، قال له وكان يصلح سيارته عند صديق، هناك قطعة معدنية أمسكها هذا المصلح ورماها، وقال هذه لا لزوم لها، فقال له صديقة بأن شركة عمرها مائة عام.

وفيها آلاف المهندسين، أنا لا أقتنع أنك أكثر فهما من هؤلاء، وأنت أيها الإنسان يجب أن تعتقد مهما فلسف لك الشر، وزينت لك المعصية، ومهما جيء بأدلة تبدو منطقية كي تستبيح أمرا نهاك الله تعالي عنه، هل معك حجة أقوى من أن الذي خلق الإنسان هو الخبير به؟ فإن البشر لو اجتمعوا لا يعرفون حكمة الأمر والنهى، طاعة، تشريع، في بعض البلدان الإسلامية الإنسان لمجرد أن يطلق امرأته تتملك نصف ثروته، لأن المرأة نصف المجتمع، ولابد من إنصافها، شيء جميل، ما الذي حصل؟ الذي حصل أن الناس عزفوا عن الزواج، فقال أحدهم في هذا البلد الإسلامى صار والد الفتاة يضع في يد الخاطب سند أمانة بقيمة نصف مليون.

فيما لو طلقت ابنتنا وطالبناك بنصف ثروتك طالبنا بهذا السند، وبلد آخر بشرق أسيا شرع تشريعا خلاف تشريع الخالق، لا يجوز لأسرة أن تنجب إلا ولدا واحدا، وفي هذه البلاد يحبون الذكور، فإذا أنجبت الزوجة أنثى خنقت ودفنت إلى أن تأتي بذكر يسجل، والآن هناك قرى بأكملها ليس فيها إناث، فإن الله خبير، فهو المشرع، لذلك عليك أن تتيقن أن أمر الله خير كله، وأن أى نهي، نهى الله تعالى عنه شر كله، ويقول أحد الغربيين المنتمين إلى دولة كبيرة، يوجد بها ثلاث ملايين، يعانون من القمار المرضى وبعد أن ذاق مرارة هذه التجربة وأثرها السيئ على بلدته تصوّرت أن صناعة القمار يمكن أن تنعش الاقتصاد.

وتجلب الزوار إليها، ليخرج بنتيجة مخالفة تماما، يقول بأن القمار مغامرة خاسرة ابتداء، لأن كل من يتوجه إلى تلك الصالات الصاخبة، يعتقد أنه سيربح مقابل عشرات الدولارات آلافا، بل مئات الألوف، وإنه جنة الحمقى، حيث يعدهم شياطين القمار أنهم سيربحون شيئا مقابل خسارتهم للاشيء، والأرقام المعلنة، تثبت أنه مقابل كل دولار يُكسب هنا، يخسر المقامرون تسعة دولارات، مما أسهم في شيوع الإفلاس، والطلاق، والفاحشة المرتبطة بهذه الصناعة، التي دمرت مجتمع البلدة الصغيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.