بقلم / عاشور كرم
شهد الزبير بن العوام جميع الغزوات والمشاهد مع النبي محمد وكان من الفرسان وأُصِيب جسده بكثير من الطعن والرمي فكان به أكثر من ثلاثين طعنة فقال علي بن زيد: (حدثني من رأَى الزبير بن الْعوام صدره كأنه الْعيون من الطعْن والرمي ) وقال الحسن البصري: (كان بالزبيْر بِضعة وثلاثون ضربة كلها مع النبِي ﷺ) وعن ابن شهابٍ قال: ( لما أَتى علي رضي الله عنه بسيف الزبير جعل يقلبه ويقول: سيف طَالَمَا جَلَا الغم عن وجه رسول اللَّه ﷺ ) وروي عن بعض التابعين، قال: (صحبْت الزبير بن العوام في بعض أَسفاره فأَصابته جنابة بأَرض قفر فقالَد : استرني فسترته فحانت مني التفاتة فرأَيته مجدعا بالسيوف قلت : واللَّه لقد رأَيْت بك آثارا ما رأَيتها بأَحد قط قال: وقد رأَيتها؟ قلت: نعم قال: أَما واللَّه ما منها جراحة إِلا مع رسول اللَّه صلى اللَّهُ عليْه وسلم وفي سبيل اللَّه ) وروى أن النبي كان يضرب له أربعة أسهم من الغنائم، سهم له وسهمين لفرسه وسهم من سهام ذوي القربي ولما خرج النبي محمد والمسلمون من المدينة المنورة في اليوم الثاني عشر من شهر رمضان في السنة الثانية للهجرة إلى بدر وكانوا بضعة عشر وثلاثمئة رجل دفع النبي لواء القيادة العامة إلى مصعب بن عمير العبدري القرشي وكان هذا اللواء أبيض اللون وقسم جيشه إلى كتيبتين: كتيبة المهاجرين وأعطى علمها علي بن أبي طالب وكتيبة الأنصار وأعطى علمها سعد بن معاذ وجعل على قيادة الميمنة الزبير بن العوام وعلى الميسرة المقداد بن عمرو وكان الزبير والمقداد هما الفارسان الوحيدان في الجيش وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة وظلت القيادة العامة في يده هو وفي غزوة بدر عندما
بلغ أبا سفيان خبر مسير النبي بأصحابه من المدينة المنورة بقصد اعتراض قافلته واحتوائها فاستطاع الإفلات وتحويل مسارها إلى طريق الساحل ولما علمت قريش بخبر تعرض المسلمين للقافلة خرجوا لملاقاة المسلمين وكان قوام جيش قريش نحو ألف وثلاثمئة مقاتل في بداية سيره وكان معه مئة فرس وستمائة درع أرسل النبي عليا بن أبي طالب والزبير بن العوام وسعدا بن أبي وقاص في نفر من أصحابه إلى ماء بدر ليأتوا له بالأخبار عن جيش قريش فوجدوا غلامين لقريش يستقيان للجيش فأتوا بهما إلى النبي وهو يصلي فسألوهما فقالا: (نحن سقاة قريش بعثونا لنسقيهم من الماء) فكره القوم خبرهما ورجوا أن يكونا لأبي سفيان فضربوهما فلما أذلقوهما قالا: (نحن لأبي سفيان) فتركوهما وركع النبي وسجد سجدتين ثم سلَّم، فقال: (إذا صدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما! صدقا والله إنهما لقريش) وقال لهما: (أخبراني عن جيش قريش) فقالا: (هم وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى) فقال لهما: (كم القوم؟) قالا: (كثير)قال: (ما عدتهم؟) قالا: (لا ندري) قال: (كم ينحرون كل يوم؟)قالا: (يوما تسعا ويوما عشرا) فقال النبي: (القوم ما بين التسعمائة والألف )ثم قال لهما: (فمن فيهم من أشراف قريش؟) فذكرا عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام وأمية بن خلف وأبا البختري بن هشام وحكيم بن حزام ونوفل بن خويلد والحارث بن عامر بن نوفل وطعيمة بن عدي بن نوفل والنضر بن الحارث بن كلدة وزمعة بن الأسود ونبيه بن الحجاج ومنبه بن الحجاج وسهيل بن عمرو وعمرو بن عبد ود فأقبل النبي إلى أصحابه قائلاً: (هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها) وفيها
قتل الزبير في غزوة بدر عبيدة بن سعيد بن العاص فيقول (لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص وهو مدجج لا يرى منه إلا عيناه وهو يكنى أبا ذات الكرش فقال أنا أبو ذات الكرش فحملت عليه بالعنزة فطعنته في عينه فمات. قال هشام: فأخبرت: أن الزبير قال: لقد وضعت رجلي عليه ثم تمطأت فكان الجهد أن نزعها وقد انثى طرفاها قال عروة: فسأله إياها رسول الله ﷺ فأعطاه فلما قبض رسول الله ﷺ أخذها ثم طلبها أبو بكر فأعطاه فلما قبض أبو بكر سألها إياه عمر فأعطاه إياها فلما قبض عمر أخذها ثم طلبها عثمان منه فأعطاه إياها فلما قتل عثمان وقعت عند آل علي فطلبها ابن الزبير فكانت عنده حتى قتل )
وأخيرا اختتم حديثي بأن
الزبير أصيب بضربتين في غزوة بدر فعن عروة قال: (كان في الزبير ثلاث ضربات: إحداهن في عاتقه إن كنت لأدخل أصابعي فيها ضرب ثنتين يوم بدر وواحدة يوم اليرموك ) وكان الزبير يلبس عمامة صفراء يوم بدر فنزلت الملائكة وعليها عمائم صفر فقال النبي: (إِن الْملائكة نزلت على سيماء الزبيْرِ)