بقلم / عاشور كرم
فتح أيبيريا ونهايته
في ٥ رجب ٩٢ هـ/٢٩ أبريل ٧١١ م، أرسل موسى بن نصير طارق بن زياد على رأس جيشٍ عظيم وصل تعداد أفراده إلى نحو ٧٠٠٠ رجل معظمهم من البربر عبر طارق بن زياد وجيشه المضيق الفاصل بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي ونزل في رأس شبه الجزيرة الأيبرية في الموضع الذي يعرف اليوم بجبل طارق وسيطر على ذلك الموقع بعد أن اصطدم بالحامية القوطية أقام القائد المسلم عدَّة أيام في قاعدة الجبل نظم خلالها جيشه وأعد خطة لفتح القلاع القريبة والتوغل في عمق إسبانيا ونجح في فتح بعض القلاع والمدن منها قرطاجنة والجزيرة الخضراء ثم تقدم باتجاه الغرب حتى بلغ خندة جنوبي غربي إسبانيا التي يقطعها نهر برباط عبر وادي لكة الشهير وعسكر هناك ولكن الجيش القوطي قوم بالانسحاب أمام المسلمين في معركة وادي لكة وعندما علم لذريق بعبور جيش طارق جمع جيشا بلغ نحو ١٠٠٠٠٠ رجل وسار لقتالهم وعلم طارق بن زياد بواسطة جواسيسه بأنباء الحشود الضخمة التي حشدها لذريق فراسل موسى بن نصير يستمده فأرسل له ٥٠٠٠ رجل آخر تقابل الجيشان في ٢٨ رمضان ٩٢ هـ/ ١٩ يوليو ٧١١ م عند وادي لكة من كورة شذونة على بعد أميال إلى الشرق من قادش وجرت بينهما معركة طاحنة أسفرت عن انتصار حاسم لجيش طارق بن زياد وتم القضاء على الجيش القوطي ومعه الملك وتشير بعض المصادر إلى أن طارق بن زياد هو من قتل لذريق بيده إذ رماه برمحه فأرداه قتيلا على الفور وجعل يصيح: ((قتلت الطاغية.. قتلت لذريق))ولكن يوليان نصح طارق بن زياد بتقسيم جيشه لفتح المدن الإسبانية فأرسل طارق مفارز فتحت قرطبة وإلبيرة وغيرها وسار بنفسه يريد طليطلة عاصمة القوط وبحكم الأمر الواقع أصبح طارق حاكما على الأندلس وبعد أن تم له فتح طليطلة راسل موسى بن نصير يطلب منه المدد لتعويض النقص في عدد الجنود ولتوطين ما يلزم من الرجال في المدن حديثة الفتح حتى يدافعوا عنها فكتب قائلا: ((إن الأمم قد تداعت علينا من كل ناحية فالغوث الغوث)) رد موسى بن نصير على طارق بن زياد يأمره بألا يتجاوز مكانه حتى يلحق به وفي شهر رمضان من عام ٩٣ هـ/يونيو ٧١٢ م أقلع موسى بن نصير إلى الجزيرة الخضراء على رأس قوة عسكريَّة ضخمة وفتح عدة مدائن أخرى أثناء توجهه لمقابلة طارق بن زياد
وفي عام ٩٥ هـ، وبعد أن فتحا مناطق واسعة من شبة الجزيرة الأيبيرية جاءت رسل الخليفة الوليد بن عبد الملك تستدعي موسى بن نصير وقائده طارق بن زياد إلى دمشق لينتهي بذلك دورهما كقادة عسكريين في فتح الأندلس ويرجح عدد من المؤرخين سبب استدعائهما إلى دمشق من قبل الخليفة إلى خلاف وقع بينهما وبلغ حدة كبيرة دفعت الخليفة إلى استدعائهما إلى دمشق ليحسم الخلاف بنفسه وتوجه طارق بن زياد بصحبة موسى بن نصير إلى دمشق ومعه أربعمائة من أفراد الأسرة المالكة وجموع من الأسرى والعبيد والعديد من النفائس ولما وصلا طبريا في فلسطين طلب منهما سليمان بن عبد الملك ولي العهد التأخر حتى يموت الخليفة الوليد الذي كان يصارع الموت لكنهما تابعا تقدمهما ودخلا مع الغنائم إلى دمشق وعندما تولى سليمان الخلافة عزل موسى وأولاده وقتل ابنه عبد العزيز بن موسى الذي شارك في فتح الأندلس أما طارق بن زياد فقد انقطعت أخباره إثر وصوله إلى الشام واضطربت أقوال المؤرخين في نهايته، غير أن الراجح أنه لم يول عملا بعد ذلك ويبدو أنه آثر أن يعيش بعيدا عن الأضواء ويمضي أيامه في العبادة والزهد بعيدا عن مسرح الشهرة وضجيج السياسة وقد توفي سنة 720م
وأخيرا اختتم حديثي بأن
مائدة الذهب هي القصة الأكثر انتشارا فيما يتعلق بالعداوة بين طارق وموسى و تتعلق بمائدة من الذهب مرصعة بالأحجار الكريمة نسبتها المصادر العربية إلى النبي سليمان بن داود التي استولى عليها طارق في غزواته وانتزع منها إحدى أقدامها اتهم موسى طارقا في تلك القدم فأنكر طارق ذلك. وأمر موسى باستبدالها بقدم أخرى من الذهب وقد دخل موسى بتلك المائدة على الخليفة في دمشق وأمام الخليفة إدعى موسى بأنه من عثر عليها غير أن طارق فند الادعاء حين أظهر القدم الأصلية أمام الخليفة ولم ترد القصة في فتوح البلدان للبلاذري الذي ذكر فقط أن موسى دخل بالمائدة على الخليفة