بقلم / عاشور كرم
شارك خالد بن الوليد قبل إسلامه في غزوة أحد
ولا أحد يعرف الكثير عن خالد خلال فترة الدعوة للإسلام في مكة وبعد هجرة الرسول من مكة إلى المدينة المنورة دارت العديد من المعارك بين المسلمين وقريش لم يخض خالد غزوة بدر أولى المعارك الكبرى بين الفريقين والتي وقع فيها شقيقه الوليد أسيرا في أيدي المسلمين وذهب خالد وشقيقه هشام لفداء الوليد في يثرب إلا أنه وبعد فترة قصيرة من فدائه أسلم الوليد وهرب إلى يثرب فكانت غزوة أحد أولى معارك خالد في الصراع بين القوتين والتي تولى فيها قيادة ميمنة القرشيين ولعب خالد دورا حيويا لصالح القرشيين فقد استطاع تحويل دفة المعركة بعدما استغل خطأ رماة المسلمين عندما تركوا جبل الرماة لجمع الغنائم بعدما تفوق المسلمين في بداية المعركة انتهز خالد ذلك الخطأ ليلتف حول جبل الرماة ويهاجم بفرسانه مؤخرة جيش المسلمين مما جعل الدائرة تدور على المسلمين وتحول هزيمة القرشيين إلى نصر كما
شارك خالد أيضا في صفوف الأحزاب في غزوة الخندق وقد تولى هو وعمرو بن العاص تأمين مؤخرة الجيش في مائتي فارس خوفا من أن يتعقبهم المسلمون كما كان على رأس فرسان قريش الذين أرادوا أن يحولوا بين المسلمين ومكة في غزوة الحديبية ولكن عندما كان المسلمون في مكة لأداء عمرة القضاء في العام السابع الهجري وفقا للاتفاق الذي أبرم في صلح الحديبية أرسل الرسول إلى الوليد بن الوليد وسأله عن خالد قائلا له (ما مثل خالد يجهل الإسلام ولو كان جعل نكايته وحده مع المسلمين على المشركين كان خيرا له ولقدمناه على غيره ) أرسل الوليد إلى خالد برسالة يدعوه فيها للإسلام إدراكا لما فاته وافق ذلك الأمر هوى خالد فعرض على صفوان بن أمية ثم على عكرمة بن أبي جهل الانضمام إليه في رحلته إلى يثرب ليعلن إسلامه إلا أنهما رفضا ذلك ثم عرض الأمر على عثمان بن طلحة العبدري فوافقه إلى ذلك وبينما هما في طريقهما إلى يثرب التقيا عمرو بن العاص مهاجرا ليعلن إسلامه فدخل ثلاثتهم يثرب في صفر عام ٨ هـ معلنين إسلامهم وحينها قال الرسول (إن مكة قد ألقت إلينا أفلاذ كبدها) فلما وصل المدينة المنورة قص خالد على أبي بكر رؤيا رآها في منامه كأنه في بلاد ضيقة مجدبة فخرج إلى بلاد خضراء واسعة ففسرها له أبو بكر (مخرجك الذي هداك الله للإسلام والضيق الذي كنت فيه من الشرك)
سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة
وبعد الفتح أرسل الرسول السرايا لدعوة القبائل إلى الإسلام فأرسل خالد بن الوليد قائدا على ٣٥٠ من المهاجرين والأنصار وبني سليم في سرية إلى ( بني جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة )ولم يأمره بقتال وهنا كانت أول زلات خالد حيث قاتلهم وأصاب منهم رغم معارضة من كان معه من الصحابة ومنه سالم مولى أبي حذيفة وعبد الله بن عمر بن الخطاب فلما وصل الخبر إلى الرسول رفع يديه إلى السماء ثم قال (اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد) وأرسل الرسول عليا إلى بني جذيمة لدفع دية قتلاهم
ورغم هذا الخطإ أشركه الرسول بعد ذلك في غزوة حنين حيث جعله الرسول يومئذ قائدا على بني سليم وأصيب يومها إصابات بليغة كما شارك خالد أيضا في غزوة تبوك تحت قيادة الرسول ومن هناك أرسله الرسول في سرية إلى دومة الجندل فدخلها وأسر صاحبها أكيدر بن عبد الملك الذي صالحه الرسول على الجزية وهدم صنمهم ( وُدّ ) في عام ١٠ هـ بعث الرسول خالد بن الوليد في شهر ربيع الأول في سرية من أربعمائة مقاتل إلى بني الحارث بن كعب بنجران وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام قبل أن يقاتلهم ثلاثا فإن استجابوا له يقبل منهم ويقيم فيهم ويعلمهم دينهم وإن لم يفعلوا يقاتلهم لبى بنو الحارث بن كعب النداء وأسلموا فأقام خالد فيهم يعلمهم الإسلام ثم كتب خالد إلى الرسول بذلك فأمره أن يقيم فيهم يعلمهم ثم ليقبل معه وفدهم فوفدوا عليه يعلنون إسلامهم
وأخيرا اختتم حديثي ب
سيف الله المسلول
في عام ٨هـ وجه الرسول جيشا لقتال الغساسنة بعد أن اعترض شرحبيل بن عمرو الغساني عامل قيصر الروم على البلقاء الحارث بن عمير الأزدي رسول الرسول محمد إلى صاحب بصرىوقتله انضم خالد حديث العهد بالإسلام إلى ذلك الجيش ذي الثلاث آلاف مقاتل اختار النبي زيد بن حارثة لقيادة الجيش على أن يخلفه جعفر بن أبي طالب إن قتل ثم عبد الله بن رواحة إن قتل جعفر وإن قتل الثلاثة يختار المسلمون قائدًا من بينهم وعند وصول الجيش إلى مؤتة وجد المسلمون أنفسهم أمام جيش من مائتي ألف مقاتل نصفهم من الروم والنصف الآخر من الغساسنة فوجئ المسلمون بالموقف وأقاموا لليلتين في معان يتشاورون أمرهم أشار البعض بأن يرسلوا للرسول ليشرحوا له الموقف وينتظروا إما المدد أو الأوامر الجديدة عارض ابن رواحة ذلك وأقنع المسلمين بالقتال وبدأت المعركة وواجه المسلمون موقفا عصيبا حيث قتل القادة الثلاثة على التوالي عندئذ اختار المسلمون خالدا ليقودهم في المعركةصمد الجيش بقية اليوم وفي الليل نقل خالد ميمنة جيشه إلى الميسرة والميسرة إلى الميمنة وجعل مقدمته موضع الساقة والساقة موضع المقدمة ثم أمر طائفة بأن تثير الغبار ويكثرون الجلبة خلف الجيش حتى الصباح وفي الصباح فوجئ جيش الروم والغساسنة بتغير الوجوه والأعلام عن تلك التي واجهوها بالأمس إضافة إلى الجلبة فظنوا أن مددا قد جاء للمسلمين عندئذ أمر بالانسحاب وخشي الروم أن يلاحقوهم خوفا من أن يكون الانسحاب مكيدة وبذلك نجح خالد في أن يحفظ الجيش من إبادة شاملةحارب خالد ببسالة في غزوة مؤتة وكسرت في يده يومئذ تسعة أسياف وبعد أن عاد إلى يثرب أثنى عليه الرسول ولقبه ((بسيف الله المسلول )) وبعد شهور نقضت قريش أحد شروط الصلح عندما هاجم بكر بن مناة بن كنانة حلفاء قريش بني خزاعة حلفاء الرسول عندئذ توجه الرسول في جيش من عشرة آلاف مقاتل إلى مكة وقسم الجيش إلى أربعة أقسام تولى بنفسه قيادة أحدها وأمّر الزبير بن العوام وسعد بن عبادة وخالد بن الوليد على الثلاثة الأخرى وأمرهم أن يدخلوا مكة كل من باب فدخلوها كل من الباب الموكل إليه ولم يلق أحدهم قتالا إلا كتيبة خالد حيث قاتله عكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو وصفوان بن أمية في جند جمعوه لقتال المسلمين، واستطاع خالد أن يظفر بهم وقتل منهم عددا ثم أرسله الرسول في سرية من ثلاثين فارسا لهدم العزى صنم جميع بني كنانة فهدمها ثم رجع إلى الرسول فأخبره فسأله الرسول إن كان قد رأى شيئا فرد بالنفي فطلب منه الرسول أن يعود لأنه لم يهدمها فرجع خالد وهو متغيظ فجرد سيفه فخرجت إليه امرأة عريانة سوداء ناشرة الرأس فضربها خالد فشقها نصفين ورجع إلى الرسول فأخبره فقال (نعم تلك العزى وقد يئست أن تعبد ببلادكم أبدا) وكان موضع العزى ومقر عبادتها في شِعب يعرف بشعب سقام إلى الشمال الشرقي من مكة اتخذه المشركون حمى لها