فيلم “حياة الماعز” بين النقد والنقض

بقلم / د. محمود محمد على

أثار فيلم “حياة الماعز” The Goat Life جدلا عميقا واسعا ، حيث أغضب إخواننا السعوديين بوصفه “متطرفاً” وفق قولهم.. الفيلم يروي على مدى ثلاث ساعات قصة رجل هندي قدم إلى السعودية في مطلع تسعينيات القرن الماضي تعرض للخداع من رجل ادعى أنه كفيله ليهرب به من المطار إلى الصحراء ويعيش فيها مع قسوة الكفيل المزعوم والرمال وبهائهما. حتى إن نجيباً المعذب صار في الفيلم يشرب من مائها ويأكل من مأكلها وينام على أوراكها في رحلة عذاب مع الكفيل، امتدت أكثر من ثلاثة أعوام وانتهت القصة بهربه في رحلة شاقة قبل ترحيله بواسطة السلطات، وكان ذلك بمساعدة رجلين أحدهما أفريقي والآخر سعودي كانا قد وجدا “نجيب” على قارعة الموت والطريق قبل إنقاذه.
وعلى رغم أن الفيلم بث في مارس (آذار) الماضي أي قبل نحو خمسة أشهر مستنداً إلى رواية صدرت عام 2008 لقصة حدثت مجرياتها في الصحراء سنة 1993 أي قبل نحو 31 عاماً فإن الحديث عنه طغى على منصات التواصل الاجتماعي أخيراً ولم يتوقف.
وبالنظر إلى التسلسل الزمني للفيلم اللافت بين 1993 – 2024 يجده المناوئون يستدعي التوقف عنده طويلاً، إذ يأتي في غضون أكثر من 30 عاماً، شهدت فيها البلاد تغييرات قانونية واجتماعية هائلة ومتباينة، توجت في الأعوام الأخيرة بإصلاحات في مجال المال والأعمال والقوى العاملة، وتطورات حقوقية حتى إن مصطلح “الكفيل” صدر حوله أمر ملكي، وثق في كلمة للرياض أمام أعضاء الأمم المتحدة في الدورة (59) للجنة القضاء على التمييز العنصري 2018. وأنشأت البلاد محاكم خاصة للعمال اسمها “المحاكم العمالية”، لضمان سرعة البت في هذا النوع من القضايا ذات الطابع الحقوقي الحساس، في سياق مجموعة من التعديلات والأنظمة القضائية المستحدثة.
بيد أن هناك من اعتبر أن القصة فردية لرجل تعرض للخداع من رجل آخر ولا تستدعي كل هذه الهالة والحديث فالقصة واردة، ومثلها حول العالم كثير، في وقت كان الجدل الذي ساد ليس على صدق القصة من عدمها بالقدر الذي كان عن محاولة تنميط حالة فردية على بلد مترامي الأطراف، مر عليه خلال عقود مضت عشرات الملايين من العمالة.
وقبل الختام، هذا الفيلم جاء ليحيي قديمًا متجددًا، وهو ضرورة وجود “صناعة سينما مضادة” في السعودية خاصة وفي دول الخليج عمومًا، يكون هدفها التصدي للحملات السينمائية المسيئة التي تستهدف تنميط الشخصية الخليجية بشكل سلبي.
سوف تبقى السعودية العظمى دار الإسلام .. ومهبط السلام .. وفهد الأنام على ممر الأيام.. ألا يكفي السعودية فخر أنها الدولة الوحيدة في العالم التي تستقبل كل عام أكثر من 80 مليون إلى 50 مليون ما بين حاج ومعتمر ووافد وزائرا وسائح .. يكفي ألا زعيمها يسمى خادم الحرمين الشرفين احتفاءا بضيوف الرحمن الوافدين .. هل رأيتم دولة في العالم تخدم ضيوف الرحمن وترحب بالضيوف أمنا واستقبالا واحتفاءا وسلاما وخدمة وعلاجا وإشرافا وتسهيلا كالسعودية .. أنسيتم ألاف القصص التي ضربها السعوديون في إكرام الوافد ، وإنا نعرف وقد نشر هذا في الإعلام نعرف من أكرم الوافد لدرجة زوجه وبنى بيته وداواه وعالجه وأكرمه وأكرم أسرته .. لكن الحاسد لا يرى إلا النقاط القليلة في الثوب الأبيض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.