فضول التلاميذ وأسئلتهم المزعجة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وإنتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين وحجة الله على الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد، إن الصدق مع الله جل وعلا ليس عبارات يرددها القائل، ولا شعارات يرفعها المدعي وإنما تظهر حقيقته في طاعة الله جل جلاله، وطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم، فطاعة الله تعالي تكون بتوحيده سبحانه بالعبادة والكفر بكل ما يُعبد من دونه، وإمتثال أوامره بتحقيق الطاعات والإبتعاد عن المعاصي والمحرمات.

ولا يقبل ذلك إلا بالإخلاص له تعالى سواء في فعل الطاعة أو ترك المعصية، ولهذا كان المخلص لله سبحانه من عباده المقربين وأوليائه الصالحين، فمن كان مخلصا في أعمال الدين يعملها لله تعالي، كان من أولياء الله المتقين أهل النعيم المقيم، كما قال تعالى “ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم” وطاعة نبيه المصطفي صلى الله عليه وسلم تكون بإتباع هديه وسنته ومحبته ومحبة ما جاء به، لأنه صلى الله عليه وسلم مرسل من ربه سبحانه ومبلغ عنه، فطاعته طاعة لله تعالي، ومعصيته معصية لله تعالي، فما دب إلينا النقص أيها الأفاضل وأصابنا الضعف والتفرق وتسلط علينا الكفار، إلا بعد أن تركنا الصدق مع الله جل جلاله في أمورنا كلها، والله المستعان.

فعلينا أيها الكرام إذا أردنا أن تقوى شوكة المسلمين، والنصر على أعداء الدين أن نصدق مع رب العالمين، وذلك بإمتثال أوامره و الإبتعاد عن نواهيه، وقد وعد سبحانه أن ينصر ويؤيد كل من أطاعه وإتبع سنة نبيه المصطفي صلى الله عليه وسلم، فقال تعالي “يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم” وفي التربية والتعليم فإن فضول التلاميذ وأسئلتهم المزعجة والمحيرة والمحرجة أحيانا قد تنم عن ذكاء خارق، هذا ما تؤكده دراسة جديدة نشرت حديثا، ومن هنا يجب أن يشجّع التلميذ على كثرة الأسئلة بشرط أن لا تكون خارجة عن الموضوع وأن لا تكون على حساب الدرس وأن لا يضيع معها ومع الأجوبة عليها وقت كبير ولينتبه المعلم إلى أن التلميذ الذي يكثر من السؤال يكون عادة ذكيا، ويفيد بأسئلته نفسه وغيره من التلاميذ.

بل يفيد المعلم كذلك حين ينبهه إلى ما لم يكن منتبها له ويدفعه إلى زيادة المطالعة والقراءة والبحث ليلبي أكثر احتياجات التلاميذ المتزايدة، وصحيح أن ضرب التلميذ وسيلة من وسائل التربية الصحيحة التي قد نضطر إليها من باب آخر الدواء الكي، لكن صحيح كذلك أن المعاملة القاسية من المعلم للتلميذ وكذلك العقاب الجسدي والإهانة والتأنيب والتوبيخ والمبالغة في اللوم والعتاب، وكل ذلك يمكن جدا أن يؤدي إلى توقف نمو ثقته بنفسه ويملأه بالخوف والتردد ويكوّن عنده الخجل المذموم من أي شيء يفكر في القيام به كما يصبح معه عرضة للمعاناة النفسية ومن هنا فإن على المعلم أن ينتبه إلى ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.