فاقد الدين لا قيمة للإنسان عنده


بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحضارة الإسلامية تكاد تتميز عن كل الحضارات السابقة واللاحقة، وهي خلوها من كل مظاهر الوثنية وآدابها وفلسفتها في العقيدة والحكم والفن والشعر والأدب، وإن الإسلام الذي أعلن الحرب العوان على الوثنية ومظاهرها لم يسمح لحضارته أن تقوم فيها مظاهر الوثنية وبقاياها المستمرة من أقدم عصور التاريخ، كتماثيل العظماء والصالحين والأنبياء والفاتحين، وقد كانت التماثيل من أبرز مظاهر الحضارات القديمة والحضارة الحديثة، لأن واحدة منها لم تذهب في عقيدة الوحدانية إلى المدى الذي وصلت إليه الحضارة الإسلامية، وهذه الوحدة في العقيدة تطبع كل الأسس والنظم التي جاءت بها حضارتنا فهنالك الوحدة في الرسالة، والوحدة في التشريع، والوحدة في الأهداف العامة.

والوحدة في الكيان الإنساني العام، والوحدة في وسائل المعيشة وطراز التفكير، وإن الإسلام هو الذي يلين القلوب، ويجعلها تحترم الدماء والأموال والأعراض، لكن فاقد الدين لا قيمة للإنسان عنده، الدماء وسفكها قلت أو كثرت أمر عادى وطبيعى، لماذا؟ لأن هذه الفئة لا علاقة لها بالإسلام، إذا فالإجرام مهما تضاعف وتعاظم فليس غريبا أن يصدر منهم، فتسمعون دائما وتنقل الأخبار لنا أحداثا جساما، ودماء تراق، ودمارا كثيرا، وشيئا يهول الإنسان ويقض مضجعه من دماء تسفك بلا مبرر ولا سبب، لماذا؟ لأن هذه الأمة هي التي صنعت أسلحة الدمار، وأنشأتها بنفسها، فعاد شرها على مجتمعها، وعاد سلاحها على نحورها، صنعت أسلحة الدمار، وتنافست في صنع أسلحة الفتك بالبشرية.

وتربي أجيالا على هذا الإجرام، تربى فئات على هذا الإجرام وعلى هذا الفساد، لا يهنأ لها عيش حتى ترى الفساد منتشرا فى الخلق، فكل فساد وظلم إنما مصدره عندما يُفقد الإيمان، الإيمان الصحيح الذى بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم هو الدين الذي أرسى دعائم العدل، وبسط الرحمة والخير، فالرحمة التي بُعث بها محمد صلى الله عليه وسلم هي الرحمة التي عاش الناس في ظلالها في عدل الإسلام وأمان الإسلام، الدماء والأموال والأعراض محترمة بكل الوجوه، لماذا؟ لأن دين الإسلام دين الرحمة، دين العدل، دين الخير، دين لأهله رقة في قلوبهم ومحبة الخير لأنفسهم وللبشرية أجمع، لكن هذا العدوان والظلم إنما مصدره من أمة ضائعة لا دين ولا شرع يحكمها، فهي ضالة مضلة.

هذه أسلحة الدمار التي صنعها الأعداء وسخروها وتنافسوا في إبداعها، وتسابقوا أيهم الذى يصنع سلاحا مدمرا، وأيهم الذى ينشر الجريمة، وأيهم الذي يفتك بالبشرية، وأيهم المستطيع لأن يجعل البشر مجالا لتدريب الأسلحة، واختبارا لقوتها من ضعفها، وتأثيرها من عدمه، هكذا الأعداء، ولهذا فنبينا صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن هذا الأمر سيقع في آخر الزمان، عندما يرفع العلم، ويثبت الجهل، ويكثر الهرج أى القتل، وأخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان يقتل القاتل، لا يدرى فيما قتل، ولا يدرى المقتول لماذا قتل، لماذا؟ لأنها شرور عظيمة عامة، القاتل الذي ينفذ ما أمر به لا يدري لأي سبب فعل، والمقتول الذي ذهب لا يدرى لأى شيء ذهب إنما هي فتنة، وإنما هي مصائب.

وإنما هي بلايا، إنما هي أحداث جسام، عندما يسمعها الإنسان ويتصورها يرى العجب العجاب، في دول تدعي الحضارة والرقى في نفسها، لكن الله حكيم عليم فيما يقضي ويقدّر، وإنما المسلم لا يرضى بذلك، ولا تقر عينه بذلك لأنه يعلم أن دين الإسلام يرفض كل الإجرام على اختلافه، وعلى وقوعه في أى البشرية كان، إذ أن الظلم في الإسلام محرّم، فإن ديننا دين الإسلام لم يكن سفاكا للدماء، ولا حريصا على ذلك بل كان حريصا على حقن الدماء ما وجد لذلك سبيلا، كل ذلك لأن دين الإسلام دين الرحمة، دين العدل، دين الخير، الدين الذى يصلح البشرية فى حاضرها ومستقبلها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.