عودة إله الحرب .. الفصل الأول

كتب / محمود الأخرس 

 

بعد مرور 15 سنة، عاد ليجد زوجته وابنته مشردتان، فاستشاط غضبًا وأرسل رسالة كانت كفيلة بإفلاس بقيمة مليار دولار

في مدينة إيروديا، هبطت طائرة خاصة في مطار نورثهامبتون، تسببت بتأخر جميع الرحلات الدولية ثماني ساعات. ويقف بشموخ في الممر الخاص خمسة رجال يرتدون البدلات والأحذية الجلدية وهم مستقيمين كالرمح. ويرفعون بين الحين والآخر معصمهم للنظر إلى الوقت، إذ كانت شخصية مهمة مرتقبة قادمة إلى المدينة.
علمت الطبقة العليا في نورثهامبتون بقدومه، ولكن لم يستطع أحدًا الاقتراب بمقدار بوصة واحدة من الممر الخاص.
حتى أنّه طُرِد أُغنى رجل في نورثهامبتون، وهو قد جاء لإلقاء التحية. ونهايةً، بدأت الحركة تظهر في الممر.

فصرخت الحشود “إنّه إله الحرب !!!”، وامتلأت عيونهم بالهيبة والتبجيل، عندما رأوا أسطورة إيروديا الخالدة. كان الذي أُطلق عليه لقب إله الحرب، وحده إله حربٍ مميزِ بخمس نجوم في تاريخ إيروديا. ففي لحظة واحدة، حقق انتصارًا ساحقًا على أقوى اللواءات في ثمانية عشر دولة. وكان رجلًا متسلطًا ومخيفًا. كما أذهل العالم بقوته التي لا نظير لها، حتى أنه قام بتأسيس فرقة الحروب الخمسة العظيمة وفرقة الفرسان وغيرها من وحدات القتال الاستثنائية.
اشتعلت مشاعر ليث جاد عندما وضع قدمه على أرض وطنه. كان يومًا ما يتيمًا، إذ رموه في شوارع نورثهامبتون، إلى أن تبنته عائلة جاد. ورغم ذلك، لم تحبه عائلة جاد حتى.

فعامله والداه الذين اختاروا تبنيه بقسوة، فكانوا يميلون إلى ضربه والصراخ عليه، ولطالما عاملوه كغريب. وإذا قارنا معاملتهم له بمعاملتهم للغرباء، سنجد أنّهم عاملوه كأنه ليس موجدًا أصلًا.
وعلى الرغم من ذلك، لم يكترث ليث بتاتًا. كان دائمًا فخورًا بلقبه الذي حافظ عليه منذ طفولته، وسعى بجد لتحقيق النجاح والمجد لهذه العائلة مع مرور الوقت.
في النهاية، أسس مجموعة ليث، وهي أكبر مؤسسة تجارية حققت نجاحًا غير متوقع في مجتمع نورثهامبتون، حيث وصلت ثروته إلى مليارات الدولارات، واحتلت ثروته مرتبة رفيعة في طليعة نورثهامبتون. بالتالي، ارتفعت عائلة جاد التي كانت ضعيفة إلى القمة.
ومع ذلك، لم تظهر عائلة جاد أي علامات على التقدير له، بل كانوا يبدون الاستياء، إذ كانوا يغارون من نجاحه ويرونه عقبة في طريقهم، فيتمنون سقوط مجموعة ليث. بغض النظر عن ثروته وقوته، كان مجرد شخص غريب في عيون عائلة جاد، وكان ذلك واضحا.
في النهاية، في ليلة زفاف ليث، حاكت عائلة جاد مؤامرة ضده، حيث قاموا بإفقاده تركيزه ووضعه في موقف مخجل وألقوه في سرير زوجة أخيه. حاولوا بذلك الإيهام بأنه أقدم على تصرف غير لائق، وقبض أخوه ووالديه عليه متلبسًا.
في تلك الليلة، تعرض ليث للضرب بوحشية وتركوه في الشوارع كما لو كان كلبًا بريًا. فلم يُصاب بالإعاقة فحسب، بل تحمل عقاب فعلٍ لم يرتكبه أيضًا. فتحوّل من نجم صاعد في عالم الأعمال إلى موضع للسخرية ليلًا ونهارًا.
وفي اليوم التالي، تحمل عقوبة تهمٍ جمة وحُكمَ عليه بالسجن لمدة ست سنوات. لن ينسى أبدًا وجوه عائلة جاد القاسية والخبيثة، وسخرية أصدقائه وزملائه في الدراسة وشركائه في الأعمال منه. وبالأخص، لن ينسى أبدًا خيبة الأمل التي ظهرت على وجه زوجته الجديدة زينة.
كان يرى في عائلة جاد منزلًا له، وكان قد كرس نفسه للعائلة، ومع ذلك عاملوه كما لو كان هو القمامة. كان يشعر وكأنه يتعرض للطعن بالسكين في قلبه في كل مرة يفكر فيما جرى. واشتعل قلبه بالحقد على عائلة جاد! ولكن من كان يعتقد أن ليث نُقل سرًا من السجن للانضمام إلى الجيش؟ بعد بضعة سنوات، سيطر على العالم العسكري وأصبح الوحيد بلقب إله الحرب المميز بخمس نجوم.
الآن بعد أن عاد، لا بدّ لعائلة جاد من أن تتوخى الحذر. سأل ليث: “كيف تسير الأمور يا أسد الأحمدي؟”
رد أسد، قائد فرقة الحروب الخمسة العظيمة، بحرارة، “سيدي، أخشى أن زوجتك، السيدة زينة لبيب، ستتزوج عند العاشرة من مساء اليوم”.
إذ منذ أن سُجِن زوج زينة في ليلة زفافها، كانت تعيش كما لو أنّها أرملة. ويعلم الله وحده حجم الضغط الذي تحملته.
والآن، الشخص الذي لا يمكن لليث الانتظار أكثر لرؤيته هو زينة. بعد لحظة من التردد، تابع أسد الأحمدي، “سيدي، تحتفل عائلة جاد بحفل عشاء بمناسبة الإدراج الناجح في فندق منارة الضيافة الليلة، ودعوا كثير من الأشخاص بما في ذلك عائلة جاد الكبيرة، ولكنني لم أقبل ولم أرفض مباشرة”. فسأله ليث باقتضاب: “عند أي ساعة؟”.
“عند الثامنة ! يا سيدي”
“حسنًا، أخبرعائلة جاد أنني سأحضر العشاء”
بما أن وقت الحفلين لم يتعارضا، فقبل ليث الدعوة بسرور. أُقيم حفل الاحتفال بالإدراج الناجح لمجموعة جاد في فندق منارة الضيافة في نورثهامبتون. وبمساعدة مجموعة ليث، أصبحوا عائلة غنية وقوية في لمح البصر.
كانت القاعة تعج بالضجيج والإثارة، وكان يمكن سماع أصوات طرق الكؤوس ببعضها البعض طول الوقت. وقال يوسف، رئيس عائلة جاد “بارك الله في عائلة جاد!، فشبابهم النجوم بين الرجال! وأُدرجت مجموعة جاد وأصبحت نجمة صاعدة في نورثهامبتون.”
رحب أبناء يوسف الثلاثة وابنته بضيوفهم بابتسامات مشرقة على وجوههم. كوان الجيل الأصغر من عائلة جاد أكثر غطرسة وفخرًا، لأنه بعد اليوم ستصبح عائلة جاد عائلة قوية، وسيصبحون من أغنى الأطفال.
كان معظم الضيوف الذين حضروا حفل العشاء اليوم من الطبقة العليا في نورثهامبتون. وراحوا يتحدثون عن الجدث البارز الذي وقع اليوم فقال أحدهم” جاد، هل تعلم ما حدث اليوم؟ حفلتك ليست شيئًا مقارنة بذلك.
“نعم، سمعت أن شخصية هامة وصلت إلى نورثهامبتون”
“أراد أغنى رجل في نورثهامبتون أن يلتقي به ولكنه طُرِدَ. يبدوأنه ليس مؤهلًا بما فيه الكفاية”
.”حسنًا! ” كان جاسم ناصر ينتظر خمس ساعات مقدمًا في المطار
أومأ يوسف برأسه، “نعم، أعرف ذلك أيضًا. لقد أرسلت شخصًا لدعوة هذا الشخص الهام إلى الاحتفال.”
“لا يمكن! لماذا قد يحضر هذا الشخص الهام مثل هذا الحفل!” لم يصدقه أحدٌ.
في الواقع، كان يوسف كنجم صاعد يجرب حظه فحسب.
صرخ جميل، الابن الثاني الأكبر لعائلة جاد، “أبي!” بينما هو يركض نحوه، وقال: “قد قبل الشخص الهام دعوتنا لحضور الحفل. إنّه في الطريق”.
يا يسوع،” بالفعل بارك الله عائلة جاد”
لم يستطع أفراد عائلة جاد إخفاء سعادتهم، فهذه كانت فرصتهم الفريدة للتقدم نحو القمة بسرعة وبسهولة. تجمع أحفاد عائلة جاد معًا، والشمس تغمر أرواحهم.
ابتسم برهان، أخ ليث، وكذلك زوجة أخيه فيكتوريا، وقال: “حسنًا، يبدأ كل شيء يبدأ سجن ليث، فبسببه عائلة جاد هي في المكان الذي نحن فيه اليوم”. وفجأة سأل أحدهم: “في الواقع، في الحديث عن ليث، هل تعلمون أنّه سيخرج اليوم من السجن؟”
وتسمع أحدهم قائلًا: “حقًا! يا له من سوء حظ، لماذا سيُطلق سراحه في مثل هذا اليوم العظيم؟ دعه لا يعود! فإنّه وصمة عار على عائلة جاد. وقبضت فيكتوريا شفتيها وقالت ساخرةً: “في الواقع ليث هو مفخرة عائلة جاد اليوم”.
فقال برهان: “يجب عليه أن يمتن لعائلة جاد لتربيته وهوَ يتيمًا. ولا تساوي شركته التي تبلغ ثروتها مليارات الدولارات شيئًا. وبصراحة، ليث ليس إلا كلبًا ربّته عائلة جاد”
ضحك أحدهم قال: “في الواقع، كنت مهتمًا بزوجة ليث منذ وقت طويل. لا تزال أرملة، وأنا سأتزوجها بالتأكيد.” أثار تعليق الرجل ضحكات عالية.
قال يوسف: “توقفوا جميعًا، لدي إعلان مهم لكم”. ثم أخبرهم أن الشخص الهام قادم. علا دوي التصفيق ولكن عندما توقفوا، ظل شخصٌ واحد يصفق بقوة. كان الصوت واضحًا وعاليًا، ويقترب من بعيد. على السجادة الحمراء، مشى رجل يصفق، محياه مليءٌ بالجرأة والحيوية. بثّت خطواته هالة مهيبة ومرعبة، مما جعل الجماهير تحبس أنفاسها. وصرخ برهان وفيكتوريا: “إنه ليث”.
فجأة، اتجهت أعين الجميع نحوه. فقال أبويه بالتبني على حين غرة: “نسينا أن هذا الشاب يخرج من السجن اليوم”. ومتجاهلًا الأنظار المذهولة التي توجهت نحوه، سار ليث خطوة بخطوة نحو يوسف.
وقال له: “أخبرتني العصفورة أنّ الشركة صارت مسجلة الآن. كيف تشعر يا يوسف؟ هل أنت سعيد؟”
وابتسم ليوسف بابتسامه مليئة بالمعاني.
اتقد غضب يوسف وقال لليث: “كيف تجرؤ على المجيء إلى هنا؟ أيها الوقح، وماذا قلت لي للتو؟ من الذي دعاه؟ ألم تعلموا أنه خرج للتو من السجن؟ يا له من مشؤوم”.
نهض برهان وقال: “ما الذي تفعله هنا يا ليث؟”
فأجابه ليث متحديًا: “لماذا لا يمكنني أن أكون هنا؟”‏
“حسنا، بدايةً، أنت لست إلا يتيم! ربّتك عائلة جاد، ولكنك كنت طموحا وناكرًا للجميل. وتجاوز طموحك الحدود فصرت تريد لزوجة أخيك، وأردت أن تستولي على عائلة جاد! حتى أنك حاولت قتل والديك عندما ساءت الأمور! أليس لديك ضمير؟ هل لا يزال لديك أي ذرة من الأخلاق في قلبك؟”‏
“لقد فقدت سمعتك في نورثهامبتون، والجميع يعرف ذلك. كيف تجرؤ على القدوم إلى هنا؟ ألا تشعر بالعار؟”‏

إلي اللقاء في الفصل الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.