بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله الذي نوّر بالقرآن القلوب وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، فأعيت بلاغته البلغاء، وأعجزت حكمته الحكماء، أحمده سبحانه وتعالي وهو أهل الحمد والثناء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله المصطفى، ونبيه المرتضى، معلم الحكمة، وهادي الأمة، صلى الله عليه وعلى آله الأبرار، وصحبه الأخيار، ما تعاقب الليل والنهار، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد في مراحل التربية والتعليم إنه ينبغي عدم فصل الإرشاد عن التدريس لأن المدرس هو أقدر وأجدر إنسان يقوم بعملية الإرشاد وخاصة إذا كان يؤدي جزءا من عمله في التدريس والجزء الآخر في الإرشاد، وإلا يجب أن يكون المرشد قد علم من قبل خلال على الأقل سبعة أو ثماني سنوات حافلة بالعطاء والتميز وفق التقارير المكتوبة عنه وله مشاركات في إرشاد التلاميذ أثناء عمله في التدريس.
وكذلك إختيار المعلم الأكثر كفاءة في التدريس والمتميز في مادته الدراسية والمنتظم في عمله ودوامه والقدوة في أخلاقه ودينه وأدبه وأمانته ومعاملته والذي له القدرة على المناقشة والحوار الهادف البناء، والذي يكون سليما من الضغوط النفسية والعصبية، وكذلك إعداد دورات في الإرشاد الطلابي خارج وقت الدوام الرسمي للتلاميذ ويحصل فيها المتدرب على شهادة التوجيه والإرشاد أو سمّها كما تشاء، وهذا يعتبر تدريبا أثناء العمل، وكذلك تعميم هذا الإرشاد المتخصص على جميع المؤسسات التعليمية في كل أطوار التعليم بما فيها الإبتدائي لأن لكل مرحلة من التعليم مشاكلها الخاصة بها، وكما يجب أن نتصارح نحن القائمون على التربية والمعلمون والأساتذة بأننا في كثير من الأحيان لا نقبل أي خطأ أو عيب في تلاميذنا، بل ومعظم الأخطاء والعيوب حتى البسيطة منها.
هي عندنا على درجة واحدة من السوء أو عدم القبول، وإذا سألت أي معلم “ما العيب الذي يمكن أن تتقبله من تلميذك بإعتبار أن كل ابن آدم خطاء؟” لن يكون الرد بالطبع “لا أحب ولا أقبل منه أي خطأ أو عيب” لأن هذا الرد لن يكون مقبولا على مستوى الواقع والمنطق لأنه يخالف الطبيعة البشرية، وإنما سيكون الرد أنه يقبل منه أي عيب إلا العيب الموجود بالتلميذ فعلا، ومن هنا فإنني أنصح كل معلم أن يكون واقعيا في تعليمه وتربيته وأن لا يطلب الكمال في تلاميذه لأن الكمال لله وحده ولأن العصمة للأنبياء عليهم السلام وحدهم، وكما أن على المعلم أن يكون قدوة لتلميذه بحيث لا ينهى التلميذ عن خلق ويأتي مثله، وعليه أن يهتم المعلم بالتلميذ ككيان له وجود وليس مجرد شيء في مدرسة، وكما يجب عليه أن يفخر به وأن يعتز به وأن يمدحه بين الحين والآخر بدون مبالغة.
لأن المديح من شأنه أن يرفع معنويات التلميذ ويقويه، وكما أن على المعلم أن يزن التلميذ بميزان الحسنات والسيئات لا بميزان السيئات فقط، فإذا غلبت حسنات التلميذ سيئاته كان أمر التلميذ خيرا، وإذا كان العكس هو الصحيح وجب الإهتمام بعلاج المشكلة بالحكمة والروية والتأني، ولننتبه إلى أن هناك قاعدة تربوية تقول ” إننا كلما ركزنا على الجانب الإيجابي في أي إنسان تقلص بل وزال بإذن الله الجانب السلبي فيه” ولو قمنا مع بداية السنة الدراسية بأخذ عينة من التلاميذ من جميع الصفوف ومن مختلف المستويات الإبتدائية والمتوسطة والثانوية وطلبنا منهم بدون سابق إنذار أو إعلام حل أسئلة مشابهة لأسئلة إختبار مادة من السنة الدراسية الماضية، ثم نأخذ نتائج هذا الإختبار ونقارنها بنتائج إختبار المادة لهذا العام، فإننا سنجد حتما أن نتائج إختبار العام السابق أحسن بكثير من نتائج هذا الإختبار.
وقد تتعدد الأسباب لكن المؤكد هو أن هناك سببا أساسيا في هذا الإختلاف ويتمثل في أن التلميذ إستعد لإختبار المادة ثم ما لبث أن نسي ما درسه ولم يستعد لإختبار بداية السنة، وإن التلميذ يتعلم غالبا للأسف الشديد من أجل الإختبار وليس للتعلم، وهذه حقيقة يعلمها الجميع ويجب أن نواجهها بشجاعة، ونواجهها بجملة خطوات من أهمها هو تربية التلميذ على أن طلب العلم عبادة سواء كان دينيا أو دنيويا، وإذا كان الغرض منه رضا الله تبارك وتعالى، وكذلك تنبيه التلميذ بإستمرار إلى أن نجاحه الأول مع نهاية كل سنة مرهون بالمراجعة الدائمة لا بالمراجعة قبيل الفروض والإختبارات، وإلى أن نجاحه الثاني في المستقبل في مهنته ووظيفته وشغله لن يكون كاملا وتاما إلا بإجتهاده السابق من أجل التعلم لا من أجل الإختبارات والإمتحانات.