د. محمود محمد علي
في الأيام الماضية رأينا كيف سقط حكم بشار الأسد في أقل من أسبوعين ، وذلك من خلال صفقة أبرمت بين أمريكا وإسرائيل وتركيا علي خلع حكم بشار والذي يدعم التواجد الروسي والإيراني على الأراضي السورية ، ولما كان من الصعب إسقاط هذا التواجد اضطرت أمريكا وإسرائيل وتركيا على عمل صفقة مع روسيا وإيران، يكون بموجبها الوصول إلى اتفاق سلام في الحرب الروسية الأوكرانية مع الاحتفاظ بالقواعد الروسية في طرطوس، وحميميم السوريتين .
وفي الوقت نفسه تتعهد أمريكا لإيران بعدم ضرب إسرائيل لمفاعلاتها النووية في مقابل طرد إيران لحزب الله من الأراضي السورية ، وأيضا رفع بعض العقوبات الاقتصادية ، وبدء مباحثات السلاح النووي الإيراني 5+1.
وبالفعل تمت الصفقة بنجاح من خلال توحد كل العناصر الإرهابية في سوريا مع بعضهم البعض بجانب مساعدة الجيش الأمريكي والتركي والإسرائيلي لهم جويا ، وقد ترأس تلك العناصر أبو محمد الجولاني- قائد جبهة النصرة والتي غيرت اسمها لأنصار الشام ، هذا بالإضافة إلى تغيير اسم الجولاني ليكون أحمد الشرع بدلا من أبي محمد الجولاني ، وكذلك تغيير هيئته التي كان عليها ليصبح في هيئة وشكل الرئيس الأوكراني” زيلنسكي” الحالي ولكن بلحية خفيفة ملساء.
وقد نجح المخطط حيث أقبلت تلك الفصائل الإرهابية نحو حلب ، ودرعا ، والسويداء ، ودير الزور وذلك لمواجهة الجيش السوري ، والذي تم بإيعاز لقياداته الانسحاب أمام تلك العناصر نظير صفقة من المال والحفاظ على الأرواح ، وبالفعل استجاب القادة والجنود في الجيش السوري على الانسحاب ، قتم إسقاط حكم بشار في اثنى عشر يوما يدون إطلاق رصاصة واحدة.
ثمة نقطة أخري جديرة بالإشارة، وهي أن إسرائيل قد تمكنت عقب سقوط حكم بشار بتحقيق أكبر مغنم من سقوط بشار لم تحققه منذ 50 عاما من ذي قبل ، حيث تمكنت من احتلال منطقة “جبل الشيخ” دون مقاومة وهذا الجبل يمثل لإسرائيل أهم نقطة في سوريا، وبموجب هذا الاحتلال إيقاف اتفاقية ” فك الاشتباك” ، وهذه الاتفاقية كما هو معروف قد أبرمت في ” جنيف” وكانت بين إسرائيل وسوريا وأمريكا وروسيا والأمم المتحدة” ، وتم عمل منطقة منزوعة السلاح في الجولان في حدود 20 كيلو ، وفيه صارت الأمم المتحدة على ذلك .
الآن وقد تم احتلال هذا الجبل من قبل إسرائيل ، ثم رأينا أول أمس رئيس وزراء إسرائيل “نتنياهو” يعلن إلغاء هذه الاتفاقية فقال” اليوم سقطت اتفاقية فض الاشتباك .
والذي لا يعرف عن جبل الشيخ نقول له أن هذا الجبل يمثل أعلى قمة موجودة في سوريا ، وهو يطل مباشرة على دمشق في طول يقع حوالي 50 كيلو متر فقط ، مما يمكن بعد ذلك للمدفعية الإسرائيلية ضرب دمشق في حالة أي تهديد يخرج منها.
لم تكتف إسرائيل بل قامت خلال اليومين الماضيين القيام بـ”350 ” غارة بالقوات الجوية على مواقع الجيش الإسرائيلي، وهذه الغارات لم تحدث من 50 عاما كما قلت ، حيث تمكنت إسرائيل من ضرب جميع محطات الرادار، والصواريخ ، والدفاع الجوي ، وقضت إسرائيل عليها بالكامل ، كذلك تمكنت إسرائيل من ضرب جميع الطائرات السورية والتي تبلغ حوالي 500 طائرة مقاتلة حيث تم تدميرها عن بكرة أبيها سواء على الأرض أو في المطارات .
ولم يكتفوا بذلك بل ضربت إسرائيل جميع القطع البحرية بالكامل سواء كانت غواصات أو مدمرات أو فرقاطات ، أو منصات صواريخ ، أو لانشات طربيد أو مرور ، أي أسطول حربي بالكامل تم تدميره.
الآن سوريا تجردت من كل سلاحها بالكامل ولم يعد معها للأسف سوى الكلاشينكوف فقط .. من يصدق أن سوريا الذي كانت بجيشها تمثل ثاني دولة من دول الطوق تم تجريدها بالكامل من كل سلاحها .. والمحزن أن السوريين يفرحون ويهللون طربا من سقوط حكم بشار ، فماذا سيحدث لسوريا في الأيام المقبلة… اللهم الا اعتراض.. اللهم الا اعتراض!!