صحبة الأخيار تورث الخير

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 15 أكتوبر 2024

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل أبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، ثم أما بعد قال أحد الحكماء لإبنه وهو يعظه أي بني، لا تؤاخي أحدا حتى تعرف موارد أموره ومصادرها، فإذا إستطبت منه الخبر، ورضيت منه العِشرة، فآخه على إقالة العثرة، والمواساة عند العسرة” وقال أحد الحكماء نُصح الصديق تأديب، ونصح العدو تأنيب، وكما قال أحد الحكماء “اعرف أخاك بأخيه قبلك”

وقال أحد الحكماء “صحبة الأخيار تورث الخير، وصحبة الأشرار تورث الشر” وإن من حق الصديق على صديقه هو المواساة بالمال مع الصديق وهي على ثلاث مراتب أدناها أن تنزله منزلة خادمك فتقوم بحاجته من فضلة مالك، فإذا سنحت له حاجة وكانت عندك فضلة عن حاجتك، أعطيته ابتداء ولم تحوجه إلى السؤال، فإن أحوجته إلى السؤال فهو غاية التقصير في حق الأخوة، وأن تنزله منزلة نفسك، وترضى بمشاركته إياك في مالك، ونزوله منزلتك حتى تسمح بمشاطرته في المال، وأن تؤثره على نفسك، وتقدم حاجته على حاجتك، وهذه رتبة الصديقين، ومنتهى رتبة المتحابين، ومنتهى هذه الرتبة الإيثار بالنفس أيضا، وكما أن من حق الصديق على صديقه هو الإعانة بالنفس.

وتكون في قضاء الصديق لحاجات صاحبه، والقيام بها قبل السؤال، وتقديمها على الحاجات الخاصة، وهذه أيضا لها درجات فأدناها القيام بالحاجة عند السؤال والقدرة، ولكن مع البشاشة والإستبشار وإظهار الفرح، وروى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر، يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه” وكان بعض السلف يتفقد عيال أخيه وأولاده بعد موته أربعين سنة، يقوم بحاجتهم، يتردد كل يوم إليهم ويمونهم من ماله، فكانوا لا يفقدون من أبيهم إلا عينه.

بل كانوا يرون منهم ما لم يروا من أبيهم في حياته، وكان أحدهم يتردد إلى باب دار أخيه يقوم بحاجته من حيث لا يعرفه أخوه، وبهذا تظهر الشفقة، والأخوة إذا لم تثمر الشفقة حتى يشفق على أخيه كما يشفق على نفسه، فلا خير فيها، فينبغي أن تكون حاجة أخيك مثل حاجتك، أو أهم من حاجتك، وأن تكون متفقدا لأوقات الحاجة، غير غافل عن أحواله، كما لا تغفل عن أحوال نفسك، وتغنيه عن السؤال والإستعانة، وقال عطاء بن أبي رباح رحمه الله “تفقدوا إخوانكم بعد ثلاث، فإن كانوا مرضى فعودوهم، أو مشاغيل فأعينوهم، أو كانوا نسوا فذكروهم” وقال الله تعالى في وصق المؤمنين ” رحماء بينهم ” وهو إشارة إلى الشفقة والإكرام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.