بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 13 ديسمبر 2024
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ثم أما بعد لقد كان الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه من أهل الصفه، وقد حاز شرف فقرهم وفضلهم وأجرهم، وأن الفضل قد تتابع لأبي هريرة رضي الله عنه لصحبته ولهجرته ولدوسيته ويمانيته، ونيله دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم وتوثيقه له، وشهادة القرآن له، وبعد وفاة النبي محمد صلي الله عليه وسلم، شارك أبو هريرة رضي الله عنه.
في عهد أبي بكر الصديق في حروب الردة، كما شارك في الفتح الإسلامي لفارس في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ثم استعمله عمر واليا على البحرين، فقدم من ولايته عليها إلى المدينة بعشرة آلاف، فاتهمه عمر بن الخطاب في تلك الأموال، فأنكر أبو هريرة رضي الله عنه إغتصابه لتلك الأموال، وقال له بأنها نتاج خيله، ومن تجارته في الغلال، وما تجمّع له من أعطيات، فتقصّى عمر بن الخطاب الأمر، فتبيّن له صدق مقولة أبي هريرة رضي الله عنه، وأراد عمر بن الخطاب بعدئذ أنه يُعيد أبي هريرة رضي الله عنه إلى ولايته على البحرين، فأبى أبو هريرة رضي الله عنه وامتنع، بعد ولايته تلك، وقد أقام أبو هريرة رضي الله عنه في المدينة المنورة يُحدّث طلاب الحديث، ويُفتي الناس في أمور دينهم.
وقد قيل أن أبا هريرة رضي الله عنه هو من صلى على السيده عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها في رمضان سنة ثماني وخمسين من الهجرة، وعلى السيدة أم سلمة هند بنت أبي أمية أم المؤمنين رضي الله عنها، وكان ذلك في شهر شوال سنة تسع وخمسين من الهجرة، ثم توفي بعد ذلك في نفس السنة، وكانت وفاة الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه في وادي العقيق، وحمل بعدها إلى المدينة، حيث صلى عليه الوليد بن عتبة أمير المدينة المنورة وقتئذ بعد صلاة العصر، وشيعه عبد الله بن عمر وأبو سعيد الخدري، ودُفن بالبقيع، وقد أوصى أبو هريرة رضي الله عنه حين حضره الموت، فقال إذا مت فلا تنوحوا عليّ، لا تضربوا عليّ فسطاطا، ولا تتبعوني بمجمرة، وأسرعوا بي.
كما كانت له قبل وفاته دارا في ذي الحليفة، تصدق بها على مواليه، وقد كتب الوليد بن عتبه إلى الخليفة معاوية بن أبي سفيان ينبأه بموت أبي هريرة، فكتب معاوية إليه يأمره بأن يحصي ورثة أبي هريرة، وأن يمنحهم عشرة آلاف درهم، وأن يُحسن جوارهم، فاللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمّر أعداء الدين، اللهم انصر جنودنا المرابطين على الحدود والثغور وفي الداخل يا قوي يا عزيز، اللهم وفق ولاة أمورنا بتوفيقك، وأيدهم بتأييدك، واجعل عملهم صالحا في رضاك، وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة التي تدلهم على الخير وتعينهم عليه يا رب العالمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.