سلسلة مقالات “الإشباع الإجتماعي” الحلقة التاسعة

بقلم / عاشور كرم

العيد وحكم صلة الأرحام

إن المسلم الذي يخلص في عبادته ودينه ويعمل بنهج رسوله الكريم وسنته فلديه من الأعمال التي يقوم بتأديتها يوم العيد سواء عيد الفطر أو الأضحي فهو يعملُ بما يعلمُ من هديِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم مبتدئًا بالاغتسالِ والتطيُّبِ، وآكل بغض التمراتٍ إن كان عيدَ فطر قبل الخروج إلى المصلى والاستعدادُ وصلاة العيد واستقبالُ التهاني من
المصلين والرجوعُ إلى بيته سالكًا غيرَ الطريقِ التي جاء منها، مهنِّئًا أهلَه وأولادَه ويأكلُ من
أضحيته بعد الصلاة إن كان في عيد الأضحى ويخرجُ زائرا لأرحامه وأقاربه وجيرانه وأصحابه ورفاقه يبتغي بذلك وجهَ الله تعالى لينالَ رضاه ويفوزَ بالجنة وليكونَ قدوةً يقتدى به

فالأعياد جعلها الله سبحانه وتعالي لهذه الأمّة للتنفيس عنها ومنحِها شيئا من اللهو المباح في يومين من كل عام في الفطر والأضحى وذلك لما ثبت عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ لأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ
قَالَ ((كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا وَقَدْ أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الأَضْحَى ))

وعن عَائِشَةُ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ ((أي في يوم عيد )) حَتَّى أَكُونَ أَنَا أَسْأَمُ فَأَقْعُدُ فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ الْحَرِيصَةِ عَلَى اللهْوِ
فإن الحديث فيه فوائد : وهي مشروعيةُ التوسعة على الأولاد في أيام الأعياد بأنواع ما يحصل لهم بسط النفس وترويح البدن من كلف العبادة
وأن الإعراض عن ذلك أولى وفيه أن إظهار السرورَ في الأعياد من شعار الدين وقول الله تعالى: (( وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ)) فالله يوصي جل جلاله بالأرحام بأن يتقى الولي الله جل جلاله فيهم ويجعل لهم الأولويةَ عند الاختيار إنه يعلم قولَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ )) لذلك هو من الذين وسع الله عليهم في أرزاقهم في الدنيا والآخرة وبارك لهم في أعمارهم وآجالهم وكافأهم على صلة أرحامهم وإنه يخاف من تحذير الله سبحانه من
قطيعة الأرحام وهي موجودة بكثرة في هذا الزمان فقاطع رحمه من الذين (( يَقْطَعُونَ مَا
أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ )) فقطيعة الرحم مرتبطة بالفساد والإفساد والإعراض عن دين الله

وقد فصل العلماء في حكم صلة الرحم فقالوا: إن صلة الرحم الواجبة تكون في الرحم المحرم فقط فإذا قطعها الإنسان يكون آثماً وهذه تكون كما ذكرت في الآباء والأمهات والأجداد والجدات والأعمام والعمات والأخوال والخالات والأخوة والأخوات والأولاد ذكوراً وإناثاً فهؤلاء تجب صلتهم وتحرم قطيعتهم

الرحم الغير محرم
هم الأقارب الذين يجوز التناكح بينهم؛ كبنات الأعمام وبنات العمات وبنات الأخوال وبنات الخالات وأولادهم فمن السنة صلتهم ولا تجوز قطيعتهم إن صلةَ الرحمِ هي في حقِّ الرجال آكدُ منها في حق النساء لأن المرأة تحتاج إلى إذن وليِّهافي الدخول والخروج فالزوجة صلة الرحم واجبة عليها لكن لا بُدَّ من إذن الزوج في خروجها وكذا الأخت والبنت ونحوهما وصلة الرحم تكون بطرق شتى فالاتصال بالهاتف أو عبر الشبكة الالكترونية أو الزيارة العابرة ونحوها هذا جزء من صلة الرحم
خصوصا إذا حالت الحدود والسدود بينهم

وأختتم حديثي بأن
إن صلة الأرحام تبدأ بخطوتين: العلم والعمل العلم بالأحكام الشرعية لصلة الأرحام والعلم بالأرحام عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ((تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الأَهْلِ مَثْرَاةٌ فِي المَالِ ))

عقوبة قاطعُ الرحم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ:((ايَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ )) وعلى الناس هجران من قطع رحمه لأن ميمون بن مهران قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: ((احْفَظْ عَنِّي أَرْبَعاً: لاَ تَصْحَبَنَّ سُلْطَاناً وَإِنْ أَمَرْتَهُ بِمَعْرُوفٍ وَنَهَيْتَهُ عَنْ مُنْكَرٍ وَلاَ تَخْلُوَنَّ بِامْرَأَةٍ وَإِنْ أَقْرَأْتَهَا الْقُرْآنَ وَلاَ تَصِلَنَّ مَنْ قَطعَ رَحِمهُ فَإِنَّهُ لَكَ أَقْطَعُ وَلاَ تَكَلَّمَنَّ بكَلاَمٍ الْيَوْمَ تَعْتَذِرُ مِنْهُ غَداً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.