سلسلة مقالات “الإشباع الإجتماعي” الحلقة السادسة

بقلم / عاشور كرم

الإشباع الاجتماعي وصلة الأرحام

صلة الرحم
صلة الرحم من أفضل ما يتقرّب به العبد إلى الله-عزّ وجلّ وهي تُعدّ من الأمور الواجبة على كلّ مسلم
وقد ربط الله تعالى- بين صلة الرحم والبركة في الوقت، والرزق وجعلها سبباً لهما.فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم : (مَن أحَبَّ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، ويُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ)
فيجلس المسلم مع أقاربه ويتسامرون ويتناقشون في المواضيع المختلفة والمُتنوّعة، ممّا يؤدّي إلى صفاء صدر كلٍّ منهم تجاه الآخر وزيادة الألفة والمَحبّة فيما بينهم
قال الله تعالى : (وَأُولُو الأَرحامِ بَعضُهُم أَولى بِبَعضٍ في كِتابِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ)
فنجد أنّ الأرحام من أحقّ الناس وأولاهم بالإحسان وقد كانت صلة الرحم من الأخلاق المعروفة قبل بعثة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وعُرِف بها أيضاً كما يتّضح ذلك من قول أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها له حين نزل عليه الوحي أوّل مرّةٍ : ( كَلّا واللَّهِ ما يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ ) وكان رسول الله يمدح أرحامه ويدعولهم ويُوصي بعضهم ببعضٍ ويفخر بهم ويقدّم لهم المساعدة المادّية والمعنويّة

حكم صلة الرحم
إن صلة الرحم واجبة على المسلم وذلك لورود عددٍ من الأدلّة الواردة في القرآن الكريم والسنّة النبويّة فيقول الله سبحانه وتعالى: ((فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ*أُولَـئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُم اللَّـهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)
وقال: ((وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)) وقال أيضاً: ((وَالَّذينَ يَنقُضونَ عَهدَ اللَّـهِ مِن بَعدِ ميثاقِهِ وَيَقطَعونَ ما أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يوصَلَ وَيُفسِدونَ فِي الأَرضِ أُولـئِكَ لَهُمُ اللَّعنَةُ وَلَهُم سوءُ الدّارِ))

أما السنّة النبويّة، فمنها قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم : ((مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ))
وعن عائشة رضي الله عنهاأنّ رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: ((الرَّحِمُ شِجْنَةٌ فمَن وصَلَها وصَلْتُهُ ومَن قَطَعَها قَطَعْتُهُ)) فإن الإشارة إلي أنّ لصلة الرحم مراتب أقلُّها ترك المسلم هجرَ أخيه المسلم

فضل صلة الرحم
إن لصلة الرحم فضائل كثيرة تعود على صاحبها بالنفع في الدنيا والآخرة ويُذكَر من تلك الفضائل أنّ صِلة الرحم

سبب من أسباب دخول الجنة
والدليل في ذلك ما رواه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أبي أيّوب الأنصاريّ أنّه قال:((أنَّ رَجُلًا قالَ: يا رَسولَ اللَّهِأخْبِرْنِي بعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ فَقالَ القَوْمُ : ما له ما له؟ فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : أرَبٌ ما له فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : تَعْبُدُ اللَّهَ لا تُشْرِكُ به شيئًا وتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وتُؤْتي الزَّكَاةَ وتَصِلُ الرَّحِمَ ذَرْهَا قالَ:كَأنَّهُ كانَ علَىرَاحِلَتِهِ))

فالرحم علامةٌ من علامات الإيمان بالله واليوم الآخر
فقد جمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين الإيمان بالله تعالىوالإيمان باليوم الآخر وبين صلة الرحم حيث إنّ المؤمن الحقّ لا يقطع رحمه ويكون حريصاً على صلته قال رسول الله: ((مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ))

سبب من أسباب الزيادة في العمر والبركة في الرزق
قال الرسول -عليه الصلاة والسلام :((مَن أحَبَّ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، ويُنْسَأَ له في أثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَه

سبب من أسباب نَيل صلة الله -تعالى
فقد قال رسول الله: (إنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ حتَّى إذا فَرَغَ منهمْ قامَتِ الرَّحِمُ، فقالَتْ : هذا مَقامُ العائِذِ مِنَ القَطِيعَةِقالَ: نَعَمْ أما تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَن وصَلَكِ وأَقْطَعَ مَن قَطَعَكِ؟ قالَتْ : بَلَى قالَ : فَذاكِ لَكِ)

صورة من صور طاعة الله تعالى
فقد أمر الله تعالي بصلة الرحم كما أنّها من المحاسن التي ورد الأمر بها في الدين واتّفقت عليها الشرائع جميعها ممّا يدلّ على عظيم مكانة صِلة الرحم ومنزلتها في ترابط الأفراد وتراحمهم وتآلفهم

وأختتم حديثي بأن

صلة الرحم تُطلق على من تجمع بينهم القرابةويُحرَّم النكاح فيما بينهم وبناءً على ما سبق فإنّ أبناء الأعمام وأبناء الأخوال لا يدخلون في مُسمّىالأرحام وقِيل إنّ الرحم لَفظٌ يُطلَق على مَن بينهما ميراثٌ وقِيل بل على كلّ مَن تجمع بينهم قرابة سواء أكان أحدهما يَرِث الآخرأم لا يَرِثه وتدلّ صلة الرحم أيضاً على الإحسان إلى الأقربين سواءً كانت هذه القرابة بالنسب أو المُصاهرة والعطف عليهم وتفقُّد أحوالهم، سواءً قابلوا ذلك بالإحسان أو الإساءة ومن الجدير ذِكر أنّ صِلة الأرحام تكون بحَسب حال كلا الطرفَين وما يحتاج إليه الطرف الآخر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.