بقلم / محمـــد الدكـــروري
تأمل سطور الكائنات فإنها من الملك الأعلى إليك رسائل، وقد خط فيها لو تأملت خطها، ألا كل شيء ما خلا الله باطل، تشير بإثبات الصفات لربها فصامتها يهدي ومن هو قائل، وما هذه السموات والأرض في كرسي الرحمن؟ وسبحانه القائل العظيم ” وسع كرسية السماوات والأرض” والسموات والأرض لمّا دعاهما الله عز وجل، فقال تعالي ” قالتا أتينا طائعين” وكما قال تعالي في سورة غافر” لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن اكثر الناس لا يعلمون” لأن كثيرا منهم كما قال تعالي ” يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون” ولما قال موسى عليه السلام ” رب أرني أنظر إليك” قال الله تعالى.
” لن تراني ولكن انظر إلي الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلي ربه للجبل جعله دكا وخر موسي صعقا” وقال ابن عباس رضي الله عنهما “ما تجلى منه إلا كقدر الخنصر” ولما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم الآية قال بيده هكذا ووضع الإبهام على المفصل الأعلى من الخنصر، ثم قال “فساخ الجبل” فهذا الجَبل العظيم لم يستقر مع ضخامته أمام قوة الله عز وجل فكيف بك أنت؟ ومن آيات الله عز وجل خلق السماوات والأرض وما دب فيهما من دابة ففي السماوات ملائكة لا يحصيهم إلا الله ما من موضع أربع أصابع في السماء إلا وفيه ملك قائم لله أو راكع أو ساجد يطوف كل يوم بالبيت المعمور في السماء سبعون ألف ملك لا يعودون إليه مرة أخرى إلى يوم القيامة.
وفي الأرض من أجناس الدواب وأنواعها ما لا تحصى أجناسه فضلا عن أنواعه وأفراده هذه الدواب في الأرض مختلفة في أجناسها وأشكالها وأحوالها فمنها النافع الذي يعرف به الإنسان كمال نعمة الله عليه ومنها الضار الذي يعرف به الإنسان قدر نفسه وضعفه أمام قدرة الله عز وجل فهذه البعوضة الصغيرة الحقيرة هذه البعوضة تسلط على الإنسان فتقلق راحته وتقض مضجعه وتطرد نومه وهي من أحقر المخلوقات يذكر أن ملكا جبارا كان يتحدث مستحقرا فيقول ما الفائدة من خلق الذباب فقال له أحد الحاضرين إن الله خلقه ليرغم به أنوف الجبابرة يعني أن الذباب يقع على أنف الجبار المتكبر الطاغية وأرجل الذباب ملوثة بالانتان والقاذورات ليرغم أنفه وهذه الحكمة التي ذكرها هذا القائل ذكرها.
لمناسبتها لحال هذا الملك الجبار الذي يستهتر ويستهزأ بخلق الله عز وجل هذه الدواب المنتشرة في الأرض المنتشرة في الأرض وبحاره وقفارها ومدنها وقراها كلها تسبح بحمد الله وتسجد له، وكل هذه الدواب المنتشرة كلها هذه الدواب المنتشرة خلقت بأمر الله واهتدت برحمة الله وعاشت برزق الله أعطى الله تعالى كل شيء خلقه ثم هدى وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن نبي الله سليمان ابن داود عليهم الصلاة والسلام خرج ذات يوم يستسقي وكان نبي الله سليمان عليه السلام يعرف منطق النمل فرأى نملة مستلقية على ظهرها رافعة قوائمها إلى السماء تقول اللهم إنا خلق من خلقك ليس بنا غنا عن سقياك فقال سليمان ارجعوا.
فقد سقيتم بدعوة غيركم فالله أكبر هذه النملة عرفت خالقها وأنه فوق السماء وأنها مفتقرة إليه جل وعلا وأنه ليس بها غنا عن سقياه التي ينبت بها العشب وتأكل منه هذه النمل، وكما هو الحال في التأمل في خلق الملائكة، ولو تجاوزت هذه المخلوقات المرئية إلى المخلوقات التي أَخبر عنها الشرع لرأيت عجبا فهذا جبريل عليه السلام له ستمائة جناح، الجناح الواحد منها يسد ما بين الأفق، وقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم قد سد بعظيم خلقه ما بين السموات والأرض، وقد روي أنه حمل بجناحه قرى سدوم وفيها مئات الآلاف حتى حاذى بهم السماء ثم أكبهم على وجوههم، وقال الإمام السدي “لما أصبحوا ويعني قوم لوط، نزل جبريل عليه السلام فاقتلَع الأرض من سبع أرضين، فحملها حتى بلغ السماء الدنيا.
حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم، ثم قلبها فقتلهم، فذلك حين يقول الله عز وجل ” والمؤتفكة أهوي” وهي المنقلبة حين نزل جبريل إلى الأرض فاقتلعها بجناحه حتى وصل إلى السماء، ثم أهوى بها إلى الأرض، فمن لم يمت حين أسقط إلى الأرض أمطر الله عليه وهو تحت الأرض الحجارة” ومع هذه العظمة فقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم “مررت ليلة أُسري بي بالملأ الأعلى وجبريل كالحلس البالي من خشية الله”