زواج أرملة .. بقلم الكاتبة عبير مدين

 

بقلم / عبير مدين

 

أرملة بديعة الحسن صبية، ثرية، وولود تمتلك عزبة جيدة التربه وافرة المحصول أنعم الله عليها ببئر ماء يفيض، مترامية الأطراف وسط اراضي بور لها اسوار بابواب ونوافذ على كل جهة من الجهات الاصليه والفرعية كان الجميع يحسدها على عزبتها هذه، علمت اولادها وربتهم على الكرم والجود والأصول، فرضت عليها الطبيعة أن تتزوج فاشترطت أن يكون زوجها راعي صالح لها ولأولادها تقدم لها الكثير الخطاب وتآمر للفوز بها أكثر، قالت لا يمكنني أن انفرد بالقرار ولدي أبناء قد يتضررون سوف أطرح الأمر عليهم وسوف ارضى برأي الأغلبية منهم، فكان منهم من فكر بعقله، ومن فكر بقلبه، ومن فكر ببطنه، وكان منهم من جلس يتفرج بعضهم يسخر، وبعضهم لا يرى من الخطاب من يصلح فصمت على مضض، أما البعض الآخر من قبل أن يعرف من هو سعيد الحظ جلس يجهز نفسه أن يشمت ويشتم!

تزوجت الأول رجلا كثير الكلام والاستعراض بمال زوجته لم يسمع غير صوت نفسه راهن بمالها فخسر قطعة أرض من العزبة ظلت تبكي وارتدت السواد وكلما رآها حزينه يعدها أن يسترد أرضها من جديد والاولاد تصدق و تصفق إلى أن مات ولم يغير ساكناً، بعد الحداد تزوجت بآخر رآى أن واجبه أن يعيد البسمه إلى وجهها الذي عشقه جاهد هو وذويه و أبنائها ودفعوا ثمنا غاليا إلى أن أعادوا أرضهم مرة أخرى لكن الشيطان أوقع بينهم فتآمر عدد منهم وقتلوا زوج أمهم، فتزوجت آخر، اوهمه أصدقاؤه أن الزراعة أصبحت موضة قديمة وأنه لو جعل العزبة واجهه سياحية أو منطقة صناعية سيكون أفضل فتح أبواب العزبة ونوافذها للأصدقاء، وافق الأبناء وترقبوا وانتظروا أن يفيض نهر من المال الجاري عليهم وارتاحوا من عناء الزراعة وانتظار لحظات جمع المحصول، لكن لم يحدث ما توقعوا وحلموا به! قرر بعض منهم أن يتخلص من زوج الأم الذي رأوا أنه يسرقهم وأصدقائه لكن هذه المره لن يقتلوا فمازالت أيدي بعضهم ملوثة بدماء الزوج السابق، فقرروا أن يجبروه على طلاق امهم حتى فعل ومات كمدا بعدها، وبعد أشهر العدة تزوجت امهم بآخر لكنه كان ضعيف الشخصية لا يسير خطوة إلا برأي عائلته كلها قال الأبناء هذا لن يصلح نريد زوج أمنا وجيها قوي الشخصية، فأجبروه على طلاقها، وجاءوا لها بزوج آخر حملوه على الأعناق وهو يعدهم أن يعوضهم خيرا ويبدأ معهم عهدا جديدا لكنه اخذ منهم عهدا أن يعاونه ليصلح ما أفسده الآخرون.

وما زالوا يعاونه وما زال يعدهم، زادت أعباء الحياة على كاهلهم وكلما زادت زادت وعوده تارة، وتارة أخرى يتهمهم أن عددهم زاد وأوزانهم وأنهم يلتهمون كل ما يأتي به في سلة الخبز، استدان بضمان عزبة زوجته ليجملها لهم لتصبح عزبة مثالية حاول الكثير من الأبناء أن يشاركهم في التخطيط واتخاذ القرار لكنه رفض أن يسمع إلا صوت نفسه وصوت تصفيق حاشيته والمستفيدين من هذا الزواج، ازدادت معاناة معظم الأبناء ودخلوا نفق مظلم وانحشر بعضهم في عنق الزجاجة حتى أنهم أصبحوا يتساءلون لماذا أجبروا زوج امهم السابق و الأسبق على طلاق أمهم؟! وأصبح حلم حياتهم أن يدبروا ثمن وجبة طعام واحدة وأن يوفروا شربة ماء في قلة أو زير لا زجاجات ماء في ثلاجة انحرق موتورها بسبب انقطاع الكهرباء!
هل كتب على هذه الأرملة وأبنائها أن يعيشوا في عوز وفقر إلى أن يقبض ملك الموت أرواحهم؟ أم تحدث معجزة ويتغير حالهم للافضل؟!
الأمر الآن متروك للسماء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.