بقلم / عبير مدين
عجيب أمرنا عندما نتذمر من ظالمينا الحاليين نترحم على ايام ظالمينا السابقين ونبحث عنهم وعن الحاشية الفاسدة التي كانت تحاوطهم لنرتمي في احضانهم متمنين أن تعود عقارب الساعة للخلف أو أن تحدث معجزة ويتوج الظلم القديم ملكا أو رئيسا من جديد؟! وكأننا بلا كفاءات ويجب أن ندور في نفس الدائرة للأبد!
وننسى أو نتناسى أن هذا الظلم القديم كان هو بنفسه السبب في الثورة عليه وهو من مهد الطريق للظلم الحالي الذي سوف يصبح في المستقبل زمن الظلم الجميل! إذا ظلت هذه العقليات بهذا الفكر.
لكل نظام أنصار يستفيدون من بقائه قائما وفيه من يتضررون منه وهناك من يجيدون ارتداء الأقنعة الذين يرقصون على كل الموائد ولا يترددون في تقديم أعناق غيرهم قربانا لكي يرمى أولي الأمر لهم الفتات، ولأننا في الغالب نترك الأهواء والميول تدون وتنحاز لهذا أو ذاك ظهر عندنا الإعلام الملون فهذا إعلام نظيف وهذا إعلام أصفر وآخر أسود وهكذا
هذا الإعلام من العوامل الرئيسية في صناعة الحاكم الظالم عندما يعمل القائمين عليه على حجب الاصوات المتضررة ومحاربة أي آراء معارضة وتصوير حال الشعب أنه يسبح في بحر من الانجازات ويسبح بحمد وشكر الحاكم ليلا ونهارا فيصدق ويستمر على نهجه ويستمر الوضع إلي أن توضع نقطة نهاية السطر رغما عن أنف الجميع.
عندما ينسى الجهاز الإعلامي دوره الحيادي في احتواء كل الآراء وعرض كل الأطروحات يصبح شريكا في جريمة اغتيال حق الشعوب في التعبير عن رأيها ويحكم على نفسه بالموت مع غروب شمس هذا الحكم وشروق شمس نظام جديد فلن ينسى أصحاب الرأي من اغلق بابه في وجههم يوما، ولن يغفر المواطن لمن منع صوته من الوصول للمسؤولين بحثا عن حلول لمشاكله ولن يثق في هذا الإعلام المضلل أي نظام جديد
كما أن الحاكم سوف يلعن كل من ضلله وحجب الحقائق عنه.
دور الإعلام بجناحيه المقروء والمرئي أن يقف على مسافة واحدة من جميع الأقلام وألا ينحاز لفئة دون أخرى بدعوى أن هذا يتعارض مع سياسة الدولة لأنه بهذا يتهم الدولة بكل صراحة أنها تكبت حرية الرأي والتعبير ويصبح مثل الدبة التي قتلها صاحبها عندما يحارب اي صوت معارض عن الوصول إلى المسؤولين و أولي الأمر ويسمح فقط لهؤلاء الذين يصورون صرخات المتضررين والمعارضين على أنهم مجموعة خونة ومتآمرين، وناكري الجميل!
لو كانت الحقائق وصلت كاملة للأنظمة السابقة كانوا ربما أصلحوا عيوبهم و تجنبنا خراب الثورات لكن للأسف الأهواء والميول خلال المنابر حجبت الاصوات التي كانت تتحدث للصالح العام!
اليوم نعاني من انخفاض القيمة الشرائية للعملة المحلية مع توقعات بمزيد من الانخفاض إن قوة الاقتصاد تنعكس بالضرورة على قوة العملة المحلية وعلى قيمتها الشرائية، كنا نتمنى أن تقام مشروعات إنتاجية جديدة لا أن نضطر لبيع شركات ومؤسسات المصرية لدول أخرى لتوفير العملة الصعبة ولدعم الاقتصاد
سقطت أهم القلاع الاقتصادية والإنتاجية بسبب الفساد واليوم نبحث عن استثمارات جديدة بأي طريقة
فشل الحكومة في جذب الاستثمارات كان يجب أن يحاسبها عليه مجلس النواب لكن للأسف الجميع يتعاملون أنهم موظفي حكومة المهم الحصول على رواتبهم نهاية الشهر وانتظار التعليمات.
لم يسألوا أنفسهم كيف استطاعت الإمارات أن تصبح واجهة المستثمرين من كل أنحاء العالم ؟ كيف استطاعت قطر أن تشق طريقها لكتابة تاريخ جديد لها، كيف تغيرت المملكة العربية السعودية واصبحت تعامل القوى العالمية معاملة الند لا التابع
المصيبة أن هذه الدول بذات نفسها هي التي كانت تتعاقد حتى وقت قريب مع مصريين لإدارة اقتصادها و مؤسساتها المختلفة اليوم أصبحت تشتري مؤسساتنا لتعلمنا كيفية إدارتها!!!!!!
وكل هذا اجد المتهم الأول فيه الإعلام الذي أخفى الحقائق ومجلس النواب الذي غض البصر عن إخفاقات الحكومة في النهوض بالاقتصاد والبحث لهم عن مبررات للفشل فكانت مرة نتيجة مترتبة على ثورة يناير ومرة على وباء كورونا ومرة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية لا هم لهم إلا تعويض العجز في الموازنة بالحصول على القروض من صندوق النقد الدولي مهما كانت التضحيات، وفرض مزيد من الرسوم على الخدمات والاستيراد والتصدير مع إهمال المشروعات الإنتاجية من خلال وضع حوافز حقيقية لجذب الاستثمارات الأجنبية ودعم المنتجين المحليين.
كل هذا ومازالت بعض الأبواق الإعلامية تكذب و تزيف الواقع!
على هذا الإعلام أن يفسح المجال لكل الآراء وعلى الأنظمة أن تدرك قيمة المعارضه فهي المرآة الحقيقية التي تظهر انجازات الحكومات
وعلى مجلس النواب أن يتحرك ويدرك أن وظيفته الأساسية محاسبة الحكومة لا أن يقف متفرجا عليها وهي تجلد البسطاء، أو يتفرجا معا على التجار وهم يبسطون سطوتهم على الأسواق وينهشون لحم الفقراء
الدول حولنا تتغير وتحاول أن تفرض واقعا جديدا و تسعى لزعامة المنطقة وتكتب تاريخا جديدا لها ولدول الجوار
وما لا تريد الغالبية أن تفهمه أن الزعامة لا تجتمع مع الديون.