رضي المخلوق بسخط الخالق


بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الإنسان إذا رضي الله تعالي عنه، سخر له كل شيء وأرضي عنه كل شيء، فاحذر أن ترضي مخلوقا بسخط الخالق عز وجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس” رواه الترمذى، وأن الله تعالى قد بين لنا الطريق إلى مرضاته، وكيف يصل الإنسان إلى محبته سبحانه، فقال جل شأنه في الحديث القدسي ” وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه” وهذا الحديث القدسي الذي رواه البخاري يسميه العلماء حديث الولاية، أى كيف ينال الإنسان ولاية الله، أي محبته والقرب منه، فقد بيّن الله سبحانه وتعالى فيه أن على الإنسان أن يؤدي أولا فرائض الله بنوعيها.

أى الفرائض التي كلفنا الله بفعلها، واجتناب ما كلفنا الله تعالى باجتنابه، ثم يستزيد من نوافل الأعمال بما يستطيعه، فالإكثار من النوافل سبب موصل إلى محبة الله كما أخبر الله في هذا الحديث، وبهذا تعلم أن من كان حريصا على الوصول إلى رضا الله، فإن عليه أن يتعلم ما أوجبه الله تعالى على خلقه، وما حرمه عليهم، وأن يبذل وسعه في التعرف على أنواع الخيرات التي شرعها الله تعالى لعباده من نوافل الأعمال، وهذا كله طريقه تعلم العلم النافع، فإذا تعلم المسلم هذا العلم، وأردفه بالعمل وصل بذلك كله إلى رضا الله سبحانه وتعالى، ويجب على العبد أن يجتهد في حضور مجالس العلم والذكر، وإذا لم تتمكن من الوصول إلى أهل العلم الثقاة لحضور مجالسهم فإن مواقع العلماء الأفاضل الثقاة على الشبكة العنكبوتية مملوءة بهذا المحتوى.

ومما لا شك فيه أن طلب العلم ينبغي أن يكون ممن عرفوا بالثقة والثبت فيه، وعلمت لهم القدم الراسخة في العلم، وأيضا الخوف من الله حيث يعتبر الشعور بالخوف من الصفات البشرية الثابتة، حيث يعرف الخوف اصطلاحيا بأنه توقع حدوث المكروه، فيخاف الإنسان من الفقر ويخاف المرض ويخاف المصائب، إلا الإنسان المؤمن بحق وصدق ينتقل عند اتصاله بالله تعالى، من حالة الخوف هذه إلى الخوف من الله وحده فقط، فلولا الخوف من الله عز وجل ما تاب عبد لله، ولما خضع أحد، فالخوف من الله تعالى سبب للوصول إلى السعادة في الدنيا والآخرة، والخوف من الله عز وجل خوف رجاء ورحمة على العبد أن يلتزم به، وأن لا يأمن مكر الله أو يقنط من رحمته، فكما أن من صفات الله تعالى أنه رحمن غفور.

فهو عزيز شديد الانتقام، فمن يفقد خوف الله من قلبه، سيخوض في المعاصي وتتحكم به الشهوات التي توقعه في الشبهات والحرام وارتكاب الكبائر، ويمكن تحقيق الخوف من الله تعالى من خلال الخوف من عقوبة الذنوب والمعاصي، والخوف من مكروه ومن عذاب النار، ويمكن تعزيز الخوف من الله تعالى عن طريق القيام بعدّ المعاصي فيجعل له دفترا خاصا يقوم بتسجيل الذنوب عليه، فكل ما يقع في ذنب يكتبه ويتوب عنه فورا، ولا تقتصر الذنوب على تلك الظاهرة منها مثل النميمة والغيبة، وإنما أيضا الآفات القلبية مثل الشعور بالكبر والحسد، وأيضا الحذر من ذنوب الخلوات وهي الابتعاد عن كل ما يسهل الوقوع في الذنوب والمعاصي، مثل البيئة الفاسدة أو أصدقاء السوء، والإكثار من زيارة القبور، لتذكر الآخرة وأن القبر سيكون المسكن في أحد الأيام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.