خطبة عن فضل شهر شعبان

بقلم الشيخ / عماد البية

إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله العظيم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا أحمدك يا ربي حمد الشاكرين أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من معاقبتك وأعوذ بك منك جل وجهك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك فلك الحمد يا رب حتى ترضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هو الأول فلا شيء قبله وهو الآخر فلا شيء بعده وهو الظاهر فلا شيء فوقه وهو الباطن فلا شيء دونه القائل في حديثه القدسي عبدي تأهب للقائي ففي قريب ألقاك وأقبل على خدمتي فأنا مولاك بأي عين يراني من بارزني وعصاني بأي شيء يلقاني من نسي عظمة شأنى لقد خاب من حجبته عنى إذ قربت الصادقين مني وشقي من طردته عن جنابي إذا كشفت حجابي فجليت للمتقين من أحبابي عبدي كيف تقف على بابي فأنا الكريم ولربي جناني فصيراطى مستقيم فقف بالخضوع ونادي ربك يا الله إن الكريم يجيب من ناداه وأساله مغفرة وفضلا إنه مبسوطتان ولسائليه يداه وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا يوم القيامة سيدنا محمد عبد الله ورسوله القائل في حديثه من إصبح وهمه الدنيا فرق الله عليه شمله وجعل فقره بين عينيه ولا ينال من الدنيا إلا ما قد كتبه الله له ومن إصبح وهمه الآخرة جمع الله سبحانه وتعالى عليه شمله وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة فصلاه وسلاما عليك سيدي يا رسول الله عليك وعلى إله وأصحابك الأخيار من المهاجرين والأنصار ورضي اللهم عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أما بعد في يا إخوه الإيمان والإسلام ألا إن لكم في إيام دهركم لنفحات ألا فتعرضوا لها لعله أن تصيب أحدكم نفحة فلا يشقى بعدها أبدا فلقد أظلنا شهر كريم من الشهور الإسلاميه ألا وهو شهر شعبان هذا الشهر المبارك ترفع فيه أعمال العباد إلى رب العباد جل في علاه ولذلك قال يحيى بن معاذ إن شعبان خمسة أحرف يعطى بكل حرف منه عطية للمؤمنين بالشين الشرف والشفاعةوبالعين العزة والكرامة وبالباء البر وبالألف الألفة وبالنون النور فقد كان الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه يكثر فيه من القيام والعبادة فقد كان صلوات الله وسلامه عليه يكثر فيه من الصيام فتقول عائشه أم المؤمنين رضوان الله عليها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم في شهر شعبان حتى نقول إنه لا يفطر وكان يفطر حتى نقول أنه لا يصوم فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صياما منه إلا في شعبان وقد ساله الحب من الحب أسامة بن زيد رضي الله عنه فقال له يا رسول الله لم أراك تصوم مثلما تصوم في هذا الشهر فماذا قال له الحبيب محمد قال له يا أسامة ذاك شهر يغفر الناس عنه بين رجب رمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العباد فأحب أن يرفع عملي إلى الله وأنا صائم وقد خصا رسول الله صلى الله عليه وسلم شهر شعبان بالصوم لأنه من أفضل القروبات إلى الله جل في علاه وهو العمل الوحيد من أعمال المرء التي لا يطلع عليها إلا الله فهو سر بين العبد وربه والله سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسي كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به… ولذلك يروى أنه إذا كان يوم القيامة يوم الحسرة والندامة جاءوا أناس لهم أجنحة كأجنحة الطير يطيرون بها على حيطان الجنة فتتلقاهم الملائكة فتقول لهم هل رأيتم الحساب فيقولون لا هل رأيتم الصراط فيقولون لا فيقولون لهم بما وجدتم هذه الدرجات فيقولون عبدنا الله سبحانه وتعالى سرا في الدنيا فادخلانا الله سبحانه وتعالى الجنة سرا في الآخرة.. وقد شاءت حكمة الله سبحانه وتعالى أن.يفضل بعض الأنبياء على بعض فقال تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض وفضل الشهور بعضها على بعض فجعل شهر رمضان أفضل الشهور وفضل بعض الأماكن بعضها على بعض ففضل مكة المكرمة لما فيها من أول بيت وضع للناس للذي ببكة وفضل بعض الأيام على بعض فجعل يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع وفضل يوم عرفه على سائر أيام العام كله وفضل بعض الليالي بعضها على بعض ففضل ليله القدر على سائر ليالي العام كله ومن الليالي التي فضلها الله سبحانه وتعالى ليلة النصف من شعبان هذه الليلة التي أمر الله سبحانه وتعالى فيها حبيبه ومصطفاه محمد بأن يتجه في صلاته إلى الكعبة المشرفة بدلا من بيت المقدس فقد كان المسلمون يتجهون في صلاتهم إلى بيت المقدس وكان صلى الله عليه وسلم تتشوق نفسه إلى التوجه إلى بيت الله الحرام وإلى الكعبةالمشرفة لأنها قبلة الخليل إبراهيم عليه السلام وهي أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى في محكم آياته على أعتاب الآية 144 من سورة البقرة فقال سبحانه قد نرى تقلب وجهك في السماء فلا نولينك قبلة ترضاها فقد كان هذا الحدث من الأحداث التي يختبر الله سبحانه وتعالى بها عباده المؤمنين ليعلم منهم من يمتثل لأمر الله سبحانه وتعالى ولذلك قال الحق وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه ولكي يخالف المسلمون المشركين قبل الهجره بتوجههم إلى بيت المقدس ويخالفون اليهود بعد الهجرة بتوجههم إلى الكعبة المشرفة ولكي يحوز المسلمون شرف التوجه إلى القبلتين ثم بين الله سبحانه وتعالى أن الحكمة ليست في التوجه إلى بيت الله الحرام أو إلى بيت المقدس فطاعه لله سبحانه وتعالى ولكي يظهر الله سبحانه وتعالى دينه ويبين صدق رسوله فقد كان النصارى يقولون ما بالي هذا النبي يدعي ملة إبراهيم ويخالف قبلته وكان اليهود عليهم لعنة الله يقولون ما بالي هذا النبي يسفه ديننا ويتبع قبلتنا فكان هذا مؤيدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وموافقا لما في كتب اليهود والنصارى فقال بعض السفهاء من المشركين ما لهؤلاء المسلمين لا يستقرون على قبلة فأنزال الله سبحانه وتعالى قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم أي إن الحكم والتصرف والأمر كله لله فأينما تولوا فسمى وجهه الله وقد أخبر الله سبحانه وتعالى بما سيقولونه هؤلاء وقدرماهم الله سبحانه وتعالى بالسفه فقال سبحانه سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها كل الله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط المستقيم… ثم أنزل الله سبحانه وتعالى بعد ذلك ليقول لهؤلاء ليس البر بأن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب أي لا تجعلوا كل البر بالتوجه في الصلاة تجاه بيت المقدس أو تجاه بيت الله الحرام ولكن البر من أمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب وآت المال على حبه ذو القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتوا الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في الباساء والضراء وحين الباس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون الآيه 177 البقرة هذه الأيات تؤكد أن الخلاف ليس في مسالة اتجاه الصلاة فالحق يقول لهم لا تجعلوا أمر الاتجاه إلى الكعبة هو كله البر إنما الحكمة في الأمتثال لأمر الله سبحانه وتعالى الواحد القهار ففي هذا الشهر شهر شعبان أنزل الله سبحانه وتعالى فيه على حبيبه محمد أن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. يا كل الحبيب محمد صلى اللهعليه وسلم في حديثه إذا كانت ليله النصف من شعبان نزل الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا ونادى هل من داعي فأستجيب له هل من سائل فاعطيه مسألته هل من تائب فاتوب عليه هل من مستغفر فأغفر له هل من كذا هل من كذا حتى تطلع الشمس أو كما قال التائب من الذنب حبيب الرحمن فاستغفره إنه كان غفورا رحيما..
الخطبة الثانية الحمد لله يحب التائب ويقبل الأيب وليس لديه بواب إذا قال العبد يا ربي لقد أذنبت فيقول له الله سبحانه وتعالى وأنا يا عبدي قد سترت فإذا قال العبد يا رب لقد تبت إليك وندمت فيقول له وأنا يا عبدي قد قبلت من الذي جاء إلى بابنا فطردناه من الذي مد يده إلينا فما أجبناه فلا تخضعن لمخلوق على طمع فإن ذلك نقص منك في الدين لا يقدر العبد أن يعطيك خردلة إلا بإذن الذي سواك من طين وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا يوم القيامة سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه القائل في حديثه الذي رواه أبو هريرة إذا كانت ليلة النصف من شعبان فتحت أبواب السموات السبع ووقف على كل باب ملائكة يستغفرون الله سبحانه وتعالى للمسلمين فيغفر الله لكل مسلم إلا من كان مصرا على كبيرة وصلاة وسلاما عليك سيدي يا رسول الله ورد اللهم عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أما بعد إخوه الإيمان والإسلام يقول الحق تبارك وتعالى وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله.. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حكيما في أقواله كريما في طباعه وأخلاقه وقد روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت كانت ليلتي من رسول الله صلى اللهعليه وسلم فدخل في الفراش حتى نمت ثم استيقظت فلم أجده في فراشي فقمت فوجدته يصلي فخفف في القيام ثم ركع ثم سجد فطول سجوده إلى نصف الليل ثم قام إلى الثانية كذلك ثم سجد حتى كاد الفجر إن يطلع فظننت أنه قد قبض فوضعت يدي على قدميه فحمت الله فسمعته يقول إلهي سجد لك سوادي وآمن بك فؤادي هذه يدي التي جنيت بها على نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من معاقبتك وأعوذ بك منك جل وجهك لا أخشي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك فلك الحمد يا رب حتى ترضى… فهي ليله مباركة يفرق فيها كل أمر حكيم فيقول الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم يكتب في ليلة النصف من شعبان اسم من يولد ومن يموت ومن يقف بعرفة تلك السنة وإن الرجل ليتزوج وليبني البنيان وقد خرج اسمه في ديوان الموتى.. هو في الحديث الذي رواه البيهقي من رواية عائشة وهذا الحديث هو الذي أستدل به الفقهاء أن المرأه لا تنقض وضوء زوجها فلما رفع راسه من السجود وفرغ من صلاته قال يا عائشة أو يا حميراء أظننت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خاس بك أي غدر بك ولم يوفك حقك قالت لا والله يا رسول الله ولكني ظننت أنك قبضت لطول سجودك فقال أتدرين أي ليلة هذه قالت الله ورسوله أعلم قال هذه ليلة النصف من شعبان إن الله سبحانه وتعالى يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان فيغفر للمستغفرين ويرحم المسترحمين ويؤخر أهل الحقد كما هم… فإن الحقد هو إضمار السوء والتحفز للإيذاء يقطع الصلات ويملا القلوب ظلمات فلا يحق صاحبه مغفرة ولا رحمة… وقد قال الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه في الحديث الذي رواه أحمد في مسنده من رواية بن عمر إن الله سبحانه وتعالى يطلع على عباده أو على خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لعباده إلا اثنين مشاحن وقاتل نفس والمشاحن هو المخاصم الذي يضمر الحقد لاخيه المسلم وإنه لمحروم من المغفرة جميع الأوقات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجل كان بينه وبين أخيه شحناء فيقول اتركوا هذين حتى يصطلح رواه مسلم فاتقي الله أخا الإيمان والإسلام واستقبل تلك الليلة بتوبة خالصة لله سبحانه وتعالى من جميع الذنوب وقم ليلها بذكر الله وما تيسر لك من الصلاة وقراءة القرآن والدعاء وصم نهارها وهو يوم الخامس عشر من شعبان آخر الأيام البيض وأضف إليه اليومين قبله الثالث عشر والرابع عشر لتكون صائم الأيام البيض الثلاثة من شهر شعبان المبارك فمن صامهما فكأنما صام الشهر كله فإن الحسنة بعشر أمثالها الله سبحانه وتعالى يقول من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ندعوا الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا صالح أعمالنا وأن يغفر لنا ذنوبنا ويرزقنا التوبة النصوح ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتوب علينا يا مولانا إنك أنت التواب الرحيم واجعلنا من الذين تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحياتهم فيها سلام وآخر دعواهم الحمد لله رب العالمين وأقم الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.