بقلم الشيخ/ عماد البية
الحمد لله رب العالمين يا رب لا تدع لنا في هذا اليوم العظيم ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجتة ولا دينا إلا قضيته ولا مريضاً إلا شفيته ولا ميتا إلا رحمته ولا غائبا إلا وإلى أهله سالما غانماً لرددته اللهم ارزقنا الحلال وبارك لنا فيه ولو كان قليلا.وباعد بيننا وبين الحرام كما بعدت بين المشرق والمغرب اللهم استرنا بسترك الجميل الذي سترت به نفسك فلا يراك.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل في الحديث القدسي الجليل يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك يا بن آدم لو أتيتني بتراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك به شيئا لأتيتك بترابها مغفرة يا رب رضاك خير من الدنيا وما فيها يا مالك النفس قاصيها ودانيها فليس للنفس آمال تحققها إلا رضاك فإذا أقصى أمانيها فنظرة منك يا سؤلي ويا أملي خير لي من الدنيا وما فيها وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا يوم القيامة سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه القائل في حديثه إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها فصلاة وسلاماً عليك سيدي يا رسول الله عليك وعلى آلك وأصحابك الأخيار وأصحابك الأخيار من المهاجرين والأنصار وارض اللهم عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أما بعد إخوه الإيمان والإسلام إن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فاستمع معي إلى الواحد القهار وهو يقول سبحانه كل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمه الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم.. فمن رحمة الله سبحانه وتعالى بنا أن.فتح باب الأمل والرجاء أمام المخطئين ليتوبوا فعن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أظله بأرض فلا أي وجد بعيره بعد أن فقده في صحراء وذلك يعني المزيد من رضوان الله للتائبين أن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه (كان في من كان قبلكم رجلا قتل 99 نفسا فسال عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب عابد من بني إسرائيل فأتاة فقال إنه قتل 99 نفسا فهل له من توبه؟ فقال لا فكمل به مائة ثم سال عن أعلم من أهل الأرض تدل على رجل عالم فقال إنه قتل 100 نفس فهل له من توبة فقال نعم ومن الذي يحول بينه وبين التوبة؟انطلق إلى أرض كذا وكذا أي إلى قرية نصرة فإن بها أناسا يعبدون الله تعالى فأعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك أي إلى قرية كفره فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا انتصف الطريق آتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة جاء تائبا مقبلا بقلبه على الله تعالى أي بتوبة صادقة إلى الله إذاً محل التوبة القلب وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط فآتاهم ملك في صورة أدمي فجعله بينهم أي حكما فقال قيسو ما بين الأرضين فإلى أيهما كان أقرب فهو من أهلها فأوحى الله سبحانه وتعالى إلى هذه التي كان فيها أنت باعدي وإلى هذه التي انطلق إليها أن تباعدي فقاسوا فكان أقرب إلى القرية الصالحة بشبر فجُعل من أهلها فغفر الله له فقبضته ملائكة الرحمة فانظر إلى هذا الرجل مع فظاعة جرمهُ وعدم فعله الخير فاز بحسن الخاتمة وحسن العاقبة لأنه أصلح النية لله سبحانه وتعالى ونوي أن يفعل الخير ولكن حال بينه وبين ذلك الموت لذلك قال الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إمرأه ينكحها فهيجرته إلى ما هاجر إليه ولذلك روى سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال كان فينا رجل خطب إمرأة كان يقال لها أم قيس فأبت أن تتزوجها حتى يهاجر فهاجر فتزوجها فكنا نسميه مهاجر أم قيس وما نال ذلك الرجل ثواب المهاجرة إلى الله من مكة إلى المدينة لأنه لم ينوي ذلك (فإنما يبعث الناس على نواياهم ولذلك قال الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم )ولقد رأى رجلا أن نفسه قد غلبته وأسرف على نفسه في المعاصي فذهب إلى طبيب القلوب الزاهد إبراهيم بن أدهم وطلب منه أن يعرض عليه ما يكون زجرا للمعاصي فقال له سيدنا إبراهيم إن قدرت على خمس خصال لم تكن من العاصين أبدا قال الرجل هات الأولى هات ما عندك 1. فقال له إبراهيم بن أدهم إذا أردت أن تعصي الله فلا تأكل من رزقه فتعجب الرجل ثم قال كيف تقول ذلك يا إبراهيم والأرزاق كلها بيد الله سبحانه وتعالى قال له أيجدر بك أن تأكل من رزقه وتعصاه قال لا يا إبراهيم. هات الثانية 2. قال له الزاهد إبراهيم بن أدهم إذا أردت أن تعصي الله سبحانه وتعالى فلا تسكن بلاده فتعجب الرجل ثم قال كيف ذلك والبلاد كلها ملك لله فقال له سيدنا إبراهيم إن كنت تعلم ذلك فهل يجدر بك أن تسكن بلاده وتعصاه قال لا هات الثالثة 3 قال له الزاهد إبراهيم بن أدهم إذا أردت أن تعصي الله فانظر مكانا لا يراك فيه الله فاعصيه قال كيف تقول ذلك يا إبراهيم والله سبحانه وتعالى يعلم السر وأخفى يعلم دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء وقال له إن كنت تعلم ذلك فهل يجدر بك أن تعصاه قال له لا. هات الرابعة 4 قال له إبراهيم بن أدهم إذا جاءك ملك الموت ليقبض روحك فقل له أخرني إلى أجل معدود فقال له الرجل كيف ذلك يا إبراهيم والله سبحانه وتعالى يقول فإذا جاء أجلهم لا يستاخرون ساعه ولا يستقدمون فقال له إذا كنت تعلم ذلك فكيف ترجو النجاه قال نعم يا إبراهيم هات الخامسة 5 فقال له الزاهد إبراهيم بن أدهم إذا جاءتك ملائكة جهنم أو زبانية جهنم ليأخذوك إلى جهنم فلا تذهب معهم فما كان من الرجل يستمع إلى هذه الخمسة حتى قال باكيا كفى يا إبراهيم أنا استغفر الله وأتوب إليه ولازم العبادة حتى مات لذلك يقول الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه إني استغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من 100 مرة أو كما قال فاستغفروه إنه كان غفورا رحيما..
الخطبة الثانية الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب الطول لا إله إلا هو إليه المصير وأشهد أن لا إله إلا الله يحب التائب ويقبل الهايب وليس لديه بواب ولا حاجه إذا قال العبد يا ربي لقد أذنبت فيقول له الله سبحانه وتعالى وأنا يا عبدي قد سترت فإذا قال العبد يا رب لقد تبت إليك وندمت قال له الله وأنا يا عبدي قد قبلت من الذي جاء إلى بابنا فطردناه من الذي مد يده إلينا فما أجبناه النفس تبكي على الدنيا وقد علمت أن السلامة فيها ترك ما فيها لا دار للمرء بعد الموت يسكنها إلا التي كان قبل الموت بانيها فإن بناها بخير طاب مسكنها وإن بناها بشر خاب بانيها وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا يوم القيامة سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه الذي كان كثير الاستغفار فكان يستغفر الله سبحانه وتعالى في جميع أحواله وفي جميع أحيانه كما قالت الحميراء عائشة رضوان الله عليها فصلاة وسلاماً عليك سيدي يا رسول الله وارض اللهم عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أما بعد فقد روي أن شابا من بني إسرائيل عبد الله سبحانه وتعالى 20 سنه ثم عصاه 20 سنه أخرى فنظر في المرأه فرأى الشيب في لحيته فساءه ذلك فرفع رأسه إلى السماء وقال إلهي وسيدي عبدتك عشرين سنه وعصيتك 20 سنه فإذا رجعت إليك هل تقبلني فسمع صوتا يقول له ولم يرى شخصه أحببتنا فأحببناك وتركتنا فتركناك وعصيتنا فأمهلناك وإن رجعت إلينا قبلنا وقد ورد أن ما من صوت أحب إلى الله سبحانه وتعالى من صوت عبد مذنب يقول يا رب فيقول له الله لبيك عبدي سل ما تريد أنت عندي كبعض ملائكتي وأنا عن يمينك وأنا عن شمالك وأنا من فوقك وقريب من ضمير قلبك أشهدوا يا ملائكتي أني قد غفرت له ولذلك قال الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي الجليل الذي رواه مسلم من روايه أبو ذر يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني فاغفر لهم…. ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا تاب العبد تاب الله عليه وأنسى الحفظة ما كتبوا عليه من مساوئ عمله وأنسى جوارحه ما عملت من خطايا وأنسى مكانه من الأرض ومقامه من السماء ليجيء يوم القيامة وليس عليه شاهد من خلق الله بذنب وعن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبىُ فإذا بامرأة مين السبي تبحث عن صبيها وكان ضائعا فلما وجدته أخذته فالصقته إلى صدرها وأرضعته فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أترون هذه طارحةَ ولدها في النار؟قلنا لا والله وهي تقدر إلا تطرحه فقال صلى الله عليه وسلم لله أرحم بعباده من هذه بولدها وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة إن إمرأة قابلت سيدنا أبا هريرة وقالت له وهو خارج من المسجد من صلاة العشاء إلي إليك حاجة فقالت له أني إمرأه فقيره معدمة لا عائلة لي ولا كسب لي ولا عقار لي وقد أرغمتني الأيام اجبرتني الضرورة على أن أبيع عرضي في سوق المعصية والفساد ولقد زنيت وحملت في الحرام ثم جئت بولد فلما خفت العار قتلته وأنا الآن نادمة على ما كان مني وأريد أن أتوب إلى الله وأرجع فهل لي من التوبة وهل يقبلني الله فقال لها وتلى عليها (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقى أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم وكان الله غفورا رحيما قالت من شدة الفرح يا أبا هريرة إن لي حديقة أعيش منها من نخلها وأكل من ثمارها وأنا أشهدك وأشهد الله ورسوله أنها صدق على فقراء المسلمين ولذلك قال الحق سبحانه وتعالى في الحديث القدسي الجليل الذي رواه البخاري من روايه أبي هريرة إن رحمتي غلبت غضبي أو سبقت غضبي.. وقد قال الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه في الحديث الذي رواه أحمد في مسنده من حديث جابر بن عبد الله إن من السعادة أن يطول عمر العبد ويرزقه الله اإنابة وهي الرجوع إلى الله بالتوبة والإخلاص ندعو الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا قبل الموت توبة وعند الموت شهادة وبعد الموت جنة ونعيماً اللهم ارحم المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع مجيب الدعوات يا رب العالمين ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد وإقم الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً