حناطة الحميري يساوم عبد المطلب


بقلم / محمـــد الدكـــروري

قيل أنه عندما جاء حناطة الحميري وهو رسول أبرهه الحبشي إلي عبد المطلب بن هاشم، حيث أن أبرهه أمره أن يأتيه بأشرف أهل قريش، وأن يخبره أن الملك لم يجئ لقتالكم إلا أن تصدوه عن البيت، فدل على عبد المطلب بن هاشم، وبلغه عن أبرهة ما قال، فقال له عبد المطلب والله ما نريد حربه، وما لنا بذلك من طاقة، هذا بيت الله الحرام، وبيت خليله إبراهيم عليه السلام فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه، وإن يخلى بينه وبينه، فوالله ما عندنا دفع عنه، فقال له حناطة فاذهب معى إليه، فذهب معه، فلما رآه أبرهة أجله، وكان عبد المطلب رجلا جميلا حسن المنظر، ونزل أبرهة عن سريره، وجلس معه على البساط، وقال لترجمانه قل له حاجتك ؟ فقال للترجمان إن حاجتى أن يرد على الملك مائتى بعير أصابها لى.

فقال أبرهة لترجمانه قل له لقد كنت أعجبتنى حين رأيتك، ثم قد زهدت فيك حين كلمتنى، أتكلمنى فى مائتى بعير أصبتها لك، وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه، لا تكلمنى فيه؟ فقال له عبد المطلب إنى أنا رب الإبل، وإن للبيت ربا سيمنعه، قال ما كان ليمتنع منى، قال له عبد المطلب أنت وذاك، ويقال إنه ذهب مع عبد المطلب جماعة من أشراف العرب فعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة على أن يرجع عن البيت، فأبى عليهم، ورد أبرهة على عبد المطلب إبله، ورجع عبد المطلب إلى قريش فأمرهم بالخروج من مكة والتحصن فى رءوس الجبال، تخوفا عليهم من معرة الجيش، ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة، وقام معه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه على أبرهة وجنده.

وقال عبد المطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة” اللهم إن المرء يمنع رحله فامنع حلالك لا يغلبن صليبهم ومحالهم غدوا محالك” وقال ابن إسحاق ثم أرسل عبد المطلب حلقة الباب، ثم خرجوا إلى رءوس الجبال، وذكر مقاتل بن سليمان أنهم تركوا عند البيت مائة بدنة مقلدة، لعل بعض الجيش ينال منها شيئا بغير حق، فينتقم الله منه، فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة وهيأ فيله وعبأ جيشه، فلما وجهوا الفيل نحو مكة أقبل نفيل بن حبيب حتى قام إلى جنبه ثم أخذ بأذنه وقال “ابرك محمود وارجع راشدا من حيث جئت، فإنك فى بلد الله الحرام” ثم أرسل أذنه، فبرك الفيل، وخرج نفيل بن حبيب يشتد حتى أصعد فى الجبل، وضربوا الفيل ليقوم فأبى، فضربوا فى رأسه بالطبرزين وأدخلوا محاجن لهم فى مراقه فبزغوه بها ليقوم.

فأبى فوجهوه راجعا إلى اليمن فقام يهرول، ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك ووجهوه إلى مكة فبرك، وإذ هم في انشغالهم حتى خرجت طيور من البحر تحمل ثلاث حجارة، واحدة في مناقيرهم وإثنتان في أرجلهم أصابت جميع الجيش فحاولوا الفرار وسألوا الخثعمي طريق العودة وأورد أهل الأخبار بيتا شعريا منسوبا إليه جاء فيه” أين المفر والإله الطالب والأشرم المغلوب غير الغالب” ويقول الطبرى، أنهم خرجوا يتساقطون بكل طريق، ويهلكون على كل منهل، فأصيب أبرهة في جسده، وخرجوا به معهم، فسقطت أنامله أنملة أنملة، كلما سقطت أنملة أتبعتها مدة تمث قيحا ودما، حتى قدموا به صنعاء، وهو مثل فرخ الطير، فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه فيما يزعمون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.