حقيقة الحب بين الجنسين وحدوده الشرعية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا، أحمده سبحانه على كل فضل وأشكره على كل نعمة، وأتوب إليه وأستغفره إعلانا وسرا، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له أحاط بكل شيء خبرا، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله أعلى الناس منزلة وقدرا، وأوصلهم رحما وبرا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد إنه لا بد من معرفة الأصول والقواعد، ومن لم يعرف الأصول حرم الوصول، وكثير من طلبة العلم تجده يحفظ مسائل كثيرة لكن ليس عنده أصل، ولو تأتيه مسألة واحدة شاذة عما كان يحفظه ما إستطاع أن يعرف لها حلا، لكن إذا عرف الضوابط والأصول إستطاع أن يحكم على كل مسألة جزئية من مسائله.

ولهذا فأنا أحث إخواني على معرفة الأصول والضوابط والقواعد لما فيها من الفائدة العظيمة، وهذا شيء جربناه، وشاهدناه مع غيرنا على أن الأصول هي المهم، ومن خلال التفقه في العلم تجد كل الخير في كلام من سلف ولهذا تجد العلماء السابقين يتكلم أحدهم بنحو سطرين أو ثلاثة فتحصل منها على خير كثير، وإن من بين متطلبات وجود الإنسان في الحياة هو الثقافة الجنسية التي يحث عليها الإسلام كما يحث علي أية ثقافة، بشرط أن تتم بقدر فهم الفتى والفتاة لهذه الأمور وفي إطار المبادئ الإسلامية وبما لا يتناقض مع روح الإسلام العامة، ويجب أن ننتبه إلى أن هذه الثقافة إذا أهملت سيحدث الجهل بها آثارا ضارة وإذا أبيحت على الإطلاق ستحول المجتمع إلى مجتمع غربي أو أمريكي.

وهذا لا يناسب ديننا وآدابنا وتقاليدنا على الإطلاق، ومن هنا يجب على المعلم أن يهتم بتعليم التلاميذ بعض الأمور الخاصة بأحكام الأسرة، والوضوء والغسل والختان، والحيض والنفاس، والودي والمذي والمني، وعورة الرجل وعورة المرأة، وما يباح إظهاره من جسد كل واحد منهما للآخر، وما يجوز فعله بين الرجل والمرأة الأجنبية وما لا يجوز، وميل قلب كل منهما للآخر، وحقيقة الحب بين الجنسين وحدوده الشرعية، وكل ذلك بأسلوب سهل ونظيف وبعيدا عن الإثارة، مع التأكيد للتلاميذ على أن السعادة الحقيقة للإنسان لن تتحقق في الدنيا وقبل الآخرة إلا بالوقوف عند حدود الله ورسوله وعدم التعدي عليها، والأفضل أن لا يتم تدريس الثقافة الجنسية كمادة منفصلة،لأن ذلك سيلفت الإنتباه ويتضمن لونا من الإثارة للتلاميذ في العنوان ذاته.

ولكن يمكن تدريس الثقافة الجنسية في إطار مادة العلوم الطبيعية حتى لا يتم التركيز على جزئية التمتع والإثارة وإشباع الرغبات وإهمال باقى أجهزة الجسم، كما يمكن تدريسها في إطار مادة العلوم الإسلامية التي نتمنى أن لا تحذف من المنهاج الدراسي من طرف أعداء العربية، والدين نتمنى أن تصبح مادة أساسية في كل أطوار الدراسة، كما يمكن أن تقسم إلى جزء يدرس ضمن الدين وهو ما يتصل بفقه الطهارة والغسل والفقه وغيرها من الأمور الفقهية، وجزء يدخل في مادة العلوم وهو ما يتصل بوظائف الأعضاء التناسلية للرجل والمرأة، أما إذا تجاوزنا الحد الأدنى من هذه الثقافة، فإنني أخاف أن يصبح الأمر دعوة لتفتيح الأذهان ونشرا لما لا يحمد عقباه في أوساط التلاميذ من الجنسين والعياذ بالله تعالى، فلا بد من تأهيل الأستاذ والأستاذة لتدريس هذه المادة من طرف الدولة إذا أرادت بالنشء خيرا.

وإلا فعلى الأستاذ تقع مهمة تأهيل نفسه بنفسه لتدريس هذه المادة، لأن دور الأستاذ في هذا المجال مهم جدا وخطير جدا، ومن جهة أخرى لابد أن يكون الأستاذ الذي يتحدث مع التلاميذ عن الثقافة الجنسية على خلق ودين حتى لا يضل ولا يكون سببا في الإضلال، وكما أنبه إلى أن التثقيف الجنسي فائدته ستكون أعظم إذا تم في إطار الأسرة، وأما إذا تم في المؤسسة التعليمية فأخشى أن يساء إستخدامه، ويمكن للأستاذ أن يستغل البعض مما يراه في القسم أو ما يسمعه لينصح التلاميذ وليوجههم إلى ما فيه خيرهم، دينا ودنيا حاضرا ومستقبلا، ما تعلق بدراستهم وما تعلق بالحياة العامة مع مراعاة الإقتصاد والإختصار وعدم تضييع وقت الدراسة على التلاميذ ويفعل الأستاذ هذا مهما كانت المادة التي يدرسها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.